هل يمكن لأسراب الطيور مساعدتنا في إيجاد تصميم آمن للطائرات بدون طيار؟

مجموعة من طيور الزرزور في المملكة المتحدة. حقوق الصورة: Unsplash/James Wainscoat
 

هل سبق ورأيت سرباً من أسراب طائر الزرزور (starlings) محلقاً في السماء، لربما تساءلت حينها عن كيفية تحليقهم بمثل هذا الترتيب القريب دون تصادم؟

يقول نيكولاس أويليت Nicholas Ouellette أستاذ مساعد في الهندسة المدنية والبيئية في جامعة ستانفورد: "تحلق أنواع كثيرة من الحيوانات أو تطير بطرق متناسقة، ولكن لا يوجد حيوان يعرف ما يفعله كل حيوان آخر، ومع ذلك فهي تتحرك بطريقة متماسكة كمجموعة، وإن فهمنا الدقيق لكيفية قيامهم بهذا الأمر قد يكون المفتاح لمساعدة المهندسين على تصميم مجموعة من الطائرات بدون طيار والسيارات التي تعمل بدون سائق، إذ تمثل أسراب الحيوانات محاكاة جذابة ليس لأنها تعمل دون تحكم مركزي فقط، بل لأنها قادرة أيضاً على تحمل الأخطاء، وباستخدام مصطلح هندسي أكثر، نعني أنه يمكنها التكيف بسرعة وبأمان مع الظروف المفاجئة أو غير المتوقعة، كما تتميز الأسراب بالمرونة في قدرتها على العمل في بيئات مضطربة".

لذلك شرع أويليت وفريقه في سلسلة من الدراسات التي تستكشف كيفية تطوير أسراب الحيوانات نوعاً من الأنظمة ذاتية التنظيم التي تسمح لأجهزة مثل الطائرات بدون طيار وأجهزة الاستشعار المتنقلة بالعمل بأمان وكفاءة دون تطبيق نظام التحكم من أعلى إلى أسفل (top-down) الذي يشبه نظام مراقبة الحركة الجوية.

وبدلاً من دراسة الزرزور أو الطيور الأخرى التي قد تكون غير عملية للدراسة في المختبر بسبب المساحة التي تحتاجها للطيران، اعتمد أويليت وطاقمه ذباب صغير "براغيش" (midges) غير قارص، وهو نوع من الحشرات الطائرة التي توجد غالباً بالقرب من الماء أو في ظل الأشجار، وعلى عكس أسراب الزرزور الجميلة التي يجعلنا تحليقها نحدق في السماء، والتي يطلق عليها اسم (murmurations)، إذ تتجاذب البراغيش حول بعضها في مجموعة فوضوية، ولكن يقول أوليت: "لا تزال أسراب الذباب تشترك في بعض السمات مع أسراب الطيور ومجموعات الحيوانات الأخرى، حيث تظل الأسراب متماسكة دون أي سيطرة خارجية أو قيادة، فالذباب صغير جداً يسهل الاحتفاظ به في المختبر، وينتشر وقت الغسق والفجر واستجابته سهلة للأضواء".

وفي مختبره، تعيش البراغيش في مكعب من البلاستيك يبلغ طوله نحو 5 أقدام، وتحيط به كاميرات عالية السرعة يستخدمها في إعادة بناء مسارات ثلاثية الأبعاد لكل حشرة من حيث الاتجاه والتسارع وكل المعلومات الحركية الأساسية اللازمة لتمييز حركات السرب.

ويسمح العمل في المعمل لفريق أوليت بإجراء تجارب لاختبار نماذج مختلفة، يبدأ الفريق ببيانات مرصودة مأخوذة من صور الكاميرا، ثم يستخدمون هذه البيانات لاختبار فرضيات حول أنواع القوانين التي قد تحكم حركات الذباب، ولكن نظراً لصعوبة توفير معلومات كافية عن سلوك السرب الطبيعي للتمييز بين العديد من الفرضيات، يستخدم الباحثون التشويش بالضوء والصوت على السرب لمراقبة ما إذا كان السرب الحقيقي قد تأثر كما تنبأت قواعدهم المقترحة.

ويقول أوليت إنه من السابق لأوانه تصميم أنظمة اصطناعية تتصرف بنفس الطريقة التي تتصرف بها مجموعات الحيوانات، ولكن يقوم فريقه بتطوير نوع من البيئة التجريبية التي قد يستخدمها باحثون آخرون في يوم من الأيام لبناء واختبار أنظمة عالية التقنية تعتمد على التحكم من أسفل إلى أعلى (bottom-up) بدلاً من أنظمة التحكم من أعلى إلى أسفل التي تميز العديد من المشاريع التكنولوجية.

ويضيف: "كمهندسين نحب السيطرة على الأشياء، لكن ما زال لدينا الكثير لنتعلمه من الحشرات والحيوانات الأخرى التي تعمل بشكل ممتاز دون قيادة بشرية وأنظمة تحكم".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأيونات أو الشوارد (Ions): الأيون أو الشاردة هو عبارة عن ذرة تم تجريدها من الكترون أو أكثر، مما يُعطيها شحنة موجبة.وتسمى أيوناً موجباً، وقد تكون ذرة اكتسبت الكتروناً أو أكثر فتصبح ذات شحنة سالبة وتسمى أيوناً سالباً

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات