شهب الهالويين تتألق في سماء شهر نوفمبر

هناك فرصة كبيرة أن تكون الأرض على موعد خلال الأسبوعين المقبلين مع مجموعة كبيرة من الجسيمات الفضائية الكبيرة الحجم بشكلٍ غير اعتيادي، والتي تتمتع بالقدرة على التسبب في حدوث بعض الشهب النارية التي تسحر الأنظار.

تسمى شهب توريد Taurid أحيانا "بشهب هالويين المتوهجة" (الشهب المتوهجة هي شهب ساطعة بشكل كبير جداً)، وهي تتسبب في حدوث واحدة من أطول زخات تساقط الشهب لهذا العام، بمعدل تساقط زوج من الشهب خلال كل ساعة على الأقل، وذلك في الفترة الممتدة بين 20 أكتوبر/تشرين الأول إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني. وستبلغ شهب توريد ذروتها (أي عندما تكون أكثر نشاطاً) خلال إطار زمني يمتد من 5 إلى 12 نوفمبر/تشرين الثاني.

ومن الممكن خلال أوقات ذروة زخة الشهب هذه أن يرى الراصد في سماء صافية ومظلمة تُساقط حوالي 12 شهاباً في كل ساعة، وبطبيعة الحال ستقلل أضواء المدينة أو حتى وجود ضباب خفيف من عدد الشهب الخافتة التي يمكن مشاهدتها. تتميز هذه الشهب بألوانها الصفراء والبرتقالية، ومع استمرار تساقط الشهب سيشهد الراصد أنها تبدأ بالتحرك ببطء.


تعرف الشهب باسم (القذائف النجمية)، وهي تحدث عندما يدخل بعض الحطام الفضائي إلى الغلاف الجوي للأرض ويحترق فيه، وعليه فإن الشهب التي تُكون زخة شهب توريد هي عبارة عن حطام مذنب إنكي (Encke)، أو ربما بقايا مذنب أكبر بكثير تحطم مخلفا وراءه مذنب إنكي ومجموعة أخرى من الحطام.


و يتضمن في الواقع تيار شهب توريد، أجزاء وشظايا أكبر بكثير من تلك التي خلفتها وألقتها المذنبات الأخرى، وهذا الأمر يفسِّر أنه خلال سنين محددة (من المتوقع أن تكون سنة 2015 إحداها)، سيتسبب تيار الشهب القديمة (في العمر) في تساقط بعض الشهب الساطعة الفريدة من نوعها.

تياران لمصدر واحد


تنقسم شهب التوريد إلى قسمين، التوريد الشمالية، والتوريد الجنوبية، وهذا مثال على ما يحدث لتيار النيازك عندما يتقدم في السن.


الجسيمات في هذا التيار


من غير الممكن أن تتحرك الجسيمات الموجودة في تيار الشهب حتى في بداية تشكلها، في نفس المدار الذي سلكه المذنب الأصلي الذي تكونت منه، حيث يستمر هذا الانحراف المداري بالتزايد مع مرور الوقت.


ولا تعتبر الشمس الجسم الوحيد المتحكم في مدارات هذه الجسيمات، حيت أن للكواكب أيضا تأثيراتها الخفيفة على مدار تيار الجسيمات. وعلى اعتبار أن مواقع وأماكن الكواكب بالنسبة إلى الشمس تتغير باستمرار، فإن الجسيمات التي تعبر بالقرب منها تعمل في بعض الثورانات أكثر من الأخرى على حرف أجزاء من التيار ومن ثم نشره (أي نشر الجسيمات) وتقسيمه. 

 

قام جون تشوماك John Chumack وهو أحد هواة مراقبة الأجسام السماوية بتصوير عدد من شهب توريد في سنة 2012، و، ستكون هذه الشهب في العام 2015 ناشطة بشكل كبير طوال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وسيبلغ تساقط الشهب هذا ذروته بتاريخ 5 و 12 نوفمبر/تشرين الثاني.  المصدر: John Chumack/www.galacticimages.com
قام جون تشوماك John Chumack وهو أحد هواة مراقبة الأجسام السماوية بتصوير عدد من شهب توريد في سنة 2012، و، ستكون هذه الشهب في العام 2015 ناشطة بشكل كبير طوال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، وسيبلغ تساقط الشهب هذا ذروته بتاريخ 5 و 12 نوفمبر/تشرين الثاني. المصدر: John Chumack/www.galacticimages.com

 

وتأتي هذه الجسيمات والتيارات من مصادر متفرقة، إلا أنها تندمج بشكل كامل في سديم الغبار الموجود في النظام الشمسي. يعرف المشع أو المشع الظاهري لزخة الشهب بأنه تلك النقطة الموجودة في السماء والتي يبدو أن الشهب تنبعث وتصدر منها. ولكن كما ذكرت سابقا فإن مشع شهب توريد ينقسم إلى قسمين، مشع زخة شهب توريد الجنوبية ومشع زخة توريد الشمالية، حيث يبلغ مشع توريد الجنوبي ذروته بتاريخ ٥ نوفمبر/تشرين الثاني بينما يبلغ مشع توريد الشمالي ذروته بتاريخ ١٢ من ذات الشهر.


وتمر كل من شهب توريد الشمالية والجنوبية عبر دائرة خط الطول (الزوال) الجنوبية، كما تبلغان ذروة ارتفاعهما في السماء بحلول منتصف الليل. ويقع كل من المشع الشمالي والجنوبي إلى الجنوب من عنقود الثريا النجمي Pleiades الموجود في كوكبة الثور Taurus. وبناء على ماسبق، إذا شاهدت خلال الأسبوعين القادمين شهبا ساطعة تميل إلى اللون البرتقالي وتتحرك ببطء مبتعدة عن عنقود الثريا المشهور، فكن على يقين أنك تنظر إلى شهب توريد.

هل هي سنة تساقط الشهب؟


هناك سبب آخر يجعل من العام 2015 عاما ملائما بامتياز لتساقط شهب توريد وهو الوضع المناسب والمثالي للقمر، ففي صبيحة الخامس من نوفمبر/تشرين الثاني سيكون القمر عبارة عن هلال شاحبٍ كبير الحجم، كما ولن يرتفع ليحتل مكانه في السماء إلا بحلول الساعة 12:30 صباحا حسب التوقيت المحلي، وبالتالي لن يشكل عائقا كبيرا أمام محبي مشاهدة ورصد الشهب.


وسيبدأ الهلال بالتضاؤل بعد هذه الليلة باستمرار، كما سيرتفع باستمرار في صبيحة الأيام التالية إلى أن يصل أخيرا إلى طوره الجديد بتاريخ 11 نوفمبر/تشرين الثاني. وعليه ستكون السماء مظلمة بأكملها وخالية من ضوء القمر، ما يعتبر فرصة مناسبة لهواة رصد الشهب.
 

يعد مذنب إنكي صاحب أقصر فترة مدارية معروفة من بين جميع المذنبات، حيث يستغرق فقط ٣,٣ سنة كي يكمل رحلة دورانه حول الشمس. وقد اكتشف المختص بعلوم الشهب دافيد آش (David Asher) أنه من الممكن أن تواجه الأرض بشكل دوري حشوداً من الجسيمات الكبيرة التي خلفها هذا المذنب وذلك خلال عدة سنين.وبشكل مثير للعجب فإنه من المتوقع أن تكون سنة 2015 واحدة من تلك السنوات.


شهدت سنة 2005 إحدى تلك الحشودات الاستثنائية، حيث تمت رؤية العديد من تلك الشهب الساطعة والمذهلة وخصوصا على الساحل الشرقي للولايات المتحدة الأميركية في مساء عيد الهالويين. وقد كانت الشهب التي تمت مشاهدتها في تلك الليلة ساطعة بشكل مشابه لسطوع البدر. هل ستقدم سنة 2015 تكراراً للعرض؟ لن نستطيع التأكد من هذا الأمر إلا إذا خرجنا وشاهدنا تلك الشهب الملونة والتي تتحرك ببطء في السماء.ِ

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات