توضح الصورة: رسم تخيلي للمنظومة SS 433. المصدر: ناسا
يُعتقد أن العديد من الثقوب السوداء (black holes) مُحاطٌة بأقراص تعاظم مكونة من المادة التي أسرتها جاذبية الثقب الأسود، والتي تدور بشكلٍ حلزوني نحو أفق حدثه (event horizon).
وأقراص التعاظم فوق الحرجة (SCADs) هي تلك الأقراص التي تمتلك معدلات تراكم للكتلة تفوق حد ادينغتون (Eddington limit) - وهو حد يصف السطوع الأعظمي المحتمل لجسم عالي الطاقة عندما تكون قوة الإشعاع الخارج منه متوازنة مع جاذبيته.
تُصدر الأقراص، التي تزيد كتلها عن حد ادينغتون والتي تُعرف حينها بـ(SCADs)، رياحاً نجمية فائقة الشدة وصادرة عن طبقاتها الخارجية؛ ويعتبر SS 433 المُراكم فوق الحرج الوحيد المعروف في درب التبانة، وهو عبارة عن نظام نجمي ثنائي مكسوف وغريب جداً، ومن المرجح أن يكون الجسم الرئيسي فيه عبارة عن ثقب أسود. أما مرافقه الثانوي فيُعتقد أنه نجم من النوع A وذلك بالاعتماد على طيفه الضوئي.
يفقد المرافق الثانوي في نظام SS 433 كتلته التي تتجه نحو قرص التعاظم أثناء توجهها بشكلٍ حلزوني نحو الجسم الرئيسي في النظام، مما يؤدي إلى إبطاء عملية استهلاكها؛ ومن جهته فإن قرص التعاظم، والذي يتحرك بشكلٍ حلزوني نحوم الجسم الرئيسي، يصبح فائق التسخين ويُصدر أشعة سينية شديدة.
لطالما ذُهل علماء الفيزياء بالطبيعة الغريبة لـ SS 433، وبشبهه القوي بمصادر الأشعة السينية فائقة السطوع (ULXs)، والتي تُمثل مصادر فلكية للأشعة السينية. وهي أقل لمعاناً من النوى المجرية النشطة، لكنها أكثر لمعاناً من أي عملية نجمية معروفة، فهي مصادر للأشعة السينية تزيد حدود لمعان ادينغتون للنجوم النيوترونية (neutron stars)، والثقوب السوداء نجمية الكتلة (stellar black holes).
وقد قام فريق من الباحثين من روسيا واليابان مؤخراً بمقارنة الأطياف البصرية لمصادر الأشعة السينية فائقة السطوع مع SS 433، وقدروا أن مصادر الأشعة السينية ذات السطوع المكافئ لـ 1040 erg S - 1 تقريباً تتسق مع كونها نوعاً متجانساً من الأجسام التي من المرجح أنها تمتلك SCADs، ونشروا نتائجهم في مجلة Nature Physics.
تمتلك أكثر نماذج مصادر الأشعة السينية شعبية، إما ثقوباً سوداء متوسطة الكتلة لديها أقراص تعاظم قياسية، أو ثقوب سوداء نجمية الكتلة بقرص تعاظم يزيد سطوعه عن حد إدينغتون.
ومن غير الممكن الفصل بين تلك النماذج بالاعتماد على بيانات الأشعة السينية لوحدها، ولذلك حوّل الباحثون نظرهم إلى التحليل الطيفي لإيجاد معلومات فريدة تتعلق بمصادر الأشعة السينية فائقة السطوع (ULXs)؛ وباستخدام تلسكوب "سوبارو" التابع للمرصد الوطني الياباني لعلم الفلك الراديوي، والموجودة في مرصد "ماونا كيا" بهاواي، والذي يبلغ قطر مرآته 8.2 متراً، فقد استخلص الباحثون بيانات طيفية عالية الجودة عبر دراسة عدد من مصادر ULXs.
توصل الباحثون إلى أن أطياف الـ ULXs؛ كانت مشابهة كثيراً لنجوم "وولف - رايت" النيتروجينية (WNLs)، التي تُعاني من إصدار واسع للنتروجين المؤين والهليوم والكربون؛ وتمتلك تلك النجوم سطوحاً بدرجات حرارة مرتفعة جداً، وتصدر عنها رياح نجمية شديدة.
تشبه أطياف ULXs أطياف النجوم المتحولة الزرقاء اللامعة (LBVs) الموجودة في المراحلة المضغوطة من عملية التطور النجمي. وبسبب الظروف الفيزيائية الموجودة في قرصها، فهي قد تشابه نجوم WNL، كما أن لـ SS 433 شبهاً كبيراً بـ ULXs.
يقول المؤلفون: "لم يتم أبداً في السابق رصد مثل هذه الأطياف، التي تتمتع بلمعان قوي عند مجال خطوط إصدار He II، قادمةً من ثنائيات الأشعة السينية الحاوية على ثقب أسود نجمي الكتلة - عدا نظام SS 433 وتلك الأنظمة التي لديها نجوم من نوع WNL، حيث تفقد النجوم الثانوية في تلك الأنظمة كتلتها لصالح النجوم الرئيسية". كما استبعد الباحثون عدداً من الحالات النجمية، وشمل ذلك الـ ULXs و"المانحين" من نوع WNL الذين يعانون من وجود رياح نجمية في الأطياف المرصودة.
وقد وُجد أن السرعة النهائية للرياح تُحدد بالاعتماد على الجاذبية السطحية، مما يجعل من الصعب جداً تفسير التغير السريع في عرض الخط الإصداري He II الموجود في الأطياف المسجلة، واستنتج المؤلفون أن SS 433 هو في الواقع نفس ULXs، لكنه موجود في حالة متطرفة جداً وتتمتع بمعدل تعاظم مرتفع جداً للكتلة، وهو ما يُفسر وجود التدفقات الخارجية الدائمة والصادرة عن ذلك الجسم.