حقائق حول التوقيت الصيفي: متى نُقدّم ساعاتِنا؟ ولماذا؟

يُقدّم السكان في عددٍ من دول العالم ساعاتِهم ساعةً واحدةً للأمام في آذار/مارس إعلانًا عن بدء التوقيت الصيفي، ويؤخرون الساعات ويعيدونها إلى الوراء ساعةً واحدة في تشرين الثاني/نوفمبر. إن هذا التغيير في الوقت ما بين الربيع والخريف موجودٌ منذ القِدم، وقد كان العالم بينجامين فرانكلين Benjamin Franklin هو من بدأ العمل بهذا النظام بهدف الحفاظ على الطاقة.

إليك نظرةٌ على الوقت الذي يبدأ فيه التوقيت الصيفي وتاريخه وسبب وجوده الآن وبعض الخرافات والحقائق المثيرة للاهتمام حول تغيير الوقت.

متى يبدأ التوقيت الصيفي؟ ومتى ينتهي؟


يبدأ التوقيت الصيفي DST في أشهر الصيف، وينتهي قبل الشتاء مباشرةً، ويختلف اليوم الذي تتغير فيه الساعة بحسب قوانين كل بلد، بحيث تعتمد كل دولة نمطًا معينًا لتحديد هذا اليوم، ففي الولايات المتحدة الأميركية مثلًا وضعت الحكومة قوانينا جديدةً حسب المرصد البحري الأمريكي USNO.

يبدأ التوقيت الصيفي في الولايات المتحدة يوم الأحد الثاني من مارس/آذار بدءًا من عام 2007 عندما يُقدّم الأشخاص ساعاتهم للأمام لمدة ساعةٍ في الساعة 2 صباحًا بالتوقيت المحلي القياسي (لذا في الساعة 2 صباحًا في ذلك اليوم، ستصبح الساعة 3 صباحًا بالتوقيت الصيفي المحلي)، ثم ينتهي التوقيت الصيفي في يوم الأحد الأول من شهر نوفمبر/تشرين الثاني عندما ترجع الساعات مرةً أخرى ساعةً واحدة إلى الساعة 2 صباحًا بالتوقيت الصيفي المحلي (لذا سُتقرأ الساعة 1 صباحًا بالتوقيت المحلي).

كيف بدأ العمل بالتوقيت الصيفي؟


خرج بنيامين فرانكلين بفكرة إعادة ضبط الساعات في أشهر الصيف كوسيلةٍ لتوفير الطاقة، كما قال ديفيد بريراو David Prerau في كتابه "اغتنم ضوء النهار" Seize the Daylight: "فمن خلال تقديم الساعات للأمام، يمكن للأشخاص الاستفادة من ضوء النهار الإضافي المسائي بدلًا من إهدار الطاقة في الإضاءة في ذلك الوقت،" وقد كان فرانكلين سفيرًا في باريس لذلك كتب رسالةً إلى جريدة "باريس" Journal of Paris عام 1784 مبتهجًا بـ "اكتشافه" أن الشمس توفر الضوء بمجرد طلوعها، ومع ذلك، لم يبدأ العمل بالتوقيت الصيفي رسميًا إلا بعد مرور أكثر من قرن، فقد أنشأت ألمانيا العمل بالتوقيت الصيفي في مايو/أيار عام 1916 كطريقةٍ للحفاظ على الوقود خلال الحرب العالمية الأولى، ومن ثمّ تلتها بقية الدول الأوروبية بعد ذلك بوقت قصير، وقد تبنّت الولايات المتحدة التوقيت الصيفي في عام 1918.

قام نظام الحرية للجميع بعد انتهاء الحرب بمنح الولايات المتحدة الأمريكية الخيار في اتباع التوقيت الصيفي أو لا، وفي عام 1966، ومن أجل التقليل من الفوضى الحاصلة في الغرب وضع الكونغرس قانون الوقت الموحد Uniform Time Act، حيث نص على: "أن على أيّ ولايةٍ تعمل بالتوقيت الصيفي -وذلك ليس إلزاميًا- اتباع بروتوكول موحد في جميع أنحاء الولاية، حيث يبدأ التوقيت الصيفي في الأحد (الأول من أبريل/نيسان) وينتهي في آخر يوم الأحد أكتوبر/تشرين الأول،" وفي عام 2007، دخل قانون (سياسة الطاقة) لعام 2005 حيز التنفيذ، مما أدى إلى توسيع مدة التوقيت الصيفي إلى التوقيت الحالي.

لماذا لا يزال العمل بالتوقيت الصيفي قائمًا؟


حسب موقع timeanddate.com، فإن أقل من 40% فقط من دول العالم تتّبع النظام الصيفي، وعلى الرغم من هذا، فإن الدول التي ترصد التوقيت الصيفي تستفيد من ضوء النهار الطبيعي في أمسيات الصيف لأن الأيام تبدأ بالتمدد لفترةٍ أطول مع انتقال الأرض من فصل الشتاء إلى الربيع والصيف، مع أطول يوم في السنة في الانقلاب الصيفي، وخلال موسم الصيف في نصفي الكرة الأرضية، حيث تميل الأرض التي تدور حول محورها بزاويةٍ محددةٍ نحو الشمس، وبذلك تحصل المناطق الأبعد عن خط الاستواء والأقرب إلى القطبين على أقصى استفادةٍ من تغيير التوقيت الصيفي، نظرًا لوجود تغييرٍ كبيرٍ في ضوء الشمس طوال الفصول.

تشير الأبحاث أيضًا إلى أن وجود المزيد من ضوء النهار في المساء يقلل من حوادث المرور، حيث يوجد عددٌ أقل من السيارات على الطريق عندما يكون الظلام قد حلّ، كما أنَّ المزيد من ضوء النهار قد يعني أيضًا المزيد من التمارين في الهواء الطلق للعاملين بدوامٍ كاملٍ.

توفير الطاقة


كان السبب الأهم للعمل بالتوقيت الصيفي هو توفير الطاقة لفترة طويلة. بدأ تغيير الوقت لأول مرةٍ في الولايات المتحدة خلال الحرب العالمية الأولى، ثم أُعيد تشكيله مرةً أخرى خلال الحرب العالمية الثانية كجزءٍ من المجهود الحربي، وكذلك خلال حظر النفط العربي، عندما توقف الأعضاء العرب في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) عن بيع النفط إلى الولايات المتحدة، حيث سنَّ الكونغرس التوقيت الصيفي لفترةٍ تجريبيةٍ على مدار العام في محاولةٍ لتوفير الطاقة، ولكن الأدلة على توفير الطاقة قليلةٌ جدًا. قال ستانتون هادلي Stanton Hadley -وهو باحث كبير في مختبر أوك ريدج الوطني، والذي ساعد في إعداد تقرير للكونجرس عن تمديد وقت النهار الصيفي في عام 2007: "إنّ العمل بالتوقيت قد يوفر الطاقة المهدورة على الإضاءة في أمسيات الصيف، لذلك فإن الإضاءة مسؤولة عن جزءٍ قليل من إجمالي استهلاك الطاقة على عكس ما كانت عليه قبل عقود، إذ كانت هي المستهلك الأكبر لها، أما الآن فإن هناك تكلفة الطاقة المستهلكة في التدفئة والتبريد وهما أكثر استهلاكًا، وقد تحتاج بعض الأماكن إلى تكييف الهواء لأمسيات أطول في التوقيت االصيفي.

وجد هادلي وزملاؤه أن الأسابيع الأربعة من التوقيت الصيفي الإضافي الذي بدأ سريانه في الولايات المتحدة في عام 2007 قد وفر بعض الطاقة بنحو نصف بالمئة مما كان يمكن استخدامه في كلٍ من تلك الأيام، ومع ذلك، قال هادلي: "يمكن أن يكون لتأثير امتداد ضوء النهار بأكمله طوال شهور تأثيرٌ عكسيٌ". وجدت دراسة أُجريَت عام 1998 في إنديانا قبل وبعد تنفيذ التوقيت الصيفي في بعض المقاطعات زيادةً طفيفةً في استخدام السكان للطاقة، ووجدت دراسة أُجرِيت عام 2007 أن التغييرات المؤقتة في توقيت أستراليا الصيفي لدورة الألعاب الأولمبية الصيفية لعام 2000 قد فشلت أيضًا في توفير أية طاقة.

قال هادلي لـ Live Science أن جزءًا من مشكلة تقدير تأثير التوقيت الصيفي على استهلاك الطاقة هو أن هناك القليل من التغييرات على السياسة، مما يجعل المقارنات قبل وبعد عمليةً صعبةً. تم إجراء مقارنةٍ في إنديانا وأستراليا ما بين أسابيع قليلة قبل وبعد اتّباع التوقيع الصيفي في عام 2007، وكانت التغييرات محدودةً جدًا. قال هادلي: "في نهاية المطاف، ربما لا تكون مسألة الطاقة هي السبب الحقيقي وراء التزام الولايات المتحدة بالتوقيت الصيفي على أيّ حال،" وقال أيضًا: "إن توفير الطاقة ليس هو المحرك الأساسي، بل الحقيقة أن الناس هم من يريدون الاستفادة من هذا الوقت الخفيف في المساء".

من يتّبع التوقيت الصيفي؟


تتبع معظم الولايات المتحدة وكندا التوقيت الصيفي في التواريخ نفسها مع استثناءاتٍ قليلةٍ، فمثلًا: ولايَتا هاواي وأريزونا هما ولايتان أمريكيتان لا تتبعان التوقيت الصيفي، على الرغم من أن محمية نافاجو Navajo Nation في شمال شرق ولاية أريزونا تتّبعه وفقًا لوكالة ناسا.

يتم تقديم طلبات إيقاف العمل بالتوقيت الصيفي في دولٍ مختلفة في كل عامٍ، حيث لا يحرص الجميع على تحويل ساعاتهم إلى الأمام لمدة ساعةٍ. أصدر مجلس الشيوخ في فلوريدا في عام 2018 تشريعًا يُسمّى (قانون حماية الشمس المشرقة)، والذي طلب من الكونغرس الأمريكي استثناء الولاية من قانون الوقت الموحد الاتحادي لعام 1966، وإذا تمت الموافقة على هذا الطلب، ستبقى فلوريدا في التوقيت الصيفي على مدار السنة، ومن أجل تحقيق ذلك، سيتوجب على الكونجرس الأمريكي تعديل قانون الوقت الموحد 15 U.S.C. s. 260a للسماح للولايات بهذا التبدل، وفقًا لصحيفة نيويورك تايمز.

ترصد معظم الدول الأوروبية حاليًا التوقيت الصيفي، والذي يبدأ في الساعة 1 صباحًا -بتوقيت غرينتش- يوم الأحد (الأخير في شهر مارس/آذار). أما  التوقيت الشتوي فإنه ينتهي في الساعة 1 صباحًا -بتوقيت غرينتش- يوم الأحد الأخير (في أكتوبر/تشرين الأول). ومع ذلك، حتى الاتحاد الأوروبي قد يقترح وضع نهايةٍ لتغييرات الساعة، حيث وجد استطلاعٌ حديثٌ أن 84% من 4,6 مليون شخصٍ شملهم الاستطلاع قد قالوا إنهم يعارضون تغيير الساعة، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال.

تحدد البلدان التي تتبع التوقيت الصيفي في نصف الكرة الجنوبي -في أستراليا ونيوزيلندا وأمريكا الجنوبية وجنوب إفريقيا- تقديم ساعاتها ساعةً إلى الأمام في وقتٍ ما خلال سبتمبر/أيلول حتى نوفمبر/تشرين الثاني، ومن ثمّ تعيدها إلى التوقيت العادي خلال الفترة الزمنية من مارس/آذار إلى أبريل/نيسان.

لا تتبع جميع مناطق أستراليا التوقيت الصيفي، كونها دولةً كبيرةً (سادس أكبر دولةٍ في العالم)، حيث تتبع أقاليم نيو ساوث ويلز، وفيكتوريا، وجنوب أستراليا، وتسمانيا، وإقليم العاصمة الأسترالية التوقيت الصيفي، بينما لا تفعل كوينزلاند، والإقليم الشمالي (أستراليا الغربية) ذلك وفقًا للحكومة الأسترالية. كما تظهر الساعات في مناطق الرصد تقديم ساعة إلى الأمام عند الساعة 2 صباحًا بالتوقيت المحلي (يوم الأحد الأول من أكتوبر/تشرين الأول)، ويتم إرجاع الساعة في الساعة 3 صباحًا بالتوقيت الصيفي المحلي في الأحد الأول في أبريل/نيسان.

حددت روسيا التوقيت الصيفي على مدار العام في عام 2011  بما يسمى "وقت الصيف الدائم"، والذي بدا جيدًا ومقبولًا في البداية، ولكن في أعماق الشتاء، حدث شروق الشمس في الساعة 10 صباحًا في موسكو، و11 صباحًا في سانت بطرسبرغ. قال ديفيد بريرا، وهو مؤلف كتاب "اغتنم ضوء النهار": "هذا يعني أنه كان على الروس أن يبدأوا أيامهم في البرد القاتم، ومع ذلك، فإن الصيف الدائم يفتر في نهايته،" حيث ألغى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين التوقيت الصيفي في عام 2014 وفقًا لبي بي سي نيوز. على هذا النحو، ستبقى البلاد في "التوقيت الشتوي" إلى الأبد، أو إلى حين إصدار قانون آخر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات