يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
 فيما يلي بعض المدن الأسوأ عالميًا من حيث جودة الهواء

هل تحاول الهروب من الأمونيا المحمولة جوًا؟ إياك أن تطيل الإقامة في مدينة لاغوس فينيجيريا أو دلهي في الهند. أمّا إن كنت عازمًا على تفادي الأوزون لربما عليك إضافة بكين وكراشي في وبكستان ولوس انجلوس وكلفورنيا إلى قائمتك. وتعد المدن آنفة الذِّكر إحدى أكثر مدن العالم سوءاً في نقاوة الهواء حسب أخر تحليل للغازات الأربعة المرافقة لتلوث الهواء هي: الأمونيا وحامض الفورميك والميثانول والأوزون. إنّ نتائج التحليل ستساعد العلماء على فهم أعمق للدور المهم الذي تلعبه الجغرافية والمناخ المحلي في تحديد نقاوة الهواء.


تقول مريام مارلير Miriam Marlier وهي عالمة بيئيّة في جامعة كولومبيا، والتي لم تشارك في هذه الدراسة: "من الضروري أن نفهم أكثر ما الذي يساهم في تلوث الهواء من أجل حماية السكان من آثاره السلبية على الصحة العامة".


يمكن للهواء الملوّث أن يُؤدي إلى مشاكل صحية خطرة، من ضمنها أمراض الرئة والقلب والأوعية الدموية. إلا أنّه يصعب قياس نقاوة الهواء. إذ تفتقر مدن عديدة ـ بالأخص مدن الدول النامية ـ إلى أجهزة استشعار أرضية وجوية وإلى الموارد البشرية المدرّبة لمراقبة الظروف الجوية على طول مساحات كبيرة باستمرار.


قررت كارين كادي بيريرا Karen Cady-Pereira ـ عالمة في أجهزة الاستشعار عن بعد في شركة البحوث البيئية والغلاف الجوي وهي شركة إستشارات بيئية في ليكسينغتون، ماسشوتشس ـ أن تستخدم قمرًا صناعيًا لقياس تلوث الهواء من فوق 18 مدينة من اكبر التجمعات الحضرية في العالم بتعدادٍ يبلغ 10 مليون نسمة أو يزيد.

 

قامت بيريرا وفريقها منذ عام 2013 بقياس مستويات الأمونيا وحامض الفورميك والميثانول والأوزون بإستخدام جهاز يدعى (مطياف الأنبعاث التروبوسفيري) The Tropospheric Emission Spectrometer ويعرف أختصارًا بـ(TES ) مُركب فوق قمر يدعي (أورا) Aura التابع لوكالة ناسا والذي يقوم بدراسة الغلاف الجوي للأرض. يمر أورا فوق المدن موضوع الدراسة كل 16 يومًا في الوقت المحلي نفسه تقريبًا، وهذه نقطة جوهرية حيث أنَّ نقاوة الهواء تتفاوت خلال ساعات اليوم. كما أن نتائج الرصد قد جمعت في الظروف الجوية نفسها مما يعني أن بالإمكان مقارنة بيانات المدن جميعها بصورة دقيقة.


توصّل الفريق إلى أن مدينة كراتشي في باكستان تتصدر الترتيب العالمي للأوزون. فقد جمعت نتائج قياسات تقارب 300 عملية قياس خلال سنة واحدة وتبيّن أن ثلث هذه النتائج يفوق الحد "المؤذي" للأوزون كما وصفه الباحثون، مما قد يؤدي إلى حدوث الضباب الكثيف، وإن مستويات الأوزون مرتفعة أيضًا في مدن أخرى غير كراتشي.

 

عندما يتعلق الأمر بغاز الأمونيا ـ الغاز الذي يساعد على تشكيل الجزيئات المحمولة جوًا التي تُسبب أمراض الرئة ـ فإنّ مدنًا أخرى تبرزُ هنا كمدينة كولكاتا في الهند فقد فاقت الحد "المؤذي" بمقدار 47.1% عند قياسها، وكذلك مدينة دكا، بنغلاديش بما يزيد عن 51.6% عند قياسها. بينما احتلت مدينة دلهي على المركز الأول بزيادة 73.5%عند قياسها، تجاوزت فيها الحد "المؤذي". تنتج الأمونيا من فضلات الماشية والسماد العضوي، وهي الأكثر شيوعًا في المدن التي تكثر حولها الأنشطة الزراعية.


مستويات الأوزون، حقوق الصورة: كرافيك جي. جرولون G. Grullon للعلوم: (بيانات) لمطياف الأنبعاث التروبوسفيري TES, لمختبر الدفع النفاث JPL.
مستويات الأوزون، حقوق الصورة: كرافيك جي. جرولون G. Grullon للعلوم: (بيانات) لمطياف الأنبعاث التروبوسفيري TES, لمختبر الدفع النفاث JPL.

 

مستويات الأمونيا، حقوق الصورة: كرافيك جي. جرولون G. Grullon للعلوم: (بيانات) لمطياف الأنبعاث التروبوسفيري TES, لمختبر الدفع النفاث JPL.
مستويات الأمونيا، حقوق الصورة: كرافيك جي. جرولون G. Grullon للعلوم: (بيانات) لمطياف الأنبعاث التروبوسفيري TES, لمختبر الدفع النفاث JPL.

 

بدأ الباحثون للتوّ في تحليل النتائج التي بحوزتهم وهم يواصلون جمع البيانات حول الغازات الأخرى، ولغاية هذه اللحظة توصّلوا إلى نتيجة واحدة مفادها؛ أنّ حرق الكتلة الحيوية بما في ذلك (إشعال الغابات وحرق النفايات ووالتخلّص من بقايا المحاصيل الحقلية باستخدام النار) يتسبب في الارتفاع الموسمي للغازات الضارة في مدينة لاغوس في نيجيريا وكذلك في مدينة مكسيكو. وكذلك ينوي الباحثون إعطاء تقرير كامل حول الموضوع لمجلة كيمياء وفيزياء الغلاف الجوي (Atmospheric chemistry and physics).


كشف فريق الباحثين أيضًا عن إرتفاع نسب الغازات الأربعة ـ التي تعكس سوء جودة الهواء ـ في الغلاف الجوي لمدينة مكسيكو كل سنة بين آذار/مارس وحزيران/يونيو، وهي الفترة الزمنية الرئيسية لعملية حرق الأرض لتصفيتها من بقايا المحاصيل للاستعداد للزراعة من جديد حيث تدعم بيانات من هذه الدراسة الرابط بين الإثنين. وقد تزامن أحد حوادث التلوث العاتية التي شهدتها مدينة ميكسيكو في بداية أيار/مايو من عام 2013 وإندلاع الحرائق في الجنوب الغربي للمدينة.

 

لاغوس – وهي المدينة التي سُجِّلت بها نسب للغازات الأربعة أعلى من مدينة مكسيكو ـ عاصمة مزدهرة تعاني من شبكة كهربائية ذات بنية هشة ولا يعول عليها ومن خيارات محدودة لتدبير النفايات. تقول بيريرا: "أي شخص يتمتع بالقدرة الشرائية تكون أول مقتنياته مولد الديزل الكهربائي الذي يلوث الهواء بشدة." وتضيف في السياق ذاته: "يحرق الناس الكثير من النفايات فقط للتخلص منها". 


تلعب الجغرافية دورًا رئيسًا فمثلاً في مدينة مكسيكو، تحيط الجبال بالجزء الشمالي والشرقي والغربي من المدينة حيث تعمل كحاجز طبيعي أمام الغازات والجسيمات المنبعثة من النيران البعيدة. بينما في مدينة لاغوس فإن أشعة الشمس القوية بالقرب من خط الإستواء تحفز التفاعلات التي بدورها تؤدي إلى إنتاج الأوزون، بالإضافة إلى أن نسيم البحر يعمل على حصر الملوثات عند هبوبه بصورة مستمرة فوق ساحل المدينة.


تبحث بيريرا وفريقها في الوقت الحالي عن المزيد من الأنماط في مجموع بياناتهم المُتنامية، من بين هذه الإنماط التي يبحثون فيها اليوم، نجد مستويات غير عادية للأمونيا في سماء بوينس آيرس، وترجح بيريرا أنّ المجال الصناعي الكبير للذبح وتقطيع اللحوم (القصابة) هو السبب الرئيسي، ثم تردف قائلةً: "تعرض هذه الخرائط العديد من الأمور التي من الممكن أن نفحصها بدقة وعمق".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الإصدارية (Emission): هي كمية الضوء، أو بشكلٍ عام الإشعاع الكهرومغناطيسي، الناتجة عن ذرة ما أو جسم آخر. المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات