يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
الاندفاعات النجمية عدو الحياة بالقرب من الأقزام الحمراء

تعد النجوم القزمة الباردة أهدافاً رئيسة لاصطياد الكواكب الخارجية حالياً، فعلى سبيل المثال يُشِير اكتشاف الكواكب في المناطق الصالحة للسكن في نظامي TRAPPIST-1 و LHS 1140 إلى إمكانية دوران عوالم لها حجم الأرض حول مليارات النجوم الحمراء القزمة أحد أكثر أنواع النجوم شيوعاً في مجرتنا، ولكن تندفع توهجات شديدة من هذه النجوم على غرار شمسنا.

فهل الأقزام الحمراء هي فعلاً صديقة للحياة كما يبدو عليه الأمر؟ أم أن هذه التوهجات تجعل من أسطح الكواكب الدائرة حولها أماكن غير قابلة للسكن؟

بُغية معالجة هذه المسألة، رصد فريق من العلماء بعمليات الأشعة فوق البنفسجية باستخدام مركبة مستكشف تطور المجرات التابعة لوكالة ناسا GALEX) Galaxy Evolution Explorer) بحثاً عن زيادات سريعة في لمعان النجوم الناتج عن هذه التوهجات.

تصدر التوهجات إشعاعاً عبر رقعة واسعة من الأطوال الموجية ويصدر جزءٌ لا بأس به من طاقتها الكلية في نطاق ترددات الحزمة فوق البنفسجية، إذ يجري غالكس عمليات الرصد، وفي الوقت نفسه تعتبر الأقزام الحمراء التي تصدرها هذه التوهجات خافتة نسبياً في نطاق الحزمة فوق البنفسجية، فهذا التباين إلى جانب حساسية الكواشف في غالكس تجاه التغيرات السريعة أفسح المجال للفريق لقياس الأحداث التي لها طاقة كلية أقل من الاندفاعات (التوهجات) المُكتشفَة سابقاً، وعلى الرغم من أن التوهجات الأصغر ذات مقدار أقل من الطاقة، وبالتالي هي أقل عدائية تجاه قابلية الحياة، إلا أن ذلك يُعَدَّ هاماً، إذ إن التوهجات الأصغر أكثر تكراراً، الأمر الذي يجعل تأثيرها تراكمياً عبر الزمن وتنتج عنه بيئة غير قابلة للسكن.


يبين هذا الرسم التوضيحي نجماً قزماً أحمر يدور حوله كوكب خارجي افتراضي  حقوق الصورة: (NASA/ESA/G. Bacon (STScI.
يبين هذا الرسم التوضيحي نجماً قزماً أحمر يدور حوله كوكب خارجي افتراضي حقوق الصورة: (NASA/ESA/G. Bacon (STScI.


يتساءل سكوت فلمنج Scott Fleming من معهد علوم تلسكوب الفضاء STScl في بالتيمور قائلاً: "ماذا لو أن الكواكب عُرضةً لحمامات أصغر ومستمرة، إلا أنها لا تزال كبيرة، من هذه التوهجات؟ فمن الممكن أن يكون هنالك تأثير تراكمي".

كان على الفريق تحليل البيانات خلال فواصل زمنية قصيرة بغية الكشف عن هذه الاندفاعات (التوهجات) والقياس الدقيق لها، ومن صور لأزمنة تعريض تقترب من نصف الساعة استطاع الفريق اكتشاف اختلافات نجمية تستمر لثوانٍ.

يقول المؤلف الرئيس تشيس ميليون Chase Million من شركة ميليون في كلية ولاية بنسلفانيا أنَّ مشروعاً يُسمَّى جي فوتون (gPhoton) أعاد معالجة أكثر من مئتي تيرابايت من بيانات غالكس في أرشيف ميكولسكي للتلسكوبات الفضائية "ماست" (MAST) الموجودة في معهد علوم تلسكوبات الفضاء، وبعد ذلك استخدم الفريق برمجيات مصممة خصيصاً لهذا الغرض، طوّرها كلٌّ من ميليون و كلارا براسور Clara Brasseur في المعهد كذلك، وذلك بحثاً عن عدة مئات من النجوم القزمة الحمراء.

يقول مليون: "اكتشفنا توهجات لنجوم قزمة في كامل النطاق الذي توقعنا أن غاليكس حساس تجاهه، ابتداءً من توهجات صغيرة للغاية تستمر لعدة ثوانٍ، وصولاً إلى توهجاتٍ عملاقة تجعل النجم أكثر لمعاناً بمئات المرات ويدوم لمعانها عدة دقائق".

تشبه التوهجات التي كشفها غالكس من حيث القوة التوهجات التي تنتجها شمسنا، ولكن على حدّ علمنا ونظراً لأن الكواكب ينبغي أن تدور على مسافة أقرب من نجم قزم أحمر بارد بغية الحفاظ على درجة حرارة مناسبة للحياة، بالتالي ستكون مثل هذه الكواكب عرضة للمزيد من طاقة التوهجات أكثر مما هو عليه الحال بالنسبة للأرض.

من شأن التوهجات الكبيرة أن تُزِيل غلافاً جويّاً للكوكب، كما يمكن للأشعة فوق البنفسجية الموجودة في هذه التوهجات والتي تنفذ إلى سطح الكوكب أن تُلحِق الضرر بالكائنات الحية أو تمنع الحياة من النشوء.

تختبر عضوتا الفريق راشيل أوستن Rachel Osten وبراسور حالياً النجوم المُشاهدَة بواسطة كل من غالكس وبعثات كبلر بحثاً عن اندفاعاتٍ (توهجاتٍ) مشابهة، ويتوقع الفريق مئات الآلاف من التوهجات المخفية في بيانات غالكس.

يقول دون نيل Don Neill عالم البحث في معهد كالتك في باسادينا الذي كان جزءاً من تعاون غالكس: "تُظهِر هذه النتائج قيمة بعثات المسح مثل غالكس التي دفعتنا نحو دراسة تطور المجرات عبر الزمن الكوني، ولها الآن تأثيرٌ على دراسة الكواكب المجاورة الصالحة للسكن، لم نتوقع أن تستخدم غالكس للكواكب الخارجية حين تصميم البعثة".

سيستدعي الأمر اللجوء إلى معدات فعالة وجديدة من مثل تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا والمزمع إطلاقه عام 2018، وذلك لدراسة أغلفة جوية لكواكب تدور حول نجوم قزمة حمراء مجاورة، إضافة إلى البحث عن أدلة على الحياة، ولكن بينما يطرح الباحثون أسئلة جديدة حول الكون ستستمر البيانات المُخزَّنَة من المشاريع والبعثات القديمة -كتلك التي أرشفها "ماست"- بتقديم نتائج علمية مثيرة وجديدة.

قُدِّمَت هذه النتائج في مؤتمر صحفي في اجتماع للجمعية الفلكية الأمريكية في مدينة أوستن، تكساس.

قاد علماءٌ فى كالتك بعثة غالكس التي انتهت عام 2013 بعد أكثر من عقد قضته في مسح السماء بالأشعة فوق البنفسجية، وأدار البعثة مختبر الدفع النفاث الموجود في باسادينا أيضاً، كما بُنِيت لها المعدات العلمية، ويُدَار مختبر الدفع النفاث من قبل كالتك لصالح ناسا أيضاً.

يقوم معهد STScl بالعمليات العلمية لتلسكوب هابل الفضائي، كما أنه مركز البعثة والعمليات العلمية لتلسكوب جيمس ويب الفضائي، ويعمل المعهد لصالح ناسا بالتعاون مع جامعات الأبحاث الفلكية في واشنطن.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجرة (galaxy): عبارة عن أحد مكونات كوننا. تتكون المجرة من الغاز وعدد كبير (في العادة، أكثر من مليون) من النجوم التي ترتبط مع بعضها البعض، بوساطة قوة الجاذبية. و عندما تبدأ الكلمة بحرف كبير، تُشير Galaxy إلى مجرتنا درب التبانة. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات