يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
هابل يكتشف جسمًا فريدًا من نوعه في النظام الشمسي

بمساعدة تليسكوب الفضاء هابل التابع لوكالة الفضاء الأمريكية ووكالة الفضاء الأوربيّة، رصدت مجموعةٌ من علماء فلكٍ ألمان خصائصَ غريبةً لجسمٍ غير عاديٍّ في حزام الكويكبات بين المريخ والمشتري، حيث لاحظوا كويكبَين يدوران حول بعضهما البعض، ويُظهران خصائصَ تشبه خصائصَ المذنبات، حيث يتمتّعان بذيلٍ طويلٍ وهالةٍ ساطعةٍ. هذا هو أوّل كويكبٍ ثنائيٍّ معروفٍ يُصنَّف كمذنّبٍ أيضًا. قُدّم هذا البحث في ورقةٍ بحثيّةٍ نُشِرت فى مجلة Nature في 20 سبتمبر/أيلول 2017.


في سبتمبر/أيلول عام 2016، وقبل وصول الكويكب لأقرب نقطةٍ له من الشمس مباشرةً، كان قريبًا من الأرض بما يكفي ليسمح للفلكيين بإلقاء نظرةٍ مفصّلةٍ باستخدام تليسكوب هابل الفضائي.


كشفت صور الكويكب أنه لم يكن جسمًا واحدًا، بل هو عبارةٌ عن كويكبَين يتمتّعان بنفس الحجم والكتلة تقريبًا ويدوران حول بعضهما البعض على مسافة 100 كيلومترٍ تقريبًا. هذا الاكتشاف في حدّ ذاته مهمٌ: فكونهما يدوران حول بعضهما البعض، فإنّ ذلك يسمح بقياس كتل الأجسام في نظامٍ مماثلٍ.

 

تُظهر هذه الصورة الفنيّة للكويكب الثنائيّ المُسمّى P288 الواقع في حزام الكويكبات الرئيسيّ بين كوكب المريخ والمشتري. يُعتبر هذا الجسم فريدًا من نوعه لكونه كويكبًا ثنائيًّا يتصرّف كالمذنّبات، تنبع خصائصه الشبيهة بالمذنّبات من تسامي الجليد على سطحه بسبب حرارة الشمس. يُظهر القطع الناقص الأزرق مدارَي الجسمَين المكوّنَين له. حقوق الصورة: ESA/Hubble, L. Calçada
تُظهر هذه الصورة الفنيّة للكويكب الثنائيّ المُسمّى P288 الواقع في حزام الكويكبات الرئيسيّ بين كوكب المريخ والمشتري. يُعتبر هذا الجسم فريدًا من نوعه لكونه كويكبًا ثنائيًّا يتصرّف كالمذنّبات، تنبع خصائصه الشبيهة بالمذنّبات من تسامي الجليد على سطحه بسبب حرارة الشمس. يُظهر القطع الناقص الأزرق مدارَي الجسمَين المكوّنَين له. حقوق الصورة: ESA/Hubble, L. Calçada


كشفت عمليات الرصد أيضًا نشاطًا مستمرًا في النظام الثنائيّ. تقول جيسيكا أغروال Jessica Agarwal، رئيسة الفريق والمؤلفة الرئيسة للورقة البحثيّة من معهد ماكس بلانك لأبحاث النظام الشمسيّ في ألمانيا: "لقد اكتشفنا مؤشراتٍ قويةٍ على تسامي المياه المتجمّدة بسبب تسخين أشعة الشمس، بشكلٍ يشبه كيفيّة تكوّن ذيل المذنّب". وهذا يجعل من كويكب p288 أوّلَ كويكبٍ ثنائيٍّ معروفٍ يُصنّف أيضًا كمذنّبٍ في حزام الكويكبات الرئيسيّ.


تكشف مجموعة الصور هذه من تليسكوب هابل الفضائيّ التابع لوكالة الفضاء الأمريكيّة (NASA) ووكالة الفضاء الأوربيّة (ESA) كويكبين يتمتّعان بخصائصَ تشبه المذنّبات يدوران حول بعضهما البعض.
تكشف مجموعة الصور هذه من تليسكوب هابل الفضائيّ التابع لوكالة الفضاء الأمريكيّة (NASA) ووكالة الفضاء الأوربيّة (ESA) كويكبين يتمتّعان بخصائصَ تشبه المذنّبات يدوران حول بعضهما البعض.

 

تشمل هذه الخصائص هالةً مضيئةً من المواد، مع ذيلٍ طويلٍ من الغبار. يُسمّى هذان الكويكبان باسم p288 وقد رُصدا في شهر سبتمبر/أيلول عام 2016 وقبل وصول الكويكب لأقرب نقطةٍ له من الشمس مباشرةً. تكشف هذه الصور عن نشاطٍ مستمرٍ في النظام الثنائيّ. يتأثّر اتجاه الذيل أيضًا بتغيّر حجم الجسيمات.

 

في البداية، كان الذيل يشير نحو اتجاه انبعاث جزئيات الغبار الكبيرة نسبيًّا (بقطر 1 ملم تقريبًا) المنبعثة في أواخر شهر يوليو/تموز. ومع ذلك، فمنذ 20 سبتمبر/أيلول عام 2016 فصاعدًا، بدأ الذيل يشير صوب الاتجاه المعاكس للشمس حيث تنبعث جزئياتٌ صغيرةٌ (بقطر 10 ميكرون تقريبًا) بعيدًا عن النواة بواسطة الضغط الشعاعيّ.

فهم أصل وتطوّر المذنّبات الموجودة في حزام الكويكبات الرئيسيّ بين المريخ والمشتري هو عنصرٌ حاسمٌ في فهمنا لتشكّل وتطوّر النظام الشمسيّ. ومن بين الأسئلة التي يمكن أن تساعدنا مذنّباتُ حزام الكويكبات الرئيسيّ في الإجابة عنها هو مصدر المياه الموجودة على الأرض. وبما أنّه توجد أجسامٌ قليلةٌ معروفةٌ من هذا النوع، يُعتبر كويكب p288 نظامًا هامًّا للغاية للدراسات المستقبليّة.

تجعل الميّزات المختلفة لكويكب p288، والتي تشمل تباعد الكويكبين المكوّنين له، وحجمهما المتساوي تقريبًا، والاختلاف المركزيّ الكبير لمداره إضافةً إلى نشاطه المشابه للمذنّبات، تجعل منه كويكبًا مميّزًا من بين الكويكبات الثنائيّة القليلة المعروفة في النظام الشمسيّ.
 

كما يشير نشاط الكويكب الذي رُصِد إلى معلوماتٍ حول ماضيه، كما تشير أغروال قائلةً: "لا يمكن أن يبقى الجليد السطحيّ في حزام الكويكبات طوال عمر النظام الشمسيّ ولكن يمكن حمايته لمليارات السنين بواسطة ستارٍ من الغبار المقاوم للحرارة، بسمك بضعة أمتارٍ فقط".
 

يُظهر هذا الفيديو الفنيّ كويكب p288 الثنائيّ من على مسافةٍ يمكن من خلالها تمييز خصائصه الشبيهة بالمذنّبات والتي تشمل الهالة الساطعة المحيطة بالكويكب إضافةً إلى الذيل الطويل المكوّن من الغبار والماء المعاكس للشمس. وعند النظر عن قرب، يمكن ملاحظة الجسمَين المكوّنين للكويكب اللذين يدوران حول بعضهما في مدارٍ إهليجيٍّ.

حقوق الفيديو: ESA/Hubble, L. Calçada, M. Kornmesser


توصّل الفريق إلى أن كويكب p288 وُجد كنظامٍ ثنائيٍّ لنحو 5000 عامٍ فقط، تقول أغروال: "إنّ سيناريو التكوين الأكثر احتمالًا هو أن كويكب p288 تفكّك بسبب الدوران السريع. وبعد ذلك، قد يكون الجسمان المكونان له قد فُصلا عن بعضهما نتيجة عزم التسامي".

تثير حقيقةُ أن كويكب p288 مختلفٌ جدًا عن كل الكويكبات الثنائيّة المعروفة الأخرى بعض الأسئلة حول ما إذا كان الأمر ليس مجرّد مصادفةٍ أنه يقدّم هذه الخصائص الفريدة من نوعها. وبما أنّ إيجاد الكويكب قد تضمّن الكثير من الحظ، فمن المرجّح أن يبقى المثال الوحيد من نوعه لفترةٍ طويلةٍ.


تختتم أغروال قائلةً: "نحن بحاجةٍ إلى المزيد من العمل النظريّ والرصد، فضلًا عن المزيد من الأجسام المماثلة لـ p288، للعثور على إجابةٍ لهذا السؤال".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات