عباءة الزمكان

معظم عباءات الحجب الموجودة مصمّمة لحجب الأشياء عن الرؤية. ولكن كما يفسّر مارتن ماكول Martin McCall وبول كينسلر Paul Kinsler، فإنه من الممكن أيضاً صنع عباءة "زمكانيّة" تسمح بجعل أحداث مُختارة غير قابلة للكشف، ومثاليّة لسرقة البنوك.



إنّ نظرتنا للعالم محدّدة بما تراه أعيننا، ما تسمعه آذاننا وما تشمّه أنوفنا، أو بما اصطلحه الفيلسوف برتراند راسل Bertrand Russell "بيانات الإحساس" (sense data). ولكننا نعلم من بعض الخدع البصريّة البسيطة أن أعيننا يمكن أن تُخدع –إذ لا تظهر الأشياء دائماً كما تبدو فعلياً. على أيّ حال، فالتقنيات التي طوّرها العلماء مؤخراً للتلاعب بالطريق الذي يتّبعه الضوء والإشعاعات الكهرومغناطيسية الأخرى هي ليست مجرّد خدع بصرية:
إنّها متقدّمة حقّاً حيث يمكنها أن تقدم بعض التأثيرات المفيدة والمذهلة.

 


سنتمكن عبر صنع "المواد الخارقة" (metamaterials) المصمّمة خصيصاً لهذة التقنية، من إنشاء نسخة أوليّة لعباءة التخفي الخاصة بهاري بوتر. عند حرف الضوء حول جسم ما سيمكننا بعد تخطي الجسم إعادة دمج الضوء بسلاسة -يشبه هذا الأمر تدفق الماء حول جذع شجرة في النهر، أو افتراق السيارات إلى أحد طرفي الجزيرة المروريّة-. إنّ حواسنا مدمَّرَة وقاصرة، ليس بسبب وقوعها تحت تأثير خدعة، بل لأن أعيننا ستستقبل الضوء الناتج نفسه كما لو لم يكن الجسم موجوداً هناك. عبر تغيير مسارات الأشعة الضوئيّة في الفضاء لإخفاء جسم ما في موقع محدّد، بإمكاننا صنع ما يدعى "عباءة الحيز" (spatial cloak).



ولكن تخيّل لو كان بإمكاننا صنع عباءة يمكنها أن تعمل ليس فقط في المكان بل في الزمان أيضاً. لفهم كيف يمكن لعباءة "زمكان" كهذه أن تعمل، اعتبر بنكاً يحتوي على خزنة مملوءة بالمال. مبدئيّاً، كل الضوء الوارد يتشتت قبالة الخزنة وفي محيطها، كاشفاً عن المشهد الممل إلى حد ما لخزنة هادئة مرئيّة لكاميرات المراقبة. ولكن تخيّل عند وقت معين، بأن ينقسم كل الضوء المقترب من الخزنة إلى قسمين: "قبل" و "بعد"، عند "قبل" تزداد السرعة، ومع "بعد" تتناقص السرعة. هذا سيخلق فترة قصيرة من الظلام في تيار الفوتونات المضيئة. فإذا تخيلنا أن الفوتونات كفيض من السيارات على الطريق السريع، فالأمر كما لو كانت السيارات التي في المقدمة تسرع وتلك التي في المؤخرة تتباطأ، صانعة فجوة مُحاطة بمجموعات السيارات (فترة مظلمة بحواف فاتحة –انظر t3 في الشكل (1)).

 


الآن تخيّل أنه خلال لحظة الظلام، دخل لص الخزائن المشهد وسرق المال، مع كونه حريصاً على إغلاق باب الخزنة بعد مغادرته. وبعد مغادرة سارق الخزائن، تُعكس عمليّة زيادة سرعة الضوء وإبطائه، مما ينتج عن ضوء منتظم لم يمسه أحد ويعاد تشكيله كما كان. وبما أنّ الاهتمام يدور حول الضوء الواصل إلى كاميرات المراقبة، فإنّ كل شيء سيبدو كما كان سالفاً، مع التذكير على أن باب الخزنة مغلق بإحكام. اقتطع الفاصل الزمني المظلم حرفياً من التاريخ المرئي عندما فتحت الخزنة.



ولإكمال مثالنا عن الطريق السريع، فإن الأمر شبيه بفتح السيارات فجوة أولاً ومن ثم إغلاقها ضمن حركة المرور، دون أن تخلّف وراءها أيّ اضطرابات في تدفق العربات. والآن لا يوجد أيّ دليل على تلك الفترة الفاصلة الخالية من السيّارات، والتي يمكن خلالها أن تعبر الدجاجة المشهورة الشارع دون أن يتم سحقها. إذن وبالتلاعب بالطريقة التي يسافر بها الضوء في زمن ما حول منطقة من المكان، سيمكننا على الأقل من حيث المبدأ بأن نصنع عباءة زمكان بإمكانها إخفاء أحداث معيّنة – لنطلق عليها "عباءة الأحداث" إن أردت.



حوّل وانطلق

الشكل رقم 1: نحو عباءة الزمكان
الشكل رقم 1: نحو عباءة الزمكان
إنّ كلاً من عباءة المكان والزمكان يستخدمان طريقة عامّة تُدعى "تحول البصريّات" (transformation optics)، والتي بواسطتها يقرر مصممو العباءة أي مسار يودون للضوء أن يسلكه قبل إيجاد أي نوع من المادة يتوجّب على الضوء العبور من خلاله لتحقيق ذلك الهدف. تكمن الفكرة في أن أشعّة الضوء يمكن لها السفر ضمن مسارات يمكن تعديلها رياضيّاً –من خطوط مستقيمة إلى منحنيات على سبيل المثال. على أيّ حال، لإنشاء التشوّهات المرغوبة في مسارات الأشعّة سنحتاج لأن تكون مادتنا مصممة بعناية، يُعبر عن هذه العمليّة عادةً من ناحية تحويل الإحداثيّات. يمكننا حينها استخدام "مبدأ التغاير" (principle of covariance) لأينشتاين لحساب خصائص المادة التي ستنتج مسارات الضوء المرغوبة، والذي ينص على أن كل النظريّات الفيزيائيّة مستقلّة عن الإحداثيّات المستخدمة. في حين أن عباءات الإخفاء العاديّة (المكانية مثلاً) تطبّق هذا المبدأ فقط في المكان (الشكل 1a)، إلا أن عباءة الأحداث تطبّق ذلك في الزمكان (الشكل 1b)، بعد كل ذلك، نرى أنّ الزمن إحداثي بقدر المكان، كما بدا كلاهما في معادلات ماكسويل للمجال الكهرومغناطيسي.

 

والملاحظ هو أنّ عباءة الأحداث تترك الأشعة الضوئية غير محروفةٍ عن مسارها من المنبع وحتّى الكاشف، إذ أنّها لا تنحني في الفراغ، بل في الزمكان. فتتغير سرعتها كتابعٍ لكلٍّ من المكان والزمان وليس اتجاهها. لكن وبما أنّ اقتراحنا يعتمد على زيادة سرعةالضوء في بعض الأماكن وإبطائها في أخرى، يجب علينا ضمان أنّ السرعة الوسطيّة للضوء في مادتنا هي أقل مما ستكون عليه في الفراغ. وبعد كل ذلك، وبما أنّه لا شيء يمكنه السفر أسرع من الضوء في الفراغ، فإنّ طريقتنا التي تتضمن زيادة سرعة جزء من الضوء لن تعمل بطريقةٍ أخرى. ويجب أن نضمن نقطة مهمة أخرى وهي أنّ الأشعّة المحجوبة بالعباءة لا تشير إلى الماضي. على الرغم من أنّ عباءة الزمكان البسيطة في الشكل 1b مثاليةٌ للأهداف التوضيحيّة، إلا أنها تتضمن أشعةً كهذه للأسف. ولكنّ لحسن الحظ، بإمكاننا تعديل التصميم لحذف خصائص كهذه.



من حلم إلى واقع


من السهل تصوّر كل أنواع الأشياء التي من الممكن تحقيقها مع عباءة الأحداث، من الأشياء الكبيرة والخياليّة إلى الصغيرة والتي من المحتمل أن تكون مفيدةً أكثر. إلّا أنّ صنع واحدةٍ بشكلٍ عمليٍّ سيكون بالطبع تحدياً جديداً كلياً، ما سنحتاجه هو مجموعة طبقاتٍ من المواد الخارقة المتوازية، وكلٌّ منها يحتوي على مصفوفةٍ من العناصر المعدنيّة الصغيرة، بداخلها إلكتروناتٌ موصلةٌ ستتفاعل مع الضوء بطريقةٍ من الممكن التحكم بها بسهولة. إنّ عناصر صغيرةً كهذه أو "ذرّات خارقة" هي الطريقة المعتادة في بناء المواد الخارقة المستخدمة في العباءات المكانيّة العاديّة، ولكن ما نحتاجه هو تفاعلٌ قابلٌ للتعديل بشكلٍ أكبر. وبالخصوص، نريد أن نكون قادرين على تعديل الاستجابة لكل طبقةٍ من هذه المواد الخارقة بشكلٍ
مستقلٍ مع مرور الوقت.
 

وعلى افتراض أنّه بالإمكان تصنيع مثل هذه المادة، فإنّ حزمة الضوء التي تسير بشكلٍ متعامدٍ مع الطبقات لن "ترى" بنية متجانسة، وإنّما بيئة ناعمة فعّالة، في حال كان طولها الموجي أكبر بكثيرٍ من كل من الذرات الخارقة نفسها، والمسافة بين صفائح المادة الخارقة، على أيّ حال، فإنه من الممكن تعديل السرعة الوسطيّة للضوء خلال المادة بشكلٍ ديناميكيٍّ بسبب وجود عناصر معدنيّةٍ قابلةٍ للتعديل. من ثم يمكن تعديل خصائص المواد الخارقة بحيث تنتج خاصية البقعة المظلمة ذات الكثافة الصفريّة من عباءة الزمكان في الزمان والمكان المرغوبين.
 
 
الشكل 2: نواقل فيلم ستار تريك وما وراءها.
الشكل 2: نواقل فيلم ستار تريك وما وراءها.
الأحداث التي تحدث في الفراغ القابل للحجب بين الطبقات المركزيّة (الشكل 2a) أثناء الوقت المُختار سوف تحدث في الظلام، وبالتالي ستكون مخبّئةً وغير مُشتبهٍ بها عبر أي مراقب. رغم أنّ هذه البقعة المظلمة بإمكانها أن تتواجد عند المسافة التي نحب، فإنّها تتحرك وتستمر لمدّةٍ زمنيةٍ قصيرةٍ نسبياً، وهذا يعتمد على أداء وسماكة المادة الخارقة. فعلى سبيل المثال، جهاز حجبٍ متريٍّ سيكون بمقدوره حجب فترةٍ زمنيّةٍ بطول نانو ثانية فقط أو ما يقاربها، بينما الحدود التقنية الحاليّة قد تقلّل من هذا بعاملٍ مساوٍ لـ 10 أو حتّى 100.
 

افترض أنّ جيلاً مستقبلياً قادرٌ على إنتاج عباءة زمكان ذات أداءٍ مرتفع، ويمكن رؤيتها بالعين المجرّدة، وتعمل بكفاءةٍ عالية، ستكون إحدى الخدع الجزئيّة التي بمقدورها تنفيذها هي إنشاء خدعةٍ شبيهةٍ بنوعية النواقل في فيلم ستار تريك Star Trek transporter (الشكل 2b). ما سنكون بحاجةٍ لفعله هو أخذ عباءتنا ذات المواد الخارقة المصنوعة من ذرّاتٍ خارقةٍ أصغر بكثيرٍ من حيث الحجم من طول موجة الضوء، ثم ننحت الممر المركزي في المنتصف. وعندما تمر منطقة انعدام الضوء خلال المنطقة المركزيّة، فإنّ شخصاً ما بإمكانه الركض في الظلام من أحد الأطراف (A) من الممر إلى الآخر (B). ولكن عندما يرى أي مراقبٍ خارجيٍّ هذا الموقف، سيبدو كما لو أنّ الشخص قد تغيّر موضعه بشكلٍ فوريٍّ من A إلى B على نمط ستار تريك فعلياً.


وبشكل معقول أكثر، افترض تجربةً ما تحجب فيها صندوقاً صغيراً يحتوي على ذرّاتٍ مثارة (الشكل 2c). ستضمحل الذرّات تلقائياً مُصدرةً فوتوناتٍ وفقاً لإحصاءات بواسون الأسيّة Poisson statistics، إضافة إلى ذلك سيتأثر الضوء المُنبعث من الذرّات عندما تمر الكثافة المعدومة فوق الصندوق بعملية إغلاق العباءة. ما يعنيه ذلك أنّ أي ضوءٍ ينبعث أثناء الفترة الزمنيّة المحجوبة سيُضغط إلى فترةٍ زمنيّةٍ أقصر بشكلٍ كبير، تُفلت من العباءة كومضةٍ ضوئيةٍ قصيرةٍ زمنياً ولكنها قويّة. تعتبر هذه الظاهرة أكثر من مجرد اهتمام، وذلك لأنّها من الممكن أن تكون أول إشارةٍ تجريبيّةٍ مُنتجةٍ عبر عباءة الزمكان.
 
 

وأخيراً، من الممكن أن تستخدم عباءة الزمكان للتحكم في تدفق الإشارات في نظام توجيهٍ بصري (الشكل 2d)، حيث تكون إحدى العقد بحاجةٍ إلى استقبال ومعالجة الإشارات في آنٍ واحدٍ من قنوات مختلفة. على سبيل المثال، إحدى القنوات قد تكون إشارة الساعة التي تتطلبها الدارة الخارجيّة دون انقطاع، في حين أنّ القنوات الأخرى قد تضمن بياناتٍ يجب أن تتم معالجتها كأولويّة. هذا الاعتراض يمكن حلّه عبر عباءة الزمكان والتي تفتح ثغرةً لمدةٍ وجيزة في إشارة الساعة. بإمكان العقدة معالجة البتات ذات الأولويّة أثناء هذه الفجوة، ومن ثم تعيد إنشاء إشارة الساعة وبسلاسةٍ عبر إغلاق العباءة. وهذا قد يفعّل بدوره عملية "مقاطعة بدون مقاطعة" interrupt-without-interrupt والتي قد تكون مفيدةً في الحوسبة الكموميّة، التي تتعامل بتلاحمٍ مع قنوات بياناتٍ مترابطة.

 


أسئلة عملية


على الرغم من أن الرياضيات بإمكانها إخبارنا عن الخصائص الكهرومغناطيسيّة الدقيقة التي تتطلبها عباءة الزمكان، إلا أنّ تصنيع جهاز كهذا أبعد بكثيرٍ من تقنية المواد الخارقة الموجودة حالياً. على سبيل المثال، يجب على المادة أن تزاوج بين الحقلين المغناطيسي والكهربائي بطريقةٍ محدّدة. وما هو مدهشٌ أنّ هذا التزاوج الغريب يملك التأثير الجانبي الذي يجعلها ظاهرةً للضوء، كما لو أنّ الوسط يتحرك على الرغم من بقائه ثابتاً. على أيّ حال، إذا كنّا راضين عن صنع عباءة زمكانٍ غير تامّة، عندها فإنّ جهازاً كهذا سيوضع ضمن مجال التقنية الحاليّة وسيتطلب بناء العباءة من الألياف البصريّة. نستطيع التقدير بأنّ عباءة الأحداث بليفٍ بصريٍّ طوله 3 كيلومترات وجزءٍ مفتوحٍ طوله كيلومتر واحد وجزء التشغيل بطول كيلومتر واحد وجزءٍ مغلقٍ بطول كيلومتر واحد، بإمكانها أن تحجب الأحداث لزمنٍ يصل لعدة نانواتٍ من الثانية.

الألياف البصريّة مُرشّحٌ مُحتملٌ لأنّ معامل الانكسار لديها يمكن زيادته ببساطةٍ بزيادة كثافة الحزمة التي تحملها، وبهذه الطريقة يتم إبطاء الضوء إن استلزم الأمر ذلك. يمكن تنفيذ هذا الأمر عبر زيادة الكثافة بشكلٍ مفاجئٍ لحزمة "التحكم"، فتعبر الكثافة الناتجة المعدلة من خلال الليف البصري لتتسبب في تغيير مسير سرعة الضوء. وفي حال كانت الألياف تتضمن حزمةً ثانيةً ثابتة "للمراقبة"، فإنّ الفوتونات في تلك الحزمة ستسير بشكلٍ أسرع من حزمة التحكم قبل أن تزداد الكثافة، ولكن بشكلٍ أبطأ بعد ذلك، وهو بالضبط ما يتطلّبه فتح الفاصل المظلم في عباءتنا الخاصة بالزمكان.

من ثم يمكننا نقل حزمة المراقبة هذه إلى ليفٍ آخر مع حزمة تحكمٍ جديدةٍ والتي ستنخفض كثافتها هذه المرّة بشكلٍ مفاجئ. وهذا يعكس السرعة السابقة الفرقيّة، مغلقاً بذلك الفاصل المظلم، ويعيد إنشاء حزمة المراقبة الضوئيّة الأصليّة غير المعدّلة. وبالعودة إلى مثالنا عن الطريق السريعة، فالأمر كما لو أنّ الجزء الكثيف لحزمة التحكم هو وابلٌ من المطر يتحرك جنباً إلى جنبٍ مع جزءٍ من السيارات، مجبراً السائقين الواقعين تحت المطر بإبطاء سرعتهم. تُفتح الثغرة في المرور عندما ينهمر المطر على السيارات التي تقع في الخلف ليجبرها على أن تتباطأ، وتُغلق عندما تتحرك غيمة المطر لتمطر على السيارات الأمامية فقط، ما يجعلها تتباطأ في حين تزيد السيارات في المؤخّرة من سرعتها.



النقطة العمياء
النقطة العمياء
عملياً، عباءة كذلك ستكون معيبة لأننا قادرون على تعديل الخصائص الكهربائيّة للألياف فقط، لأنها غير مغناطيسيّة. هذا العيب يقود إلى انعكاساتٍ خاطئة، سامحةً بذلك على كشف العباءة. لحذف كل الانعكاسات، ربما سيتوجّب علينا تعديل كلٍّ من الخصائص الكهربائيّة والمغناطيسيّة. لحسن الحظ، ستظل التفاصيل عمّا كان يحدث داخل العباءة مخفيّة.

 

 

 

الطريق إلى الأمام


على الرغم من أنّ العديد من الباحثين حول العالم يحاولون صنع عباءة مكانيّة -في بعض الحالات مع قدرٍ كبيرٍ من النجاح- إلا أنه لم يجرب أحدٌ منهم تصميم عباءة زمكان في المختبر. على أيّ حال، لا يوجد سببٌ واضحٌ يفسر عدم استطاعتنا إنجاز عباءةٍ مماثلة حتى الآن أو خلال السنوات القليلة المقبلة -مع أن لدينا دليلاً تجريبياً يثبت ذلك كاختبار الذرّات في صندوق- وبمجرد إظهار المبدأ الأساسي الذي تعمل فيه العباءة، يمكننا عندها البدء في النظر في التطبيقات ضمن الحدود المقترحة أعلاه، بالأخص فكرة قدرتنا على استخدام عباءة الأحداث لحل التعارضات الحاسوبيّة في أنظمة المعالجة البصريّة.



في النهاية، من الممكن أن تعمل عباءة الزمكان خلال أحداث تسبق تلك الأحداث المختارة لتكون مخفيةً عبر الجهاز. أحد الجوانب السلبيّة المحتملة برغم ذلك هو أنه من الممكن أن تخترق عملية المعالجة الكامنة والحوسبة بواسطة بياناتٍ زائفةٍ متسلّلةٍ للنظام، دون أن يدرك النظام بأنّه واقعٌ تحت القرصنة. فلنعد إلى تشبيهنا لدجاجةٍ تعبر الطريق ضمن ثغرةٍ ما في المرور، كما لو كانت الدجاجة الذكيّة والمخادعة قد رتّبت هذا العرض الراقص للسيارات بالكامل سلفاً عبر التلاعب بحدود السرعة (لفتح الثغرة)، ومن ثم مرةً أخرى بعد العبور (إغلاقها مرةً أخرى). لذا في حين أنّنا قد لا نعرف أبداً لما عبرت الدجاجة الطريق، على الأقل نستطيع أن نتخيّل كيف قامت بذلك.
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المواد الخارقة (Metamaterials): أو المواد ما فوق الطبيعية، وهي مواد صناعية ومُهندسة بطريقة تجعلها تمتلك خواصاً غير موجودة في الطبيعة.

اترك تعليقاً () تعليقات