انخفاض الانبعاثات أثناء الإغلاق المرتبط بكوفيد-19 لن يؤثر على التغيّر المناخي

لقطةٌ من الفضاء تُظهر كيفية تغيّر الانبعاثات استجابةً لوباء فيروس كورونا. (حقوق الصورة: © ESA )


ما لم يكن العالم جادًا بشأن تقليل استخدام الوقود الأحفوري.


توصّل بعض الباحثين إلى أنه في الوقت الذي تراجعت فيه انبعاثات غازات الاحتباس الحراري مع إغلاق العالم استجابةً لوباء فيروس كورونا، فإن مثل هذه الانخفاضات لن تفعل شيئًا لإبطاء عملية تغيّر المناخ ما لم يبتعد العالم عن استخدام طاقة الوقود الأحفوري.

في تاريخ 11 آذار/مارس عام 2020، أعلنت منظمة الصحة العالمية World Health Organization أن تفشيّ جائحة فيروس كورونا المستجد COVID-19 لا يزال قائمًا حتى اليوم، ولإبطاء انتشار الفيروس بدأت البلدان في جميع أنحاء العالم في تنفيذ إجراءات الإغلاق التي حدّت من السفر وأقفلت المصانع والشركات. في المقابل، سجّلت الأقمار الصناعية التي تدور حول الأرض انخفاضًا كبيرًا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

ومع ذلك، وفقًا لدراسةٍ عالميةٍ تحت إشراف جامعة ليدز University of Leeds، فإنه ما لم تُنفَذ تدخلاتٌ رئيسيةٌ واسعةُ النطاق مثل التحول الكبير بعيدًا عن استخدام الوقود الأحفوري، فلن تؤثر هذه التغييرات على مناخ الأرض. في الحقيقة، وجد الباحثون أنه حتى إذا استمرت إجراءات الإغلاق بشكلٍ ما في جميع أنحاء العالم حتى نهاية عام 2021، أي أكثر من عام ونصف العام، فإنّ درجات الحرارة العالمية ستكون أقلّ من المتوقع بمقدار 0.018 درجة فهرنهايت أي ما يعادل 0.01 درجة مئوية تقريبًا بحلول عام 2030.

وصرّح بيرس فورستر Piers Forster، المؤلف للدراسة ومدير مركز بريستلي الدولي Priestley International Center for Climate للمناخ في جامعة ليدز البريطانية، لوكالة فرانس برس AFP: "أوضح الإغلاق أنه يمكننا التغيير والتغيير بسرعة، لكنه أظهر أيضًا محدودية تغيير السلوك"، وتابع قائلًا في إشارةٍ إلى أهداف المناخ: "بدون تغييرٍ هيكليٍّ أساسيٍّ، لن نحقق ذلك".


الأعمال المعنية بالمناخ التي ينبغي القيام بها


حدد العلماء ارتفاع درجة الحرارة إلى معدلٍ أقل بكثير من 3.6 درجة فهرنهايت، أي ما يعادل 2 درجة مئوية فوق المستويات قبل الثورة الصناعية كهدفٍ مناخيٍّ رئيسيٍّ، وتسعى بعض البلدان جاهدة للحفاظ على ارتفاع درجة الحرارة أقل من 2.7 درجة فهرنهايت أي ما يعادل 1.5 درجة مئوية، ومع ذلك، ووفقًا لهؤلاء الباحثين، فإنه سيكون من الصعب الوصول إلى هذا الهدف.

بدوره ذكر فورستر: "إذا كنت صريحًا للغاية، فمن غير المرجح أن يقلص العالم الكربون للمعدلات المطلوبة أي لـ 1.5 درجة مئوية، لكن الاقتراب من أي معدّل أقلّ من المتعارف عليه سيجعل مستقبل أطفالنا أفضل".

لمعرفة كيفية تأثير الإغلاق على الانبعاثات والمناخ على المدى الطويل استخدم الباحثون بياناتٍ مفتوحة المصدر ليحسبوا بالضبط تغيرات مستويات انبعاث عشرة غازاتٍ دفيئة مختلفة وملوثاتٍ للهواء بين شباط/فبراير وحزيران/يونيو 2020 في أكثر من 120 دولة. خلال تلك الأشهر الأربعة، وجد العلماء أن إنتاج الملوثات بما في ذلك ثاني أكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين انخفض بنسبة تتراوح بين 10% و30%، وهو انخفاضٌ كبيرٌ.

ومع ذلك، وجد الباحثون أنه لن يكون للانخفاض المؤقت في الانبعاثات وحده تأثيرٌ كبيرٌ على المناخ، لأن جهود الإغلاق هذه مؤقتة على عكس التغييرات الهيكلية الأكبر طويلة الأمد.

قالت المؤلفة المشاركة في الدراسة الأستاذة كورين لو كوير Corinne Le Quere من جامعة إيست أنجليا University of East Anglia في البيان نفسه: "إن الانخفاض في الانبعاثات التي شهدناها خلال فترة كوفيد-19 مؤقتٌ، وبالتالي لن يفعل شيئًا لإبطاء تغير المناخ".

وبالإضافة إلى قياس آثار هذا الإغلاق المؤقت، نمذجَ الباحثون أيضًا كيفية التأثير على المناخ إذا نُفِذت تغييراتٌ أكبر مثل تقليل استخدام الوقود الأحفوري في جميع أنحاء العالم بعد فترة الإغلاق هذه، وسلّط الفريق الضوء على أن التغييرات الكبيرة التي تقودها الحكومة لتقليل استخدام الوقود الأحفوري سيكون لها تأثير دائمٌ وإيجابيٌّ على المناخ.

ووجد العلماء أنه إذا استثمروا 1.2% من الناتج المحلي الإجمالي في تكنولوجيا منخفضة الكربون بعد الإغلاق، فيمكنهم خفض الانبعاثات إلى النصف بحلول عام 2030 مقارنةً بما إذا استمرت البلدان في الاعتماد على الوقود الأحفوري كما تفعل بعد الإغلاق.

وقالت الأستاذة لو كوير: "يمكن أن تكون استجابات الحكومة نقطة تحول إذا ما ركزت على التعافي الأخضر، ما يساعد على تجنب التأثيرات الشديدة لتغير المناخ".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات