كيف سيكون تأثير الحروب النووية على المناخ العالمي؟

حقوق الصورة: Stanford/StrahilDimitrov/Getty.

 

ليس هناك من ينكر أن الحرب النووية سيكون لها تأثيرٌ كبيرٌ على البيئة. وعلى الرغم من أن العناوين اليومية تقلق بشأن سلامة الدول والمواطنين، فقد قيل القليل عن تأثير الحروب النووية على المناخ.  في هذا المقال، يستعرض مؤرخ العلم والتكنولوجيا بول إدواردز Paul N. Edwards تأثيرات الحرب النووية على الأرض، وما يتبعها من تأثيراتٍ على البشر.


لعبت نظرية "الشتاء النووي" في منتصف الثمانينات دوراً هاماً في تخفيض عدد الأسلحة النووية في تلك الفترة، ولكن مع انهيار الاتحاد السوفييتي وتخفيض الترسانات النووية الأمريكية والروسية، تلاشى هذا الجانب من الحرب النووية من المشهد العام، هذا ليس جيداً. في منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قام علماء المناخ أمثال آلان روبوك Alan Robock بإلقاء نظرة أخرى على نظرية الشتاء النووي. وفي هذه المرة، استخدموا نماذج مناخية أفضل بكثير وأكثر تفصيلاً من تلك التي كانت متاحةً قبل 20 عاماً، كما قاموا باختبار التأثيرات المحتملة للحروب النووية الأصغر حجماً.


النتيجة


في حربِ تتضمن 50 سلاحاً نووياً فقط -وهو الشيء الذي قد نراه في حرب بين الهند وباكستان- على سبيل المثال، سيؤدي ذلك إلى تصاعد 5 مليارات كيلوغرام من الدخان والسخام والغبار إلى طبقة الستراتوسفير. سيكون ذلك كافياً لتبريد الكوكب بأكمله بنحو 2 درجة فهرنهايت (1.25 درجة مئوية) مما سيعيدنا إلى فترة العصر الجليدي الصغير في القرن الـ 17. قد يؤدي ذلك أيضاً إلى تقصير فصول النمو بما يكفي لخلق نقص كبير في الغذاء. وبالتالي، فإن الآثار المناخية لحرب نووية صغيرة نسبياً ستكون على نطاق عالمي.


ماذا عن حربٍ نوويةٍ ذات نطاقٍ أوسع؟


من غير المحتمل حالياً نشوب حربٍ بين الولايات المتحدة وروسيا، ولكن إذا حدث ذلك، فقد يتم إطلاق مئات أو حتى آلاف الأسلحة النووية. وستكون العواقب المناخية كارثية: إذ سينخفض متوسط درجات الحرارة العالمية بنحو 12 درجة فهرنهايت (7 درجات مئوية) لمدة تصل إلى عدة سنوات، مما سيعيدنا إلى العصور الجليدية العظيمة. وفي الوقت نفسه، فإن الدخان والغبار في طبقة الستراتوسفير من شأنه أن يُظلم الغلاف الجوي بما فيه الكفاية للحد من عملية البناء الضوئي، مما سيؤدي إلى فشل كارثيٍ في المحاصيل، ومجاعاتٍ على نطاقٍ واسع، واختلالٍ بيئيٍ هائل.

سيكون التأثير مماثلاً للنيزك العملاق المسؤول عن انقراض الديناصورات. ولكن، هذه المرة سنكون نحن الديناصورات.


ماذا عن كوريا الشمالية؟


يقول روبوك: "أعتقد أننا أقرب إلى حرب نووية مما كنا عليه منذ أوائل الستينيات. وفيما يتعلق بكوريا الشمالية، فإن كلاً من كيم جونغ أون والرئيس ترامب يميلان إلى تصعيد المواجهات. حيث يفتقر الرئيس ترامب إلى القدرة على السيطرة على اندفاعاته، ومن الممكن أن يكون سبباً في نشوب حربٍ نووية. ولذلك، فعلينا أن نأمل أن جنرالاتنا داخل البيت الأبيض وخارجه سيتمكنون من كبح جماحه".

من المؤكد أنّ كوريا الشمالية ستخسر حرباً نووية مع الولايات المتحدة. لكن الملايين سيموتون، بما في ذلك مئات الآلاف من الأمريكيين الذين يعيشون حالياً في كوريا الجنوبية واليابان، اللذان يعتبران هدفين مرجحين لكوريا الشمالية. ستحدث الحرب ضرراً ضخماً في كوريا واليابان وأقاليم جزر المحيط الهادئ (مثل غوام) بحيث أنّ الانتصار لن يكون له معنى. ولن تُترك هذه المنطقة بمعاناة فظيعةٍ بين الناجين فحسب، بل ستواجه أيضاً مجاعاتٍ إضافةً إلى تفشي الأمراض. ومن المتوقع أن تنتشر الإشعاعات في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.


لقد مضى أكثر من 70 عاماً على آخر استعمالٍ للقنابل النووية في الحرب. فما آثار ذلك على صحة الإنسان والبيئة اليوم؟


يقول روبوك: "حسب علمي، فقد ركزت معظم التغييرات في تكنولوجيا الأسلحة النووية منذ الخمسينيات على جعلها أصغر وأخف وزناً، إضافةً إلى جعل نظم التوجيه أكثر دقة، وذلك بدلاً من تغيير آثارها على البيئة أو على صحة الإنسان. إن ما يسمى بأسلحة "ساحة المعركة" ذات القدرة التفجيرية المنخفضة هي جزء من بعض الترسانات الآن، ولكن من المستبعد تماماً أن تبقى أي حربٍ بين قوتين نوويتين مقصورةً على هذه القنابل الصغيرة الأقل تدميراً".

يمكن للقنابل الكبيرة أن تدمر مدناً بأكملها. حيث سيموت الكثير إن لم يكن أغلب الأشخاص داخل نصف قُطر 10 أميال (16 كم). أما الناجون فسيتمنون لو لم ينجوا أبداً، لأن معظمهم سيموت في وقت لاحق من الحروق الشديدة أو السرطانات الفظيعة. سيصل التدفق الإشعاعي من الغيوم الحطامية لهذه الأسلحة إلى طبقة الستراتوسفير، حيث سيسافر إلى جميع أنحاء العالم، مما سيؤدي لتلوث المحاصيل والماشية إضافةً إلى التسبب بالمرض الإشعاعي والسرطان بشكلٍ مباشر. وفي وقت لاحق، سيؤدي هذا الهطول الإشعاعي إلى حدوث طفرات جينية في النباتات والحيوانات والبشر، كما هو الحال في المنطقة المجاورة لحادث تشيرنوبل النووي.

ومن شأن التفجيرات النووية أن تسبب حرائق هائلةً أيضاً، حيث سيكون الدخان الناجم عن المباني وحقول النفط والغاز والمصافي والمصانع الكيميائية والمرافق الصناعية المحترقة شديد السمية. وستبتلع حرائق الغابات مساحاتٍ واسعة. وبالتالي، سوف تدمر هذه الآثار المزيد من الممتلكات وستقتل المزيد من الناس.


ماذا عن تأثير حربٍ كتلك على التغير المناخي؟ وهل تعتبر الحرب النووية قانونيةً؟


يقول روبوك: "حتى الآن، فإن الأسلحة النووية تُعامل كملجأ أخير. فإذا كان القادة عقلانيين، فإنهم لن يبدأوا بإطلاق الأسلحة النووية أولاً، لأنهم يعرفون أنهم سيدمرون، أو على الأقل سيتضررون بشدة، نتيجة الهجوم الانتقامي. تقتضي قوانين الحرب من الدول المتحاربة تفادي الأضرار والإصابات للدول المحايدة وغير المقاتلة. ولكن الصراعات النووية المتوسطة والكبيرة سيكون لها آثار مناخية حادة وعالمية. ومعظم أو كل الدول المحايدة وغير المقاتلة سوف تتضرر وستعاني من خسائر في الأرواح. لذلك يمكن القول بأن أي حربٍ من هذا القبيل ستكون غير قانونية. آمل في أنه مع استمرار تعاظم التأثير البطيء للتغير المناخي العالمي، فإن الحجم الكامل للأضرار المناخية التي يمكن أن تُحدثها الحرب النووية سيصبح أيضاً مسألة جديةً بالنسبة للمفاوضات الدولية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات