يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
مؤامرة المادة المظلمة

مؤخراً، اكتشف فريقٌ دوليّ - يشارك فيه علماء فلك من جامعة سوينبورن للتكنولوجيا- تشابهات ثقالية مفاجئة بين المجرات الحلزونية والبيضاوية، ويقترح هذا الاكتشاف وجود تأثير لقوى مختفية.

 

في البداية كان هذا المسح يهدف إلى التقاط أعداد كبيرة من المجرات، ثم وضع الباحثون خرائط لحركات النجوم في الأجزاء الخارجية من المجرات البيضاوية باستخدام أكبر التلسكوبات البصرية في العالم: مرصد كيك في جزيرة هاواي.

 

يقول البروفيسور دونكان فوربس Duncan Forbes من جامعة سوينبورن: "عبر الجمع بين الزمن المتاح في تلسكوب كيك بجامعتي سوينبورن وكاليفورنيا، تمكّنا من دراسة عددٍ أكبر من المجرات؛ مما سمح لنا بالوصول إلى اكتشاف مهم جداً".

 

استخدم الفريق الذي يقوده ميشيل كابيلاري Michele Cappellari من جامعة أكسفورد، أداة (DEIMOS) القوية لإجراء مسح رئيسي للمجرات القريبة، يُعرف هذا المسح بـ (SLUGGS)، وقام الفريق بوضع خرائط لسرعات النجوم الموجودة في تلك المجرات، ثم استخدم العلماء قانون نيوتن في الجاذبية لترجمة قياسات السرعة تلك إلى كميات المادة المُوزَّعة داخل المجرات.

 

أحد أكبر الاكتشافات العلمية في القرن العشرين هو اكتشاف المجرات الحلزونية، المُشابهة لمجرتنا درب التبانة، ودورانها بسرعاتٍ أكبر من المتوقعة جرّاء حصولها على الطاقة من قوى ثقالية زائدة وناجمة عن المادة المظلمة (dark matter) غير المرئية.

 

منذ التوصُّل لهذا الاكتشاف قبل حوالي 40 عام، تعلمنا الكثير عن هذه المادة الغامضة التي من المحتمل أنها مُكونَّة من جسيم عنصري غريب، وهي تؤلف حوالي 85% من كتلة الكون المعروفة؛ مما يجعل المادة العادية التي نشاهدها في حياتنا اليومية تؤلف فقط حوالي 15% من كتلة الكون.

 

المادة المظلمة محورية بالنسبة لفهمنا لكيفية تَشكُّل المجرات وتطورها، في النهاية، هي إحدى الأسباب الكامنة وراء ظهور الحياة على الأرض التي ما نزال لا نعرف شيئاً عنها تقريباً.

 

يقول الدكتور كابيلاري: "إحدى الاكتشافات المفاجئة في هذه الدراسة هي محافظة المجرات الحلزونية على سرعة دوران ثابتة بشكلٍ ملحوظ في كافة أرجاء أقراصها"، ويتابع قائلاً: "يعني ذلك أن المادة المظلمة والنجوم يتآمران معاً لإعادة توزيع أنفسهما لإنتاج هذا المفعول، حيث تُهيمن النجوم على المناطق الداخلية من المجرات، ويعود الانْزِياح التدريجي الحاصل في المناطق الخارجية إلى هيمنة المادة المظلمة".

 

ذلك التآمر بين النجوم والمادة المظلمة لا ينتج بشكلٍ طبيعيّ عن النماذج الموجودة، ويتطلب الأمر وجود ضبط دقيق لشرح المراقبات الحالية؛ ولهذا اقترح بعض علماء الفلك أنه بدلاً من أن يكون ذلك ناتج عن المادة المظلمة فقد يكون ناتج عن أن قانون نيوتن في الجاذبية يُصبح تدريجياً أقل دقة عند المسافات الكبيرة جداً.

 

بشكلٍ ملحوظ، وبعد عقودٍ من اقتراحها، لا يزال من الصعب جداً استبعاد هذه النظرية البديلة -التي لا تتضمن المادة المظلمة- بشكلٍ قاطع، تؤلف المجرات الحلزونية (Spiral galaxies) ما يقل عن نصف الكتلة النجمية الموجودة في الكون الذي تُهيمن عليه المجرات البيضاوية والمجرات عدسيّة الشكل، وتتمتع الأخيرة بتشكيلات منتفخة ومكونة من النجوم وتفتقد إلى وجود أقراص مسطحة مؤلفة من الغاز مثل المجرات الحلزونية.

 

حتى الآن، كان من الصعب تقنياً قياس كُتَل المجرات البيضاوية، ومعرفة كمية المادة المظلمة الموجودة فيها، وكيفية توزعها، ولأنّ المجرات البيضاوية تتمتع بأشكالٍ مختلفة وبتاريخ تَشكُّل مختلف عن المجرات الحلزونية؛ فإن المؤامرة المُكتشفة حديثاً جوهرية جداً وستساعد خبراء المادة المظلمة وتَشكُّل المجرات في التفكير بحذر عن ما حدث في "القسم المظلم" من الكون.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المادة المظلمة (Dark Matter): وهو الاسم الذي تمّ إعطاؤه لكمية المادة التي اُكتشف وجودها نتيجة لتحليل منحنيات دوران المجرة، والتي تواصل حتى الآن الإفلات من كل عمليات الكشف. هناك العديد من النظريات التي تحاول شرح طبيعة المادة المظلمة، لكن لم تنجح أي منها في أن تكون مقنعة إلى درجة كافية، و لا يزال السؤال المتعلق بطبيعة هذه المادة أمراً غامضاً.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات