إلكترونيّات المعادن السائلة

باستخدام الكيمياء الكهربائية، صنع مجموعة من الباحثين هوائيًّا من معدنٍ سائلٍ قابلٍ لإعادة التشكيل ويُتحكّم به عبر الجهد فقط.
 

كان لدى الباحثين اهتمام كبير بإلكترونيات المعادن السائلة (Liquid metal electronics) على مدار العديد من السنوات، لكن وبسبب وجود عقبة كبيرة تباطأ تطوّر مثل تلك الأجهزة التي تتطلّب وجود مضخّات خارجيّة لا يُمكن دمجها بسهولة في الأنظمة الإلكترونية. 

لذلك عمد فريق من جامعة كارولينا الشمالية NCSU إلى صنع هوائيّ معدنيّ سائل قابلٍ لتغيير الشّكل، ويتم التحكّم به عبر الجهد فقط، ووُصف الجهاز في مجلة Applied Physics. 

استُوحي عمل الفريق من ظاهرة رصدَتْها مؤخرًا مجموعة البروفيسور ميشيل ديكي Michael Dickey، من قسم الهندسة الكيميائية والجزيئية في جامعة كارولينا الشمالية، أثناء دراسات على المعادن السائلة. 

عبر تطبيق جهد كهربائيّ على طول الواجهة بين معدن سائل وإلكترون، وجد الفريق أنه باستطاعتهم التسبّب في انتشار المعدن السائل عند تطبيق جهد موجب، أو بانكماشه عند تطبيق جهد سالب. 

وللحصول على قليلٍ من الفهم لخلفيّة الموضوع، يُحدَّد كلٌ من طول وشكل المسارات الموصلة، التي تُشكّل الهوائيّ، الخواصَ الحرجة للأخير، مثل التردد العامل (Operating frequency) ونمط الإشعاع (Radiation pattern).

يشرح جاكوب آدمز Jacob Adams، المؤلّف المشارك، وهو أستاذ مساعد في قسم هندسة الحاسوب والكهرباء في NCSU: "سمح لنا استخدام المعدن السائل - مثل الغاليوم سهل الانصهار - والأنديوم - الذي يُمكن تغيير شكله - بتعديل خواص الهوائيّ بشكلٍ أكبر مما هو ممكن بالنسبة للموصل الثابت".


كيف تمكّن الفريق من صنع هوائيّ قابل للضبط ويُتحكّم به عبر الجهد فقط؟ 

جرى ذلك باستخداد تفاعلات كيميائية - كهربائيّة، لتقصير وتطويل شريط المعدن السائل وتغيير التردّد التّشغيليّ للهوائي. حيث يُؤدّي تطبيق جهد موجب إلى تدفّق المعدن في الأنبوب الشعري (Capillary)، في حين يقود تطبيق الجهد السالب إلى سَحب المعدن من الأنبوب. 

يقول آدامز: "يتسبّب الجهد الموجب وبشكلٍ كهروكيميائيّ بترسّب أوكسيد فوق سطح المعدن، مما يؤدي إلى تخفيض التوتر السطحي (Surface tension)، في حين يُزيل الجهد السالب الأوكسيد ويتسبّب في زيادة التوتر السطحي".  تُحدّد هذه الاختلافات في التّوتّر السّطحيّ اتجاه تدفّق المعدن. 

يسمح هذا التطور وفقًا لآدامز بإمكانية "إزالة أو إعادة توليد كمية كافية من "الجليد الأوكسيدي" عند تطبيق جهد ما لجعل المعدن السائل يتدفق من أو إلى الأنبوب الشعري. ندعو ذلك الأمر بالخاصيّة الشّعريّة المتحكَّم بها كهروكيميائيًا (Electrochemically controlled capillarity)، وهي مشابهة كثيرًا للمضخّة الكهركيميائية بالنسبة للمعدن السائل".

على الرغم من إمكانيّة إعادة تشكيل خواص الهوائي باستخدام موصّلات صلبة ومُبدّلات إلكترونية، إلا أنّ نهج المعدن السائل يزيد وبشكلٍ كبيرٍ جدًا من مجال التردّدات التشغيليّة للهوائيات، حيث يُشير آدامز إلى ذلك قائلاً: "يُمكن ضبط النموذج الأوّلي للهوائي الخاص بنا، والذي يستخدم المعدن السائل، على مجال من التردّدات أكبر بمرتين على الأقل من ذلك الموجود في الأنظمة التي تستخدم المُبدلات الإلكترونية".

ينتظر هذه التقنية عدد ضخم من التطبيقات المحتملة في عالم الأجهزة المحمولة، يقول آدامز: "تستمرّ أحجام الأجهزة المحمولة بالتناقص، ومن المرجّح أن يقود ازدهار الإنترنت إلى وجود حاجة كبيرة إلى الأنظمة اللاسلكيّة الصغيرة".

ويتابع: "بسبب نموّ عدد الخدمات التي يجب على الجهاز أن يكون قادرًا على دعمها، يجب أن تنمو بالتالي نطاقات الترددات التي تعمل عندها الهوائيات. سيقود هذا الجمع إلى تحدٍّ حقيقي في مجال تصميم هذه الهوائيات للأنظمة المحمولة، لأن حجم الهوائي ونطاق العمل يميلان إلى التضارب".

ونتيجة لما سبق، نعرف سبب كون الهوائيّات القابلة للضبط (Tunable antennas) شيئًا مرغوبًا به، إذ يُمكن تصغيرها، وباستطاعتها التكيّف لتصحيح مشاكل الحمل الخاصة بالحقل القريب، مثل المشكلة الموجودة في جهاز iPhone 4 والمعروفة بـ (Death grip). 

يقول آدامز بأن أنظمة المعادن السائلة: "تقود إلى الحصول على مجال ضبط أكبر مما هو موجود في الهوائيّات التقليدية القابلة لإعادة التشكيل، ويُمكن تطبيق النّهج نفسه في مكونات أخرى مثل المُرشّحات القابلة للضبط (Tunable filters)". 

ما هو العمل التالي بالنسبة للباحثين؟ 

لقد بدؤوا في الواقع في استكشاف العناصر الأساسية والتطبيقية للمعادن السائلة القابلة للضبط، فيعلّق آدامز: "لازال أمامنا الكثير كي نتعلّمه عن سلوك الأكاسيد السطحيّة وتأثيرها على التّوتّر السّطحيّ للمعدن. وندرس الآن طرقًا أخرى للحصول على تحسينٍ أكبر لمردود وسرعة إعادة التشكيل".

يأمل آدامز وزملاؤه على المدى البعيد الوصول إلى قدرة تحكّم أكبر بشكل المعدن السائل - لا يشمل ذلك الأنابيب الشعرية أحادية البعد فحسب، بل قد يشمل أيضًا السطوح ثنائية الأبعاد للحصول على الشكل المرغوب به للهوائي. 

يُضيف آدامز: "سيُمكّن ذلك الأمر من الوصول إلى مرونة عالية جدًا للخواص الكهرومغناطيسيّة للهوائيّات، وسيسمح بإنجاز هوائي تكيّفي وحيد لإجراء العديد من الوظائف".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات