تخيل فني لمجرتنا درب التبانة، إذ حددت دراسة جديدة وفرة العناصر الموجودة في الجسم البشري، والتي تمثل اللبنات الأساسية للحياة في نجوم مجرة درب التبانة.
حقوق الصورة: NASA/JPL-Caltech
منذُ عقودٍ مضت، يقول مُبسطوا العلم أنّ البشرَ مصنوعون من الغبار الكوني، أما الآن فقد برهنت دراسة جديدة لـ 150,000 نجماً على صحة التعبير القديم القائل: لدى البشر والمجرات حوالي 97% من نفس نوع الذرات، إذ يبدو أنّ عناصر الحياة أكثر انتشاراً بالنسبة إلى مركز المجرة وذلك حسبما اكتشفت الدراسة.
وتسمى غالباً عناصر الحياة الأساسية على الأرض باللبنات الأساسية للحياة the building blocks of life التي يمكن أن تُختصر إلى CHNOPS وهي كالتالي الكربون والهيدروجين والنيتروجين والأكسجين والفوسفور والكبريت. وللمرة الأولى يقوم علماء الفلك بفهرسة وتحديد وفرة هذه العناصر في عينة كبيرة من النجوم، وقيم علماء الفلك وفرة هذه العناصر من خلال التحليل الطيفي إذ يرسل كل عنصر أطوالاً موجية مختلفة من الضوء من داخل النجم ومن ثم يقيسون عمق البقع الداكنة والمشرقة في طيف الضوء الخاص بكل نجم ليحددوا بذلك مكونات ذلك النجم.
استخدم الباحثون قياسات النجوم من جهاز راسم الطيف لتجربة التطور المجري التابعة لمرصد نقطة أباتشي APOGEE من ماسح السماء الرقمي سلون Sloan Digital Sky Survey واختصاراً SDSS و في نيومكسيكو، حيث يمكن لـ APOGEE أن تنظر عبر الغبار في مجرة درب التبانة لأنها تستخدم موجات الأشعة تحت الحمراء والتي تمر من خلال الغبار.
قال ممثلوا مرصد سلون في بيان لهم: "تجمع هذه الأداة الضوء في الجزء القريب من الأشعة تحت الحمراء من الطيف الكهرمغناطيسي ومن ثم تُبعثرها كما يفعل الموشور وذلك لإظهار آثار العناصر المختلفة في الأغلفة الجوية للنجوم".
وأضافوا: "جزء مما يقرب من 200,000 نجم جرى فحصهم بتجربة APOGEE بالإضافة إلى عينة من النجوم المستهدفة من قبل بعثة كيبلر التابعة لناسا والتي صُممت لإيجاد كواكب يحتمل أن تكون شبيهة بالأرض، ويركز العمل المقدم اليوم على تسعين نجم من كيبلر والتي تظهر أدلة على وجود كواكب صخرية، استطلعتها تجربة APOGEE أيضاً".
وعلى الرغم من أنّ البشر يتشاركون في معظم العناصر مع النجوم، فإنّ نسب هذه العناصر تختلف بين البشر والنجوم، فعلى سبيل المثال، تتكون كتلة البشر من حوالي 65% من الأكسجين، بينما يشكل الأكسجين أقل من 1% من جميع العناصر المقاسة في الفضاء (كما هو الحال في أطياف النجوم).

وتعتمد نسبة كل عنصر للحياة على جزء المجرة التي وجد فيها العنصر. فعلى سبيل المثال، تقع الشمس على حواف أحد الأذرع الحلزونية لمجرة درب التبانة. النجوم الموجودة على مشارف أو حواف المجرة تحتوي كمية قليلة من العناصر الثقيلة اللازمة للَبِنات الحياة الأساسية -كالأكسجين- أقل من تلك الموجودة في المناطق الأكثر مركزية للمجرة.
قالت جنيفر جونسون Jennifer Johnson، رئيسة الفريق العلمي لدراسة SDSS-III APOGEE والأستاذ في جامعة ولاية أوهايو: "إنه لشيء عظيم أن نكون قادرين على وضع خريطة لجميع العناصر الرئيسية الموجودة في الجسم البشري والمتوفرة عبر مئات الآلاف من النجوم في مجرتنا درب التبانة. هذا يسمح لنا بتحديد المكان والزمان في مجرتنا الذين امتلكا عناصر الحياة التي سمحت بالتطور، ونوع المنطقة الزمنية المجرية الصالحة للسكن".