التصادمات الكونية تمطر كوكب الأرض الوليد بالمعادن

بقلم: تشارلز كيو تشوي    Charles Q. Choi 

يقول الباحثون أن البخار الناتج عن تصادمات كونية التي حدثت خلال الأيام الأولى لكوكب الأرض قد يكون سببا ًفي انهمار "أمطار معدنية" على الكوكب الوليد، كما ويشير الباحثون إلى أن هذا الاكتشاف الحديث قد يساعد في حل الأسرار المتعلقة بتشكيل وتطور كوكب الأرض والقمر.

 

لقد لعبت التصادمات الكونية دوراً مهماً في تطور النظام الشمسي، فقد ولد القمر على الأغلب من حطام ناتج عن عملية تصادم حدثت قبل 4.5 بليون سنة بين كوكب الأرض وجسم بحجم كوكب المريخ يسمى ثيا Theia.

 

تتشكل الكواكب عموماً من سلسة تصادمات بين صخور يصل حجمها إلى حجم الكويكبات وتسمى بالكواكب المصغرة، هذا وتبدأ التصادمات عادة بشكل بطيء ولكنها تصبح أسرع كلما ازداد حجم الكوكب، حيث تحصل بعض التصادمات في سرعة تصل إلى 100,000 ميل في الساعة (160,000 كم/ساعة)، إلا أنه إلى الآن ليس لدى العلماء أي نموذج لشرح ما يحدث للأجسام المتصادمة عند الوصول إلى المراحل النهائية من تشكيل الكوكب، حيث تكون كل من السرعة ودرجات الحرارة والضغط عالية.

 

يشير صاحب هذه الدراسة الرائدة ريتشارد كراوس Richard Kraus، وهو عالم فيزياء الصدمة في مختبر لورنس ليفرمور الوطني في ليفرمور- كاليفورنيا، إلى أن "هنالك مشكلة رئيسية تكمن في كيفية تصور الحديد في فترة حدوث التصادمات، حيث أنه يعد مكونا أساسياً للكواكب كما ويعتمد سلوكه على كيفية فهمنا لعملية تشكيل الكوكب، ولقد كان الجسم الذي تبخر في عملية تصادم لم يتم فهمها بشكل كاف بعد، كان الجسم عبارة عن قطعة من الحديد."

 

عندما تصطدم الأجسام الصخرية بالأرض بسرعة عالية يمكن لهذا التصادم أن يولد أمواج صدمة ذات ضغط عال تعمل على ضغط وزيادة حرارة  مادتهما، وبعد مرور موجة الصدمة تتبخر المادة المضغوطة في حال كون ضغط الصدمة عاليا إلى حد كافٍ، إلا أنه ومع ذلك فإن كمية الكواكب المصغرة التي تحتوي على الحديد في داخلها والتي قد تتبخر خلال عملية التصادم غير معروفة.

لحل هذا اللغز قام كراوس وزملاؤه باستخدام جهاز زي التابع لمختبرات سانديا الوطنية، وهو أقوى مولد للإشعاعات في العالم، من أجل تحطيم طلقات رصاص مصنوعة من الألومنيوم وتحويلها إلى عينات صغيرة من الحديد الصافي بسرعة تصل إلى 50,000 ميل في الساعة (80,500 كم/ساعة).

 

توصل العلماء إلى أن ضغط الصدمة المطلوب لتبخير الحديد كان يساوي أربعة أسباع التقديرات النظرية تقريباً، وضغط الصدمة الأقل هذا يعني أنه ربما تم تبخير كمية حديد أكبر مما كان يعتقد في التصادمات ذات السرعة العالية أثناء عملية تشكيل الأرض.

يقول كراوس بأن الدراسات السابقة افترضت أن الحديد الناتج عن هذه التصادمات الكونية غاص بسرعة في داخل نواة كوكب الأرض.

كما أخبر كراوس موقع ليف ساينس Live Science بأن هذا الاكتشاف الجديد يفترض "أنه أثناء التصادمات ذات السرعة العالية، والتي تحدث أثناء عملية تشكيل الكوكب، سيتبخر الحديد، ولأنه يتبخر فسيتمدد مغطيا سطح الأرض ويتساقط على شكل أمطار من الحديد، وستختلط هذه القطرات الصغيرة بسهولة مع غلاف الأرض قبل أن يذهب أخيراً إلى نواة الأرض."

 

يقول الباحثون أنه يمكن لما سبق أن يسلط الضوء على عملية تشكيل الأرض، وبالتحديد " فإنه يؤدي إلى نقلة نوعية في طريقة فهمنا لعمليات من قبيل تشكيل نواة كوكب الأرض،" كما أشار كراوس في خطاب له، "حيث أنه لا يمكن تحديد توقيت عملية تشكيل نواة كوكب الأرض إلا عن طريق البصمة الكيميائية في غلاف الأرض، وهي تقنية تتطلب وجود افتراضات عن مدى اختلاط الحديد، وهذه المعلومة الجديدة تغير في الواقع تقديراتنا حول توقيت تشكيل نواة كوكب الأرض."

 

قد يؤدي هذا الاكتشاف الجديد كذلك إلى تفسير سبب افتقار القمر إلى معدن غني بالحديد بالرغم من أنه كان عرضة لتصادمات كونية مشابهة في الشدة، حيث أن الباحثين يشيرون إلى أن جاذبية القمر الأقل قد تكون حالت بينه وبين الحفاظ على معظم الحديد المتبخر بعد التصادمات.

 

يشير كراوس إلى أن الباحثين يقومون الآن بإجراء تجارب لمعرفة سلوك معادن مثل الأوليفين والفورستيرايت والبيريكليس –التي تعد المكونات الأساسية لغلاف الأرض الصخري- خلال التصادمات ذات السرعة العالية، ويضيف "بوجود مجموعة المعلومات التي حصلنا عليها من تجارب الحديد والتجارب على المعادن المكونة للغلاف الأرضي، ستكون لدينا ثقة أكبر بكيفية محاكاة التصادمات ذات السرعة العالية التي حصلت أثناء فترة تشكيل الكواكب."

 

قام العلماء بنشر ما توصلوا له بالتفصيل في 2 آذار في مجلة نيتشر جيوساينس Nature Geoscience. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات