تلسكوب هابل يستكشف أنقاض الانتفاخ المجري لدرب التبانة

تُبيِّن هذه الصورة المركبة المنطقة المركزية من مجرتنا درب التبانة، ويقع المركز المجري في المنطقة الساطعة البيضاء إلى اليمين أسفل مركز الصورة بقليل. حقوق الصورة: NASA / ESA / SSC / CXC / STScI. 

للعديد من المجرات القرصية ومن ضمنها مجرتنا درب التبانة، حشد مركزي من النجوم يعرف بالانتفاخ "Bulge". واعتقد علماء الفلك لعقود بأن هذا الانتفاخ ما هو إلا مكان هادئ يتكون من نجوم قديمة جداً.، ولكن أظهرت دراسة شملت نحو عشرة آلاف نجم شبيه بالشمس الآن أن انتفاخ مجرتنا عبارة عن بيئة ديناميكية (حركية) من نجوم مختلفة الأعمار تمخر عباب هذا الانتفاخ بسرعات مختلفة.

هذا الاستنتاج مبنيّ على بيانات أرشيفية جمعها تلسكوب هابل الفضائي لمدة تسع سنوات. 

وجد فريق من علماء الفلك بقيادة الدكتور ويل كلاركسون Will Clarkson من جامعة ميشيغان-ديربورن أن حركة النجوم في الانتفاخ المجري تختلف وفقاً للتركيب الكيميائي للنجم. فالنجوم الغنية بالعناصر الأثقل من الهيدروجين والهيليوم تكون حركتها أقل عشوائية، ولكنها تدور حول مركز المجرة بسرعات أكبر من النجوم القديمة الفقيرة بالعناصر الثقيلة.

تقول الدكتورة آناليزا كالاميدا Annalisa Calamida من معهد علوم تلسكوب الفضاء: "هناك العديد من النظريات التي تَصِف تكوُّن مجرتنا وانتفاخها، بعضها يقول أن الانتفاخ تكوّن مع بداية تشكل مجرتنا منذ قرابة 13 مليار سنة مضت، وفي هذه الحالة، يفترض بجميع النجوم في الانتفاخ أن تكون قديمة وذات حركة متشابهة.

وعلى الجانب الاخر، يعتقد البعض أن الانتفاخ تكوَّن في وقت لاحق من فترة حياة المجرة، وتطور ببطء بعد ولادة الأجيال الأولى من النجوم، وحسب هذا السيناريو، فإن بعض نجوم الانتفاخ من الممكن أن تكون أصغر عمراً بمكوناتها الكيميائية الغنية بالعناصر الأثقل المقذوفة من موت الأجيال السابقة من النجوم، ومن المفترض أن تُبدِي هذه النجوم حركةً مختلفةً مقارنة بالنجوم القديمة.

وللنجوم في دراستنا خصائص كلا النموذجين، لذا فإن تحليل البيانات الأخير من شأنه مساعدتنا في فهم أصل الانتفاخ المجري".

قسّم الباحثون النجوم حسب مكوناتها الكيميائية، ومن ثم قارنوا حركة كل مجموعة، وتمكنوا من تحديد المحتوى الكيميائي للنجوم عبر دراسة ألوانها وتقسيمها الى مجموعتين رئيسيتين تبعاً لوفرة عنصرها الثقيل (الحديد). وكانت النتيجة أن النجوم المُعزَّزة بالعناصر الثقيلة تتحرّك بضعف السرعة لبقية النجوم الموجودة في الانتفاخ.

يقول الدكتور كلاركسون: "من خلال تحليل بيانات محفوظة في الأرشيف منذ تسع سنوات وتطوير تقنيات التحليل لدينا، أنجزنا كشفاً واضحاً وجلياً للاختلافات في حركة النجوم الشبيهة بالشمس، تلك الغنية منها بالعناصر الثقيلة وتلك التي تفتقر إليها". ويضيف: "نأمل بمواصلة تحليلنا هذا، والذى سيسمح لنا بوضع رسم بياني ثلاثي الأبعاد للتفاصيل الكيميائية والديناميكية العديدة للنجوم الموجودة في الانتفاخ".

درس علماء الفلك النجوم التي تشبه الشمس لأنها وفيرة بشكل كبير وفي متناول عدسة تلسكوب هابل، فقد ركّزت عمليات الرصد السابقة على نجوم العمالقة الحمراء الأكثر سطوعاً والأكبر سنّاً، ولكنها تُعتبَر غير وفيرة العدد لأنها تُمثِّل حلقة قصيرة في حياة النجم.

تقول الدكتورة كالاميدا: "أعطانا هابل نظرة ضيّقة ومُركَّزة لمركز المجرة، ولكنّنا نشهد نجوماً هي أكثر بآلاف المرات من تلك التي رصدت في الدراسات السابقة". ويضيف الدكتور كلاركسون: "إنّنا نُخطِّط في المستقبل لتوسيع نطاق تحليلنا للقيام بعمليات رصد إضافية على طول خطوط رؤية مختلفة، الأمر الذى سيسمح لنا بإجراء سبر ثلاثي الأبعاد للتعقيدات الكثيرة للنجوم في الانتفاخ المجري".

عرض الفريق النتائج يوم 11 يناير/كانون الثاني في الاجتماع الـ 231 للجمعية الفلكية الأمريكية في العاصمة واشنطن.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات