كيف تعمل لقاحات كوفيد-19؟

تسببت جائحة كوفيد-19 الناتجة عن فايروس SARS-CoV-2 بإصابة ملايين البشر حول العالم، الأمر الذي دفع شركات الأدوية والجامعات والحكومات نحو إيجاد لقاح فعّال ضد المرض، فما عدد لقاحات كوفيد-19 التي لا تزال قيد التطوير؟


كان هناك نحو 150 لقاح حول العالم في مراحل مختلفة من التطوير، وذلك في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول لعام 2020، وقد تجاوز العديد منها المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، والتي تُعتبَر الخطوة الأخيرة المؤدية لموافقة الحكومات حول العالم.

أصبحت هذه اللقاحات متوفرة عندما وافقت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية (U.S.FDA) عليها وأكدت فعاليتها وأمان استخدامها.

لكن الموافقة الكاملة لم تكن ضرورية لبدء توزيع اللقاح، إذ منحت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لقاح شركة فايزر بايونتك Pfizer-BioNTech الإذن بالاستعمال العاجل له (EUA)، وقد بدأ توزيع الدفعات الأولى من اللقاح لتلقيح الأفراد من عمر 16 سنة فما فوق في الولايات المتحدة الأمريكية في منتصف شهر ديسمبر/كانون الاول لعام 2020، وتلته اللقاحات التالية بمدة قصيرة:
- لقاح موديرنا Moderna.
- لقاح أسترازينيكا AstraZeneca.
- لقاح جانسن Janssen.
- لقاح نوڤا أڤاكس Novaavax.

ما هي آلية عمل لقاحات كوفيد-19؟
يساعد اللقاح جسم الإنسان على محاربة فيروس كورونا من خلال تهييج وتهدئة الجهاز المناعي، ومن ثم تقوية الدفاعات البيولوجية لمقاومة الفيروسات التي تغزو الجسم في حال التعرض لها عرضيًا.

تُسمى العناصر الآتية بالاستجابات المناعية للتطعيم، وهي:
- خلايا الدم البيضاء التائية (WBC type T)، وهي خلايا يمكنها التعرف على الفيروس وقتله(مناعة خلوية).
- خلايا الدم البيضاء البائية (WBC type B)، وهي خلايا تصنع بروتينات تسمى أجسام مضادة بهدف إضعاف الفيروس وتقييد تأثيراته.

يدرب اللقاح خلايا الدم البيض على التعرف على الفيروس قبل أن يبدأ الانقسامات داخل الجسم، وكذلك يزود الخلايا التائية والبائية بذاكرة مناعية مما يوفر مناعة دائمة.

سينخفض معدل العدوى النشطة مع تزايد عدد الأشخاص المُطعَّمين، ما يؤدي إلى تقليل عدد المصابين في كل مجتمع، وسيساعد أيضًا في حماية الأشخاص الذين لم يُطعَّموا بعد، وهذا ما يعرف بمناعة القطيع.

قد تتطور مناعة القطيع بدون لقاح، وذلك عندما تصاب أعداد كبيرة من الناس أثناء انتشار الفيروس في المجتمع، وهؤلاء الأفراد المصابين إما أن يتخلصوا من الفيروس أو يموتوا، وبالتالي ستزداد ببطء المناعة ضد العدوى للمجتمع بشكل عام حتى يتوقف الفيروس عن الانتشار تمامًا.

سيكلف هذا السيناريو البشرية أعدادًا هائلةً من الأرواح أكثر مما تتطلَّبُهُ مناعة القطيع المعتمدة على التطعيم الصناعي من خلال اللقاحات، ولذلك تشدّد معظم سلطات الصحة حول العالم على التباعد الاجتماعي وارتداء الكمامات والتطعيم ضد الفيروس لتقليل عدد الإصابات الجديدة.

الأنواع المختلفة للقاحات كوفيد-19 هي كما يلي:
- لقاح الفيروس غير الفعال:
في هذه التقنية، يُصنع اللقاح باستخدام نسخة مضعفة أو غير فعالة من فيروس كوفيد19، وهنا لا يسبب الفيروس المرض، ولكنه كافٍ لإحداث استجابة مناعية.
- لقاح الفيروسات الحية الوَهِنْة:
تُعَدُّ هذه الفيروسات نسخةً غير مؤذية ومضعَّفةً جينيًا من فيروس كوفيد-19، وتُصنَّع مخبريًا لتكوين اللقاح. هنا يولًد الجسم الصحي استجابةً مناعيةً ضد الفيروس الواهن، وبهذه الطريقة ستذكر خلايا الدم البيض الهيكل الفيروسي، ما سيسمح للجسم بتكوين استجابة مناعية أقوى في حال تَعرَّض الإنسان إلى عدوى فعلية.
- لقاح يعتمد على البروتينات الملتحمة:
تستخدم هذه اللقاحات غلافًا بروتينيًا يشابه الهيكل الفيروسي لكوفيد-19، وبالتالي الاستجابة المناعية الموجهة ضد هذا الغلاف سوف تستهدف فيروس كورونا الحي أيضًا.
- لقاحات تعتمد على النواقل:
في هذا اللقاح، يُستعمَل الفيروس المسبب للزكام أو نزلة البرد الاعتيادية كحامل أو ناقل للكودون المرمز لبروتينات خاصة بفيروس كوفيد-19. إذ يُزرع هذا الكودون داخل فيروس الزكام، وعند التطعيم سوف يصل الكودون إلى خلايا الجسم، وسيوجه الخلايا نحو تكوين البروتين الخاص بالفيروس، ما يُطلق استجابةً مناعيةً قويةً عن طريق خلايا الدم البيضياء.
- لقاحات الحمض النووي الريبوزي منقوص الأكسجين DNA:
يستعمل في هذا اللقاح بكتيريا نامية مختبريًا لإنتاج حمض نووي مُعدل وراثيًا يحمل كودونات خاصة بالبروتين S المعروف باسم بروتين الحَسَكة Spike protein المتعلق بفيروس كورونا، وعند التطعيم فان خلايا الجسم ستقرأ قالب الحمض النووي لتبدأ بإنتاج البروتين S بكميات كبيرة، ما سيؤدي الى انطلاق استجابة مناعية عن طريق خلايا الدم البيضاء لمحاربة العناصر الفيروسية والتخلص منها.
- لقاح الحمض النووي الريبوزي المرسال mRNA:
هذه تقنية متطورة تستخدم مرسالًا معدلًا وراثيًا (mRNA الذي يأخذ االمعلومات الوراثية من الحمض النووي إلى آلية صنع البروتين في الخلية) يرمز للبروتين الخاص بفيروس كورونا، وعند التطعيم سيعطي هذا الحمض النووي المعدل تعليمات للخلايا لتصنع بروتين الفيروس، والذي بدوره يجعل الخلايا البيضاء تقوم باستجابة مناعية، وننوه أن لقاح شركة فايزر بايونتك يستعمل هذه التقنية.

تتألف معظم لقاحات كوفيد-19 من حقنتين تُعطيان عن طريق العضلات، أول حقنة فهي لبدء بناء الحماية والمناعة ضد الفيروس، أما الثانية لتعزيز مستوى الحماية، وحتى منتصف شهر ديسمبر/كانون الاول لعام 2020 لم يكن معلومًا إلى متى ستستمر المناعة المحصَّلة عن طريق اللقاح.

إضافةً إلى التحديات اللوجستية في توزيع ملايين الجرعات، فإن جميع اللقاحات حساسة لدرجة الحرارة، لذلك فإن الحفاظ على تخزين ملائم لهذه اللقاحات مهم للغاية للحفاظ على فعاليتها، كما أن التخزين والنقل المبردين ضروريان على جميع المستويات عند تجهيز اللقاحات وإيرادها إلى الأسواق.

هل تسبب لقاحات مرض كوفيد-19 شلل الوجه النصفي أو ما يسمى بشلل بيل Bell’s palsy؟
سُجِّلت أربع حالات إصابة بشلل بيل خلال تجارب لقاح شركة فايزر بايونتك في منتصف شهر ديسمبر/كانون الأول لعام 2020، وذلك وفقًا لهيئة الغذاء والدواء الأمريكية، وكانت جميع الحالات تلك ضمن المجموعة التي استلمت اللقاح وليس العلاج الوهمي (placebo)، ومع ذلك فإن هذا العدد المسجل لإصابات شلل بيل لا يتجاوز العدد المتوقع للإصابة به لدى عموم السكان آخذي اللقاح، وتراقب إدارة الغذاء والدواء متلقي اللقاح بحثًا عن أدلة على حالات جديدة لشلل الوجه النصفي.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات