طريقة جديدة لتجديد الخلايا المناعية لمحاربة السرطانات والأخماج

من الجهة اليسرى المؤلف الأكبر للدراسة الدكتور بينجامين يونغ بلود Benjamin Youngblood مع المؤلف الأول للدراسة حازم غونايم Hazem Ghoneim. حقوق الصورة محفوظة لـ : (Seth Dixon / St. Jude Children's Research Hospital). 

التاريخ: 27 حزيران/ يونيو 2017. المصدر: مشفى القديس جود لأبحاث الأطفال (Children's Research Hospital St. Jude).

اكتشف أخصائيو المناعيات في مشفى القديس جود لأبحاث الأطفال St. Jude كيف تصبح الخلايا المناعية التي تُدعى بالخلايا (T) مُنهَكة وغير قادرة على القيام بوظائفها من مهاجمة الأجسام الغريبة مثل الخلايا السرطانية والفيروسات، وهذا الاكتشاف مهم لأنه قد يفسر سبب عدم استجابة المرضى المصابين بالسرطان على العلاجات المناعية أو انتكاس المرض لديهم، فقد يكون ذلك ناتج عمّا يُدعى بإنهاك الخلايا (T). وقد وجد الباحثون خلال الدراسة ماقبل السريرية للأورام والعدوى الفيروسية على نماذج دواءٍ يُستَخدَم حالياً بالعلاج الكيمياوي من الممكن أن يعكس إنهاك الخلايا (T).

وبحسب الباحثين، قد يتيح هذا الاكتشاف طريقاً جديدة لعلاجات مناعية أقوى وأكثر قابلية للتحمل، كالعلاجات المناعية ضد الفيروسات (مثل فيروس عوز المناعة البشري HIV) وتكون قادرة على تفعيل الجهاز المناعي للتخلص منه. وذكر باحثون برئاسة الدكتور بين يونغبلود Ben Youngblood العضو المساعد في قسم المناعة في مشفى القديس جود في ورقة بحثية نُشِرَت في إصدار 29 يونيو/حزيران من دورية Cell نتائج تُفسِّر سبب فشل نمط من العلاج المناعي يُدعى (immune checkpoint blockade)، حيث يتلقى المرضى في هذا العلاج دواءً يحرر القيود عن الخلايا (T) سامحاً لها بمحاربة الخلايا الورمية والمصابة بالفيروسات. وتكشف الخلايا (T) المحاربة للأورام عن بروتين يُدعى بالمستضد، وهو بروتين موجود على سطح الخلايا السرطانية وتستهدفه الخلايا المناعية.

وقد ذكر يونغبلود أن إنهاك الخلايا (T) الذي يحدث في هذه العلاجات المناعية يشكل عقبةً كبيرة أمام فعالية ونجاح العلاج. حيث قال: "الأهمية السريرية لإنهاك الخلايا (T) كبيرة، لأنه غالباً ما تُشخَّص الأورام بمرحلة متأخرة، وبالتالي تكون الخلايا (T) والتي من المفروض أن تستجيب للورم قد تعرضت لمستضد الورم لفترة طويلة، وهذا ما يفسر إخفاق العلاج المناعي عند العديد من المرضى بسبب إنهاك الخلايا (T) لديهم أو كبتها لمدة طويلة".

واكتشف الباحثون في الدراسات ما قبل السريرية تلك الآليات التي تتسبب بها الأورام والعدوى الفيروسية إنهاك الخلايا (T) ووجدوا أن المتهم بذلك هو ما يُدعى "برنامج التخلق المتوالي"، حيث يثبط قدرة الخلايا (T) على الاستجابة ضد مستضدات الورم.

نظام التخلق المتوالي هذا، عبارة عن محولات جزيئية تفعّل أو تكبح الجينات للسيطرة على الخلية، والجينوم فهو عبارة عن آلاف الجينات الفردية ويشبه بذلك البيانات المُخزَّنة في الحاسوب، أما فوق الجينوم فهو كمجموعة من برامج الحاسوب التي تتحكم بتخزين البيانات وقراءتها.

وقد وجد الباحثون بتجاربهم أن برنامج الإنهاك اعتُمِدَ لإنتاج أجيال فعالة من الخلايا (T)، ووجدوا بشكل خاص احتواء برنامج التخلق المتوالي على عملية تُدعى بمثيلة الحمض النووي (DNA)، وهي محول مثبِّط من محولات التخلق المتوالي، بالإضافة إلى استمرار برنامج الإرهاق حتى بعد توقف تعرض الخلايا (T) للمستضدات المُحفزة.

ويقول يونغبلود: "ذهب بنا الظن إلى وجود تغيرات تخلقية تؤثر في بيولوجيا الخلايا (T)، ولكن المفاجأة الكبرى هو اكتشافنا أنَّ تأثير هذه التغيرات أكبر بكثير مما كنا نظن". كما اكشتف مع زملائه أن عملية الإنهاك جوهرية بالنسبة للخلايا (T)، ولهذا الاكتشاف تأثير هام على العلاجات المناعية والتي فيها تُعدَّل خلايا (T) للمريض خارج جسمه لتحريضها وشحنها على مهاجمة السرطان ثم تُعاد بعد ذلك إلى جسمه.

ويضيف يونغبلود: "بعد أن وجدنا هذه الميزة الجوهرية للخلايا (T) فبإمكاننا إخراجها من الجسم ومعالجتها ومن ثمّ إعادتها لمهاجمة السرطان، وبذلك نستطيع أن ننقص السمية الحاصلة على المريض".

ووجد الباحثون أن معالجة الخلايا (T) بمثبطات نظام (immune-checkpoint) المستَعمَلة بشكل واسع والمُسمّاة (PD-1) لا تمحو ما توصلوا إليه بخصوص الإنهاك التخلقي. ويقول يونغ بلود: "يظهر لنا هذا الاكتشاف، على الأقل فيما يخص هذا العلاج، أنه التأثير العلاجي قد يكون عابراً أو أن المرض قد أصابه الانتكاس".

ولكن عندما عالج الباحثون فئراناً مصابةً بالأورام بالدواء الكيمياوي (هو ديسيتابين)، وجدوا أن الخلايا (T) دلت على وجود تحسن، حيث أن الديسيتابين يعمل على التصدي لعملية مثيلة (DNA) المُثبِّطة.

يقول يونغبلود: "وجدنا أن هذا العلاج يعكس حالة الإنهاك، فعند معالجة الفئران بـ (D-1)، تكاثرت خلايا (T) الخاصة بهم بشكل فعال وامتلكت خواص التجدد". كما وجد الباحثون ترافق تكاثر الخلايا (T) المُحرَّض مع سيطرة هامة على نمو الورم، وتشير هذه النتائج إلى أن اجتماع إعادة برمجة التخلق المتوالي مع نظام (immune-checkpoint blockade) قد يزيد فعالية العلاج.

وأشار يونغبلود إلى أن لهذه النتائج تأثيرات هامة على علاج العدوى الفيروسية المزمنة خاصةً (HIV)، حيث يقول: "تصاب الخلايا (T) عند المرضى المُصابين بـ (HIV) بالإنهاك، ولكن ورغم وجود العديد من الأدوية الفعالة التي تُنقِص الحمل الفيروسي إلى مستويات غير قابلة للكشف، إلّا أنَّ هذه العلاجات مكلفة وليست شافية، وأنا متفائل بقدرة الجهاز المناعي على محاربة هذا الفيروس والتخلص منه، وهذه النتائج هي خطوة واحدة تجاه ذلك".

وأكد على أنهم حصلوا على النتائج المذكورة في دورية Cell باستخدام نماذج فيروسية وورمية عند الفئران وليس البشر، لذلك يعمل حالياً مع زملائه في مشفى القديس جود على كشف برنامج الإنهاك التخلقي في سرطانات البشر لتحديد مدى تشابهها مع تلك الموجودة والمكتَشَفَة عند الفئران.

كما يعمل الباحثون على فهم الاختلافات والتشابهات بين برامج إنهاك الخلايا (T) في السرطانات وفي العدوى الفيروسية، وقد وضح يونغبلود أن فهم ذلك يساعد بتطبيقات العلاج المناعي للعدوى الفيروسية المزمنة مثل (HIV).

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات