التضخم الكوني: وأخيراً الغبار يستقر في نتائج BICEP2

قد تكون تقارير الأدلة المتعلقة بالتضخم الكوني مبالغ فيها. عندما أعلن فريق BICEP2 خلال العام الماضي عن اكتشافه لإشارات التضخم الكوني –النمو الهائل للكون الذي تم التنبؤ به، لكنه لم يُكشف أبداً بشكلٍ مباشر-تم النظر إلى هذا الاكتشاف على أنه قد يكون قفزة هائلة في علم الكون. لكن الآن، وجد فريق يضم باحثين من BICEP2 أنه ليس هناك أدلة واضحة على وجود الأمواج الثقالية الأولية التي تُشير إلى ذلك النمو الهائل، مع أن معظم الإشارات الموجودة تعود في الحقيقة إلى غبار.

يقول ديفيد سبيرغل (David Spergel) عالم الكون من جامعة برينستون(Princeton)ولم يشارك في العمل: "أعتقد أن فريق BICEP2 أساء فهم النتائج التي حصل عليها، و بوجود هذه الورقة قاموا بسحب ادعائهم باكتشاف الأمواج الثقالية".كتب (سبيرغل) ورقة في العام الفائت يُجادل فيها بأن الإشارة الغريبة سببها الغبار. تترك النتائج، التي قُبلت للنشر في مجلة Physical Review Letters ، الباب مفتوحاٌ أمام البحث عن الأمواج الثقالية البدائية.

يقول (سبيرغل): إنها تتركنا في منتصف الرحلة، فنحن لم النجد الإشارة التي أملنا بمشاهدتها، لا يعني ذلك أنها ليست موجودة و إنما أمامنا عمل يجب علينا القيام به" . استخدم فريق BICEP2، (و هو اختصارٌ لتصوير خلفية الاستقطاب المجري الكوني)، تلسكوباً صغيراً موجود بالقرب من القطب الجنوبي، بالإضافة إلى بيانات قادمة من مصفوف كيك (الموجودة في القطب الجنوبي ايضاً) في البحث عن إشارة ضعيفة جداً قادمة من السماء.

أعلن فريق BICEP2 في مارس/آذار، أنه اكتشف أدلة على التضخم الكوني وهو التوسع العنيف للكون الذي حصل خلال جزء صغير من الثانية بعد الانفجار العظيم، قبل حوالي 13.8 مليار عام من الآن. من خلال النظر إلى جزء من السماء، تمكن الفريق من اكتشاف ما اعتقد أنه إشارة موجودة ضمن أنماط الضوء الذي يملأ الخلفية الكونية الميكروية، التي تُمثل التوهج المنخفض واللاحق لولادة الكون.

اُعتقد بأن هذه أنماط الاستقطاب الضوئي و المعروفة B-modes ب، تُشكل بصمة خافتة تُركت فوق الخلفية الكونية الميكروية، وهي دلالة على الأمواج الثقالية الناجمة عن التوسع الكوني والتي أرسلت بدورها تموجات في نسيج الزمكان.

ولكن سرعان ما تعرضت النتائج لتدقيق من المجتمع العلمي، والعديد من أعضائه شكك في نتائج تحليل فريق BICEP2. نتج ذلك الأمر جزئياً عن ظواهر أخرى موجودة في الكون، يُمكنها أيضاً أن تتسبب بأنماط الاستقطاب B،وخصوصاً الغبار المجري الموجود في كافة أرجاء مشهدنا الكوني.

نظر فريق BICEP2 إلى الضوء الناتج في الكون عند تردد 150 جيغا هرتز ووجدوا مستويات منخفضة جداً من الغبار، وبالتالي اعتقدوا أنه من المرجح أن الإشارة قد جاءت من الأمواج الثقالية البدائية. لكن تقترح البيانات القادمة من مهمة بلانك التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية شيئاً آخر تماماً.

حيث ترسم مهمة بلانك خريطة للغبار الموجود في كافة أرجاء السماء وتنظر إلى نطاقات مختلفة من الضوء؛ نظرت هذه المهمة إلى ذلك بالاعتماد على تسع ترددات مختلفة، سبعة منها يمتلك كواشف حساسة للاستقطاب، لكن التردد الرئيسي كان الأعلى فقد وُجد عند 353 جيغا هرتز، حيث يسطع الغبار بشكلٍ أكثر لمعاناً من الأطوال الموجية الأخرى.

أعلن فريق بلانك في سبتمبر/أيلول الماضي أنه وجد ضوءً مستقطباً بكميات كبيرة على طول السماء، وقد يكون كافٍ من أجل أخذ معظم إشارة  BICEP2  بعين الاعتبار. والآن، نشر فريق BICEP2 وبلانك ورقة علمية تحمل العنوان: "تحليل مشترك لبيانات BICEP2 ومصفوف كيك وبلانك" ولم يجدوا في هذا التحليل أدلة قوية على أن إشارة الاستقطاب الموصوفة في آذار/مارس تعود في الواقع إلى الأمواج الثقالية البدائية.

يقول جيمس بوك (James Bock) وهو عالم كون تجريبي من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا وأحد العلماء الرئيسيين في BICEP2 : ''أعتقد أننا كنا أكثر تفاؤلاً بأن هذا الاختبار سيكون أقوى مما هو عليه." ويضيف بأنه وُجد مقدار كافٍ من الضجيج للحد من قياس الغبار بطريقة ما. ويتابع (بوك): "يُشكل الغبار 40% على الأقل من الإشارة. بل قد يكون مسؤولاً عنها بالكامل، لكنه مسؤول عن 40% منها على الأقل لذلك لا يُمكننا الاستنتاج بأن كامل الإشارة قادم من الغبار، ولا يُمكننا استنتاج عدم وجود أمواج ثقالية أيضاً".

و في العام 2013، اكتشف الباحثون مصدراً آخر للاستقطاب من النمط B خلال المراحل المبكرة من عمر الكون، فهذه الدوامات الموجودة في الخلفية الكونية الميكروية ناتجة عن البُنى العملاقة مثل العناقيد المجرية التي تُؤلف شبكة كونية وتُقدم للكون هيكله، وتقوم جاذبيته بحني مسارات الضوء الموجود في الخلفية الكونية الميكروية.

ووفقاً لبوك، فذلك لا يعني بحالٍ من الأحوال أنه لا يُمكن إيجاد أي دليل مباشر على التضخم الكوني وهي المرحلة التكوينية في تاريخ الكون. لكن في حال عدم اكتشاف إشارة في البيانات في بعض النقاط، فإن هذا قد يكون مهماً لأنه يعني الحاجة إلى إعادة كتابة النظريات المتعلقة بالتضخم الكوني، التي صمدت لفترة طويلة.

يقول بوك أيضاً: "أحد الأمور التي جذبتني إلى القيام بذلك هو معرفة فيما إذا قمنا باكتشاف إشارة أم لا. وسنتعلم المزيد حول عملية التضخم الحاصلة في المراحل المبكرة من عمر الكون. إذا لم نُشاهد أية إشارة عند مستوى محدد، سيعني ذلك أن النماذج الأولية للتضخم الموضوعة من قِبل (آلان غوث) وآخرين، قد لا تكون التفسير الصحيح. ولذلك من المهم أن تكون موجودةً في منظومة كهذه". من المرجح أن تكون الإجابة عن هذا السؤال موجودة في الأفق، خصوصاً مع وجود العديد من التجارب التي تُحاول سبره. قد يُحل الأمر خلال السنوات القليلة القادمة وفقاً لبوك.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات