أبعد مجرة مكتشفة

قضى فريقٌ من الباحثين من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا سنواتٍ بحثاً عن أقدم الأجسام في الكون، والآن قاموا بتقديم تقارير عن اكتشاف ما يُعتقد أنها المجرة الأكثر بُعداً على الإطلاق.

و في مقال نُشر في 28 أغسطس/آب من عام 2015، في مجلة الفيزياء الفلكية، قام كل من إيدي زيترين Adi Zitrin وهو باحث ما بعد الدكتوراة في علم الفلك يعمل لصالح هابل التابع لناسا، وريتشارد إليس Richard Ellis المتقاعد مؤخراً بعد 15 سنة في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، وهو الآن بروفيسور فيزياء فلكية في جامعة لندن، بوصف الدلائل على أن عمر المجرة التي تُدعى EGS8p7 أكثر من 13.2 مليار سنة. بينما عمر الكون نفسه حوالي 13.8 مليار سنة.

في وقتٍ سابقٍ من هذه السنة، تم تحديد المجرة EGS8p7 كمرشحة لمزيد من البحث استناداً إلى البيانات التي جمعها تلسكوب هابل التابع لناسا وتلسكوب سبيتزر الفضائي، أجرى الباحثون تحليلاً طيفياً للمجرة باستخدام جهاز التحليل الطيفي المتعدد للاستكشاف بالأشعة تحت الحمراء (multi-object spectrometer for infrared exploration) (MOSFIRE) في مرصد دبليو أم كيك في هاواي لتحديد انزياح موجاتها نحو الطيف الأحمر (redshift).


المجرة EGS8p7 كما شُوهدت بواسطة تلسكوب هابل الفضائي (أعلى اليمين)، وبواسطة التسلكوب الفضائي سبيتزر (أسفل اليسار). الصورة تم التقاطها بواسطة الأشعة تحت الحمراء. مصدر الصورة: I. Labbé (Leiden University), NASA/ESA/JPL-Caltech - See more at:
المجرة EGS8p7 كما شُوهدت بواسطة تلسكوب هابل الفضائي (أعلى اليمين)، وبواسطة التسلكوب الفضائي سبيتزر (أسفل اليسار). الصورة تم التقاطها بواسطة الأشعة تحت الحمراء. مصدر الصورة: I. Labbé (Leiden University), NASA/ESA/JPL-Caltech - See more at:

الانزياح الأحمر نتيجة لتأثير دوبلر، هو نفس الظاهرة التي تسبب انخفاض حدة صوت صافرة الإنذار على مركبة الإطفاء أثناء مرورها. بينما في الأجرام السماوية يتمدد الضوء عوضاً عن الصوت، عوضاً عن الانخفاض المسموع للهجة، وهناك تحول من اللون الفعلي إلى أطوال موجات أكثر احمراراً.

يُستخدم الانزياح نحو الأحمر بشكل تقليدي لقياس المسافة لدى المجرات، لكنها صعبة الاكتشاف عند النظر إلى أبعد الأجسام في الكون وأقدمها، كان الكون مباشرةً بعد الانفجار الكبير مثل حساء من الجسيمات المشحونة (بروتونات والكترونات) وضوء (فوتونات)، وبسبب تناثر الفوتونات عن طريق الالكترونات الحرة لم يتمكن الكون في مراحله المبكرة من نقل الضوء، بعد 380 عاماً من الانفجار الكبير، بَرد الكون بما يكفي لاجتماع الإلكترونات والبروتونات الحرة في ذرات هيدروجين محايدة و التي ملأت الكون، مما سمح للضوء بالسفر عبر الكون، وعندما كان عمر الكون نصف مليار عام، تشكلت أولى المجرات وأعادت تأيّن الغاز المحايد، وبقي الكون متأيناً حتى اليوم.

قبل إعادة التأيّن، امتصت سحابة من ذرات الهيدروجين المحايد، بعض الإشعاعات الناتجة عن المجرات الشابة المتشكلة حديثاً، بما في ذلك ما يسمى خط ليمان ألفا Lyman-alpha line، وهو بمثابة البصمة الطيفية لغاز الهيدروجين الساخن الذي تم تسخينه عن طريق الانبعاثات فوق البنفسجية من النجوم الجديدة، ويُستخدم هذا المؤشر بشكل شائع في تشكيل النجوم.

وبسبب هذا الامتصاص لا نستطيع نظرياً مراقبة خط ليمان من المجرة EGS8p7.

قال زيترين: "إذا نظرت للمجرات في بدايات الكون، فإن هناك الكثير من الهيدروجين المحايد، وهو ليس جسماً شفافاً لهذه الانبعاثات. نحن نتوقع أن معظم الإشعاعات الصادرة عن هذه المجرة يمتصها الهيدروجين في الفضاء المتداخل، ومع ذلك ما زلنا نلاحظ خطّ ألفا ليمان من هذه المجرة".


اكتشف الباحثون هذه المجرة باستخدام مطياف MOSFIRE والذي يلتقط البصمات الكيميائية لكل شيء من النجوم إلى المجرات البعيدة عن طريق موجات الأشعة تحت الحمراء القريبة (0.97-2.45 ميكرون أو مليون جزء من المتر).

قال إليس: "الجانب المدهش من الاكتشاف الحالي أننا اكتشفنا خط ليمان ألفا في مجرة تبدو باهتة بانزياح نحو الأحمر بمقدار 8.68، الموافق للوقت الذي ينبغي أن الكون امتلأ فيه بسحب الهيدروجين الممتصة".

قبل اكتشافهم هذا، كانت أبعد مجرة تم الكشف عنها تملك انزياحاً نحو الأحمر مقداره 7.37.

ويقول الباحثون: إن أحد الأسباب المحتملة لكون الجسم مرئياً بالرغم من وجود السحب التي تمتص الهيدروجين هو أن إعادة تأيّن الهيدروجين لم تحصل بطريقة موحّدة. قال زيترين: "تشير الأدلة من عدة أرصاد إلى أن عملية إعادة التأين ربما تكون غير مكتملة، بعض الأجسام براقة بحيث تشكل فقاعة من الهيدروجين المتأيّن، ولكن العملية ليست متّسقة في كل الاتجاهات".

قال سيريو بيللي Sirio Belli وهو طالب دراسات عليا في معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ومن الذين عملوا على المشروع: " إن مجرة EGS8p7 التي رصدناها مضيئة بشكل غير عادي، ربما تكون مدعومة من قبل مجموعة من النجوم الساخنة غير العادية، وربما تملك خصائص مميزة، الأمر الذي يمكنها من تشكيل فقاعة هيدروجين متأيّن بوقت أقدم بكثير مما هو ممكن للمجرات النموذجية في وقتنا".

قال زيترين: "نحن الآن نجري حسابات أكثر دقة بالفرص الدقيقة لوجود هذه المجرة ورؤية الانبعاثات منها، ولفهم ما إذا كنا بحاجة إلى إعادة النظر في الجدول الزمني لإعادة التأيّن، والتي تُعد واحدة من المسائل الأساسية الكبرى لنجيب عليها من أجل فهمنا لتطور الكون".

ورقة انبعاثات ليمان من المجرة المضيئة z=8.68 ، الآثار المترتبة بالنسبة للمجرات كأثر لإعادة التأين كوني، شارك في تأليفها كل من إيفو ليب Ivo Labbe وريتشارد بوينز Rychard Bouwens، وغيدو روبيرتس بورساني Guido Roberts-Borsani، ودانيال ستارك Daniel P. Stark، و باسكال أوش Pascal A. Oesch، و رينسك سميت Renske Smit. البحث تم برعاية وكالة ناسا عبر متابعة من هابل، معهد علم الفلك في جامعة أدنبره، والمؤسسة الوطنية للعلوم، MOSFIRE بتمويل مقدم من قبل مؤسسة العلوم الوطنية والمتبرعين الفلكيين غوردون وبيتي مور، تشمل المؤسسات المتعاونة جامعة ييل، وجامعة ولاية أريزونا، وجامعة لندن، وجامعة ليدن (هولندا)، وجامعة دورهام UK.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات