زوج ثقوب سوداء عملاق يفسد صورة لمجرة أندروميدا

يبدو أنّه حتى الثقوب السوداء لا يمكنها مقاومة إقحام نفسها في الصور الفوتوغرافية. فقد تبين أن الجسم الكوني الذي أفسد عملية التصوير في خلفية صور المجرة القريبة أندروميدا Andromeda هو زوجٌ عملاقٌ من الثقوب السوداء الأكثر إحكامًا مما رأيناه حتى الآن.

وقد توصل علماء الفلك لهذا الاكتشاف العظيم باستخدام بيانات الأشعة السينية X-ray من مرصد تشاندرا للأشعة السينية التابع لناسا NASA’s Chandra X-ray Observatory، وبيانات بصرية من تليسكوباتٍ أرضيةٍ مثل جيميناي نورث Gemini-North في هاواي Hawaii، ومصنع بالومار العابر التابع لكالتيك Caltech’s Palomar Transient Factory في كاليفورنيا California.

مصدر إكس راي J0045+41 حقوق الصورة: X-ray: NASA/CXC/University of Washington/T. Dorn-Wallenstein et al.; Optical: NASA, ESA, J. Dalcanton et. al. and R. Gendler
مصدر إكس راي J0045+41 حقوق الصورة: X-ray: NASA/CXC/University of Washington/T. Dorn-Wallenstein et al.; Optical: NASA, ESA, J. Dalcanton et. al. and R. Gendler


يُسمّى هذا المصدر غير العادي LGGS J004527.30+413254.3 (أو اختصارًا J0045+41)، وقد شوهد في صور الأشعة السينية والبصرية لأندروميدا المعروفة أيضًا بـM31.

اعتقد العلماء حتى وقتٍ قريبٍ أنّ J0045+41 هو جسمٌ ضمن M31 أي مجرةٌ حلزونيةٌ كبيرةٌ قريبة نسبيًا حيث تقع على بُعد اثنين ونصف مليون سنة ضوئية من الأرض. بينما كشفت البيانات الجديدة أنّ J0045+41 يقع على بُعدٍ أكبر بكثيرٍ، نحو 2.6 مليار سنةٍ ضوئيةٍ من الأرض.

ويقول تريفور دورن والنشتاين Trevor Dorn-Wallenstein، كاتب الورقة البحثية التي تصف هذا الاكتشاف، وهو دكتورٌ في جامعة واشنطن في سياتل University of Washington in Seattle: "لقد كنا نبحث عن نوعٍ مميّزٍ وغريبٍ من النجوم في M31 واعتقدنا بأننا وجدناه ولكننا فوجئنا وتحمسنا كثيرًا بإيجاد شيء أغرب بكثير!".

إنّ الشيء الأكثر إثارةً للاهتمام من بُعد J0045+41 عن كوكب الأرض، هو احتواؤه زوجٍ عملاقٍ من الثقوب السوداء يدوران حول بعضهما، بكتلة كلية لهذين الثقبين العملاقين تقدر بمئتي مليون مرّةٍ من كتلة الشمس. ورأى فريقٌ آخر من علماء الفلك سابقًا تغيّراتٍ دوريةً في الضوء المنبعث من J0045+41، وظنوا أنه عضوٌ في مجرة أندروميدا مصنفينه بذلك على أنه زوجٌ من النجوم التي تدور حول بعضها مرةً كلّ ثمانين يومًا.

وكشفت شدة مصدر تشاندرا للأشعة السينية إنّ التصنيف الأصلي خطأ وقد توجب تصنيفJ0045+41 باعتباره إما نظامًا ثنائيّا في M31 يحتوي نجمًا نيترونيًّا أو ثقبًا أسود يسحب المادة من مرافقٍ له، وهو نوع النظام الذي يبحث عنه دورن في الأصل في M31، أو نظامًا أكثر ضخامةً وبُعدًا يحتوي ثقبًا أسود وحيدًا ضخمًا وسريع النمو على الأقل.

ومع ذلك، أظهر الطيف الذي رصده فريق علمي من جامعة واشنطن بواسطة تلسكوب جيميناي نورث Gemini North إنّه يجب احتواء J0045+41 على الأقل على ثقبٍ أسود عملاقٍ وقد تمكن الفريق من تعيين المسافة. كما أنّ هذا الطيف قدّم دليلًا على إمكانية وجود ثقبٍ أسود آخر في J0045+41 وهو يتحرك بسرعةٍ مختلفةٍ عن الثقب الأول وهذا متوقعٌ في حال دوران الثقبين حول بعضهما.

وقد استخدم الفريق بعد ذلك البيانات الضوئية المأخوذة من Polamar Transient Factory ليبحثوا عن تغيّراتٍ دوريةٍ في الضوء المُنبعث منJ0045+41 وبالفعل وجدوا عدّة دوراتٍ، واحدة نحو ثمانين يومًا وأخرى نحو ثلاثمئة وعشرين يومًا. وتتطابق هذه النسبة بين هاتين الدورتين مع النسبة التي توقعها الفريق من خلال الدراسة النظرية لديناميكا ثقبين أسودين يدوران حول بعضهما.

وتقول إيميلي لوفسج Emily Levesque، من جامعة واشنطن، المؤلفة المشاركة في كتابة الورقة البحثية: "هذه أول مرةٍ نعثر فيها على دليلٍ قويٍّ بهذا الشكل على وجود ثقبين أسودين ضخمين يدوران حول بعضهما". 

ويُقدِر الباحثون بأنّ الثقبين المفترضين يدوران حول بعضهما بمسافةٍ فاصلةٍ قدرها بضع مئاتٍ أضعاف المسافة بين الشمس والأرض، وهذا يقابل تقريبًا 1/100 من السنة الضوئية. بالمقارنة، يقع أقرب نجمٍ لشمسنا على بعد أربع سنين ضوئية. ويمكن أن يتكون نظامٌ بهذا الشكل نتيجةً لاندماج مجرتين قبل مليارات السنين، حيث تحتوي كلّ مجرةٍ ثقبًا أسود عملاقٍ وبسبب المسافة الفاصلة الصغيرة الحالية بينهما نجد أنّ هذين الثقبين ينجذبان نحو بعضهما بينما يصدران موجات جاذبية.

ويقول جون روان John Ruan، من جامعة واشنطن الذي شارك أيضًا في كتابة الورقة البحثية: "نحن لا نملك القدرة على تحديد كمية الكتلة الموجودة في هذين الثقبين الأسودين بالضبط وبناءً على ذلك فإننا نظن بأنهما سيصطدمان ويندمجان في غضون ما لا يقل عن ثلاثمئةٍ وخمسين عامًا أو ثلاثمئةٍ وستين عامًا على الأكثر".

إذا كان J0045+41 يحتوي بالفعل ثقبين أسودين فإنه حتمًا سيصدر موجات جاذبية ولكن لن يتمكن مرصد لايغو LIGO أو فيرجو Virgo من رصد تلك الإشارة. تمكنت هذه المراصد الأرضية مؤخرًا من رصد اندماج ثقوبٍ سوداء ذات الكتلة الشمسية التي تزن بحدٍّ أقصى ستون شمسًا ورصدوا قريبًا أيضًا ثقبًا أسود يقع بين نجمين نيترونين.

ويقول دورن: "إنّ اندماج الثقوب السوداء العملاقة يحدث ببطءٍ مقارنة بالثقوب السوداء ذات الكتلة الشمسية وأفضل وسيلةٍ لرصد التغيرات البطيئة التي تحدث في موجات جاذبية نظام مثل J0045+41 هي تقنيةٌ مختلفةٌ لرصد موجات الجاذبية تُسمّى Pulsar Timing Array".

وقد قُبلت الورقة البحثية التي تصف تلك النتيجة للنشر في إصدار العشرين من نوفمبر/تشرين الثاني من مجلة الفيزياء الفلكية The Astrophysical Journal وهي متوفرةٌ على الإنترنت.

كما إنّ مركز مارشال للرحلات الفضائية التابع لوكالة ناسا NASA's Marshall Space Flight Center الموجود في هانتسفيل Huntsville في ألاباما Alabama هو الذي يشرف على برنامج تشاندرا التابع لإدارة ناسا لمهمات الفضاء Chandra program for NASA's Science Mission Directorate في واشنطن، ويُدير مرصد سميثسونيان للفيزياء الفلكية The Smithsonian Astrophysical Observatory الموجود في كمبريدج Cambridge في ماساتشوستس Massachusetts عمليات تشاندرا العلمية والطيران.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات