كشف العواطف في منشورات مواقع التواصل صار واقعًا

بالرغم من استخدامنا الوجوهَ المبتسمة وعلامات التعجب، يبقى من السهل جدًا أن يخطئ الناس في تفسير التهكم، أو المداعبة، أو السخرية، أو العزم على فعل الأشياء في الرسائل النصية أو الإلكترونية. هذا كله قد يتغير بفضل جهود إيدين سيج Eden Saig، طالب في علم الحاسوب في معهد التخنيون-إسرائيل للتقنية، والذي طور نظام تعلم محوسب يمكنه اكتشاف الأحاسيس العاطفية التي يُعبَّر عنها في الرسائل النصية أو الإلكترونية، وذلك بناءً على التعرف على أنماط تكرار الكلمات.



حاز مشروع الطالب خاصته، والذي أسماه "تصنيف العواطف في النصوص في الشبكات الاجتماعية" على جائزة مسابقة أمدوكس لأفضل مشروع Amdocs Best Project Contest، والذي ترعاه أمدوكس، وهي مزود للبرمجيات والخدمات لأكثر من 250 مزودًا للخدمات في قطاعات الاتصالات، والإعلام، والترفيه في أكثر من 80 دولة. طور سيج هذا النظام في مختبر التعلم والتفكير التابع للتخنيون. وذلك بعد تلقيه دورة تدريبية في الذكاء الاصطناعي، والذي يشرف عليه البروفيسور شاؤول ماركوفيتش، من كلية علم الحاسوب.


بحسب سيج، تلعب نبرة الصوت وطبقته دورًا مهمًا في توصيل المعنى المراد في الرسائل المنقولة لفظيًا. أما في الرسائل النصية والإلكترونية، تُفقَد هذه الفروق الدقيقة، ويقوم الكُتّاب الذين يريدون إظهار التهكم، أو التعاطف، أو الشك، باستخدام الصور، أو "أيقونات العواطف" emoticons، كالوجه المبتسم، من أجل التعويض عن ذلك.


يقول سيج: "هذه الأيقونات ما هي إلا مجرد تلميحات سطحية في أفضل حالاتها، ولا يمكنها التعبير عن المشاعر الدقيقة أو العميقة، والتي توجد في التواصلات اللفظية في الحياة الواقعية“.

مؤخرًا، ظهرت صفحات كان الغرض منها أن تكون فكاهية على الشبكات الاجتماعية كالفيس بوك وتويتر، وكانت تحمل عنوان "الأشخاص المتفوقون الأعلى منزلة"، و"الناس العاديون والمقبولون". يُعَدُّ هذا النوع من الصفحات شائعًا جدًا في إسرائيل، بحسب ما يقول سيج، ويُدعى الناس لأن يضعوا اقتراحاتهم لعبارات يمكن وسمها بأنها "أقوال نمطية" في تلك الصفحة. انضم عشرات الآلاف من الأصدقاء والمتابعين لهذه الصفحات.


عن طريق مشاهدة سيج للمنشورات المرسلة إلى هذه المجموعات، كان قادرًا على تحديد الأنماط الموجودة، وأتاحت له الطريقة التي طورها للنظام أن يكتشف الأنماط المستقبلية للكلام على أيّة شبكة اجتماعية، حسب ما أفاد سيج.


وبما أن محتوى هذه الأقسام من الصفحات كان عاميًا، أي باللغة اليومية الدارجة، أدرك سيج أن "المحتوى على هذه الصفحات من الممكن أن يزودنا بقاعدة بيانات جيدة من أجل تجميع البيانات المتشابهة، والتي يمكن بدورها أن تساعد في "تعليم" نظام تعلم محوسب من أجل تمييز دلالات الكلمات التي توحي بالـ “أمر وعلو المستوى"، وكذلك الكلمات والعبارات العامية في النصوص".
 

طبق سيج خوارزميات "تعلم الآلة" في مشروعه على محتوى هذه الصفحات، واستخدم النتائج من أجل أن يتعرف بشكل تلقائي على التصرفات النمطية الموجودة في تواصلات الشبكات الاجتماعية كل يوم.


نُفِّذ التقدير الكمي عن طريق معاينة 5,000 منشور على صفحات التواصل الاجتماعي، وكذلك عن طريق تسخير نظام التعلم ليميز بنية المحتوى الذي يمكن وصفه بأنه عالي المستوى أو عامي، وذلك عن طريق التحليل الإحصائي. بُني النظام على أن يُعَرِّف الكلمات المفتاحية والعادات القواعدية التي تميز بنية الجملة والتي توحي بها مدلولات المحتوى نفسه. تعلم النظام الأنماط المتكررة بشكل تلقائي من خلال نظام تحليل نصوص صُمِّم خصيصًا من أجل تحليل مجموعات التواصل الاجتماعي المشهورة. وجد سيج أنه يمكن الوصول للدقة العُليا عندما يَدمج النظام بحوث الكلمات المفتاحية مع تحليل التركيب القواعدي. كما وجد أيضًا أن الدقة تحسنت عندما أخذ بعين الاعتبار عدد "الإعجابات" التي وصلت كل رسالة.
 

يوضح سيج الأمر بقوله: "يمكن للنظام الآن أن يتعرف على الأنماط التي تدل على علو المستوى أو تدل على الشفقة، حتى إنه يمكنه إرسال رسائل إلى المستخدم إذا ظن النظام أن المنشور من الممكن أن يكون متعجرفًا".


تمتلك الطريقة التي طورها الكثيرَ من التطبيقات الواقعية الممكنة، والتي تمتد إلى أبعد من مجرد توضيحِ العواطف أو المشاعر في التواصلات ما بين البشر على الوسائط الاجتماعية.


عندما تطبق هذه الطريقة على الصفحات الأخرى في الشبكة، يمكن أن تساعد في كشف المحتوى الذي يوحي بالأفكار الانتحارية على سبيل المثال، أو "نداءات" الاستغاثة، أو التعبير عن الإعجاب أو السعادة.


لخص سيج الأمر بقوله: "آمل أن أستطيع تطوير آلية تستطيع أن تبين للكاتب كيف يمكن لكلماته أن يفسرها القراء، وبالتالي أستطيع مساعدة الأشخاص من أجل التعبير عن أنفسهم بشكل أفضل، وأن يتجنبوا الخطأ في الفهم لدى القراء".
 
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات