كيف تَشكّل محيط الماغما على كوكب الأرض؟

اقترح بحثٌ سابقٌ أنه بعد سقوط صخرةٍ كبيرةٍ على الأرض شكلت القمر قبل 4.5 مليار عام، غطى محيطٌ من الماغما معظم سطح الأرض.
مصدر الصورة: NASA/JPL-Caltech


قال باحثون أنه ربّما يساعد دوران الأرض حديثة الولادة في التحكم بنشوء محيطٍ من الماغما الهائلة المتوضّعة فوق النواة.

وأضافوا أن معرفة كيفية تطور محيطات الماغما في الأرض مع مرور الوقت، ربما يسلط الضوء على بداية "الصفائح التكتونية" (plate tectonics)، والتي تعني الألواح الصخرية المتحركة التي تشكل الكوكب والمسؤولة عن حدوث الزلازل والبراكين.

اقترحت حسابات سابقة أن الأرض تملك محيطاً، أو أكثر من الماغما أو الصخور المنصهرة، على سبيل المثال، بعد سقوط صخرة بحجم المريخ على الأرض قبل نحو 4.5 مليار عام لتكوّن القمر، اقترحت دراسة سابقة أن محيطاً من الماغما بعمق حوالي 620 ميلاً أو 1000 كيلومتر، قد غطى معظم سطح الأرض وفقاً لبحثٍ سابقٍ.

إن فهم المزيد عن كيفية تبلور صخور الأرض المنصهرة مع مرور الوقت، يمكن أن يسفر عن رؤى تدل على أوّل مرةٍ تطور فيها حقل مغناطيسي للكوكب، والذي يقوم بدوره في حماية الكوكب من الإشعاعات الشمسية المميتة، الأمر الذي يمهد الطريق لأصل الحياة على الأرض، إضافة إلى ذلك، قال مؤلف الدراسة كريستيان ماس Christian Maas الجيوفيزيائي في جامعة مونستر في ألمانيا: "تبلور محيط الماغما وضَع الشروط الأولية للصفائح التكتونية".

فشلت الأبحاث السابقة بأن تأخذ بعين الاعتبار تأثيرات دوران الأرض عندما تطرقت إلى كيفية تطور محيط الماغما، ووجد العلماء الآن أنّه ربما أثّر دوران الأرض في تبلور الصخور المنصهرة.

يقول ماس: "تملك التأثيرات الدورانية تأثيراً بالغ الأهمية على العمليات في محيط الصهارة وبالتالي على تاريخ الأرض".

قال العلماء: "بسبب دوران الأرض أول تكونها، توضّعت بلورات السليكات في الأقطاب في أسفل المحيط، بينما تجمعت عند خط الاستواء في منتصف العمق". الملكية: كريستيان ماس. Christian Maas, et al.
قال العلماء: "بسبب دوران الأرض أول تكونها، توضّعت بلورات السليكات في الأقطاب في أسفل المحيط، بينما تجمعت عند خط الاستواء في منتصف العمق". الملكية: كريستيان ماس. Christian Maas, et al.
 دارت الأرض حديثة الولادة بشكلٍ أسرع مما هي عليه اليوم، مع أيام لم تكن مدتها أكثر من 2 إلى 5 ساعات بدلاً من 24 ساعة، وأيضاً كان الكوكب أسخن، ما جعل الماغما أقل لزوجة وأسهل للدوران، ويشبه الأمر كثيراً سرعة دوران الحليب في الخلاّط بشكلٍ أكبر من سرعة دوران العسل.

طوّر العلماء نموذجاً حاسوبياً للأرض في وقتٍ مبكر، لرؤية كيف يؤثر دوران الكوكب على محيط الماغما مع مرور الوقت، ووجدوا أنّ الدوران أثّر على طريقة تبلور الصخور الغنية بالسيليكون المعروفة باسم السيليكات، و هي المكونات الرئيسية للماغما.

عندما لم يدُر النموذج، غرقت بلورات السيليكات الأثقل بشكل أعمق في محيط الماغما، في حين استقرت البلورات الأخف فوق البلورات الأثقل كما كان متوقعاً، وعندما دار النموذج، قامت القوى الدورانية المطبقة على البلورات بجعلها تتصرف بشكل مختلفٍ عند خط الاستواء عنها عند القطبين، فعند القطبين غرقت البلورات الأثقل إلى الأسفل، وتوضّعت البلورات الأخف فوقها، لكن عند خط الاستواء تراكمت البلورات الأثقل في منتصف العمق، بينما غرقت البلورات الأخف إلى الأسفل.

وأخبر ماس مجلة لايف ساينس: "النتيجة الأكثر إثارة للدهشة بالنسبة لي هو أن سلوك البلورات يختلف بشكل كبير بين القطبين وخط الاستواء".

تصرفت البلورات كما فعلت عند خط الاستواء بسبب ظاهرة معروفة باسم تأثير كوريوليس Coriolis effect، عندما يدور الكوكب، تتحرك المادة فيه وعليه بمسارات منحنية، وهذا التأثير بين أشياء أخرى يؤثر على درجة أنماط الرياح كالأعاصير والدوامات.

قال ماس: "يعمل تأثير كوريوليس عند خط الاستواء ضد الجاذبية، مغيراً مسار سقوط البلورات، تؤثر قوة كوريوليس بشكل أكبر على البلورات الأثقل، وهذا يحفظ البلورات الأثقل عند خط الاستواء في منتصف العمق، بينما تغوص البلورات الأخف إلى الأسفل".

وأشار ماس أن هذا البحث نمْذج خط الاستواء والقطبين بشكل منفصل عن بعضهما.


قال ماس: "الخطوة التالية هي محاكاةٌ لكل محيطات الماغما، متضمنةً الأقطاب، وخط الاستواء، والمنطقة بينهما، وحتى مع أحدث أجهزة الكمبيوتر ستستغرق المحاكاة شهوراً، في النهاية، سيساعد البحث في تسليط الضوء على كيفية تبلور محيط الماغما، ويساعد بشكل أكبر في الصفائح التكتونية".

قام ماس وزميله أولريش هانسن Ulrich Hansen الذي هو أيضاً من جامعة مونستر في ألمانيا، بتفصيل ما توصلا إليه على شبكة الإنترنيت في 6 أكتوبر/تشرين الأول في مجلة البحوث الجيوفيزيائية، الأرض الصلبة.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الصفائح التكتونية (plate tectonics): هي مجموعة من الصفائح العملاقة التي تتحرك فوق بعضها البعض وتتصادم وتُعتبر مكون أساسي من سطح الكواكب.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات