الكشف عن دارات الدماغ الخاصة بالمعتقدات السياسية

قال علماء الأعصاب في معهد الدماغ والإبداع Brain and Creativity institute التابع لجامعة كاليفورنيا الجنوبية University of Southern California إن نتائج الأبحاث باستعمال الرنين المغناطيسي الوظيفي تبدو ذات صلة بكيفية استجابة الناس لروايات الأخبار السياسية، سواءٌ أكانت صحيحة أم زائفة، طيلة فترة الانتخابات.

يقول جوناس كابلن Jonas Kaplan الباحث الرئيس في هذه الدراسة، وهو باحث مساعد وبروفيسور في علم النفس بمعهد الدماغ والإبداع التابع لكلية دورنسيف Dornsife College للأدب والفن والعلوم التابعة لجامعة كاليفورنيا الجنوبية USC: "المعتقدات السياسية كالمعتقدات الدينية؛ باعتبار أن كلّاً منهما جزء من شخصيتك، وأن كلاً منهما هام للدائرة الاجتماعية التي تنتمي إليها، وحتى تتبنى وجهة نظر أخرى، عليك أن تكون شخصًا آخر".

لتحديد أي من شبكات الدماغ يستجيب عندما يتمسك أحدهم بمعتقد ما بشدة، قارن علماء الأعصاب في معهد الدماغ والإبداع التابع لجامعة USC كيفية ومقدار تغيير الناس آراءهم في المسائل السياسية وغير السياسية عندما تُعرض عليهم ادعاءات تناقض آراءهم.


صورة النّواتان اللوزيتان (وهما المنطقتان لوزيتا الشكل اللتان تظهران في وسط الدماغ قريبًا من مقدمه) تميلان للنشاط عندما يرفض الناس تغيير معتقداتهم السياسية. حقوق الصورة: Photo/Courtesy of Brain and Creativity Institute at USC
صورة النّواتان اللوزيتان (وهما المنطقتان لوزيتا الشكل اللتان تظهران في وسط الدماغ قريبًا من مقدمه) تميلان للنشاط عندما يرفض الناس تغيير معتقداتهم السياسية. حقوق الصورة: Photo/Courtesy of Brain and Creativity Institute at USC


وجد العلماء أن الناس كانوا أكثر مرونة عندما طُلِب منهم تقدير قوة إيمانهم في المسائل غير السياسية، على سبيل المثال "هل كان ألبرت أينشتاين أعظم فيزيائي في القرن العشرين؟".

لكن عندما وصل الأمر لإعادة النظر في معتقداتهم السياسية، مثل هل يتوجب على الولايات المتحدة أن تنقص تمويل الجيش، لم يتزحزحوا عن آرائهم .

يقول كابلن: "لقد تفاجأت بأن الناس شككوا بعظمة أينشتاين كفيزيائي ، لكن هذه الدراسة أظهرت أن هنالك عدة مجالات نحافظ فيها على مرونة آرائنا."

نُشِرت الدراسة في 23 ديسمبر/كانون الأول 2016 في دورية Scientific Reports التابعة لـNature. 
الباحثون المشاركون في الدراسة هم سارة غمبل Sarah Gimbel، من معهد الدماغ والإبداع، وسام هاريس Sam Harris، وهو عالم أعصاب في مشروع Project Reason غير الربحي في لوس أنجلوس.

 استجابة الدماغ لتحديّات المعتقدات


قام علماء الأعصاب بتوظيف 40 متطوعاً من أجل الدراسة عرّفوا عن أنفسهم كليبراليين . قام العلماء فيما بعد بفحص كيفية استجابة أدمغتهم لتحديات معتقداتهم باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي.

خلال جلسات تصوير أدمغتهم، قدم المشاركون 8 إفادات سياسية قالوا إنهم يؤمنون بها بقدر قوة إيمانهم بمجموعة أخرى من 8 إفادات غير سياسية. ثم عرض على المشاركين خمسة ادعاءات تناقض آراءهم . 

قيم المشاركون شدة اعتقاداتهم بالإفادات الأساسية على مقياس من 7 بعد قراءة كل رأي من الآراء المناقضة. ثم مسح العلماء بعد ذلك أدمغتهم ودرسوها لتحديد أي المناطق كانت الأكثر نشاطاً خلال هذه التحديّات.

لم يغير المشاركون آراءهم كثيراً، إن لم يكن مطلقاً، عندما عُرضت عليهم بيانات تعارض إفاداتهم السياسية مثل "القوانين التي تنظم حيازة السلاح في الولايات المتحدة يجب أن تكون مقيدة بشكل أكبر."

لكن العلماء لاحظوا أن شدة اعتقاداتهم ضعفت بمقدار نقطة أو نقطتين عندما تحدوا المواضيع غير السياسية مثل "هل كان توماس إديسون حقـًا هو مخترع المصباح الكهربائي؟". عُرِضت على المشاهدين دلائل معارضة خلقت لديهم شعورًا بالشك، مثل: "قبل إديسون بسبعين سنة تقريبًا، قام هومفري ديڤي Humphrey Davy بعرض مصباح كهربائي على الجمعية الملكية".


وجدت الدراسة أن الأشخاص الذين كانوا أكثر مقاومةً لتغيير معتقداتهم كان لديهم نشاط أكبر في اللوزيتين الدماغيتين Amygdalae (منطقتان لوزيتا الشكل قريبتان من مركز الدماغ) وفي قشرة الجزيرة Insular Cortex، مقارنةً بالأشخاص الذين كانوا أكثر استعداداً لتغيير آرائهم.

يقول كابلن، وهو مدير مساعد في مركز دورنسيف للتصوير العصبي المعرفي Dornsife Cognitive Neuroimaging Center في جامعة كاليفورنيا الجنوبية USC: "ربما كان للنشاط في هذه المناطق الهامّة للعاطفة وصنع القرارات علاقةٌ بالمشاعر التي نحس بها عندما نواجه رأيًا معارضًا لآرائنا. 
اللوزة الدماغية على وجه التحديد معروفة بمشاركتها بشكل خاص في إدراك التهديد والقلق، وقشرة الجزيرة تعالج المشاعر من الجسم، وهي مهمة لكشف المحفزات العاطفية البارزة. ويرتبط ذلك مع فكرة أنه عندما نشعر بالتهديد أو القلق أو الانفعال، نكون أقل قابلية لتغيير آرائنا."
 

 أفكار ذات أهمية


كما لاحظ أن نظامًا في الدماغ – هو شبكة المزاج الافتراضي Default Mode Network – اشتد به النشاط عندما تم تحدي معتقدات المشاركين السياسية.

يقول كابلن: "رُبطَت هذه المناطق من الدماغ بالتفكير بهويتنا، وبنوع التأمل أو التفكير العميق الذي يأخذنا بعيدًا عن هنا وعن الآن".

يقول الباحثون إن هذه الدراسة الأخيرة، إضافة لدراسة أخرى أُجريت في وقت أبكر في نفس السنة، تشير إلى أن شبكة المزاج الافتراضي مهمة للمستويات العليا من التفكير بالقيم والمعتقدات الشخصية المهمّة.

تقول سارة غمبل، العالمة والباحثة في معهد الدماغ والإبداع: "إن فهم لماذا يكون الناس أكثر قابلية لتغيير آرائهم ؟ ومتى يكون ذلك ؟ غرضٌ مُلِح، ومعرفة كيف وأي التعابير تقنع الناس ليغيروا معتقداتهم السياسيّة ربما يكون مفتاحًا لرقي المجتمع."

يمكن أن تطبق هذه النتائج في المجالات غير السياسية، التي تتضمن كيف يستجيب الناس لروايات الأخبار الكاذبة.

أنهى كابلن: "يجب أن نعترف بأن العاطفة تلعب دوراً في الإدراك وفي كيفية تقرير ما الصحيح وما الخطأ ، ويجب ألا نتطلع لأن نصبح حواسيب عديمة الإحساس، فنحن كائنات حية."

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات