يعمل مركز كنيدي للفضاء التابع لناسا في ولاية فلوريدا على إنشاء مطار فضائي متعدد المستخدمين، ليساعد في تلبية احتياجات ريادة الفضاء للقرن الواحد والعشرين. جهاز مايت-ديمايت (Mate-Demate Device) أو (MDD) اختصاراً- الذي شكّل لأكثر من 35 عاماً منشأةً أساسيةً لمساندة برنامج مكوك الفضاء قد أُزيل مؤخراً، مما يساعد في إفساح المجال لتلبية احتياجات برامج الفضاء الحالية والمستقبلية.
تُنقل المَرافق التي لا تستخدمها وكالة ناسا إلى الشركاء الصناعيين، كما وتتخلص الوكالة أيضاً من تلك المَرافق التي لم تعد هناك حاجة لها. عندما يهبط مكوك فضاء في أي مكانٍ غيْر كنيدي، يُنقل مُجدداً إلى ولاية فلوريدا على متن إحدى طائرات "بوينج 747" النفاثة معدَّلة الطراز، والمتوفّرة في نسختين فقط، المعروفة باسم الطائرة حاملة المكوك (SCA). بعد الهبوط على مِرفق المكوك (SLF)، مكّن جهاز (مايت-ديمايت) الطواقمَ من رفع المسبار من حاملة المكوك ووضعه على المدرج، لسحبه إلى مِرفق معالجة المركبة المدارية.
يقول إسماعيل أوتيرو (Ismael Otero)، مدير مشروع البناء التابع لناسا قسم المرافق في مركز العمليات: ''كان الجهاز(MDD) صلباً وجيد البنية. لقد بدأنا مشروع الهدم في أكتوبر، وأتممناه في 26 نوفمبر/تشرين الثانيٍ ''. كانت شركة V & R/نظام الشروق لبريفارد (.V&R /Sunrise Systems of Brevard Inc) هي المتعاقد الرئيسي لمشروع هدم(MDD)، و معها شركة فرانك لين للخدمات (.Frank-Lin Services Inc) في ملبورن فلوريدا، كمُتعهد ثانوي. ووفقاً لأوتيرو، بدأت عملية الهدم بعزل الأنظمة الكهربائية، وبعد ذلك فكّكوا منصات الوصول المنقولة ورافعات المكوك.
ويضيف أوتيرو: "استخدم عمال اللّحام مصابيح قاطعة للبدء في عملية إضعاف الدّعامات الفولاذية الأساسية والحاملة لبنية (مايت-ديمايت)، مكونين بذلك أقسام على شكل أوتاد. بعدها، سَحبت الحفارة الهيدروليكية كوماتسو (Komatsu hydraulic excavator) الأقسام من مسافة آمنة." لدى الحفارة الهيدروليكية ذراع ذات أداة قطع قوية تُسمى مرفق المقصات، وتستعمل لقطع الدّعامات الفولاذية. يقول أوتيرو: "قام عاملان فقط بسحب الحزم المدعّمة التي أصبحت ضعيفة. كُسّرت الحزمة الأولى بسرعة، ولكن كلّما ازداد الحمل على الحزم الُأخرى المتبقية، تباطأت هذه العملية. لقد استغرقت عملية سحب الحزمة الرابعة والأخيرة ثلاث ساعات قبل تفكيكها كما كان مُخطّطاً".
ثم تابعت (MDD) عملية التداعي بنفسها، ابتداءً بتفكُّك المرفق. بعد ذلك، قضت الطواقم الشهر التالي في تقطيع البنية ببطء إلى قِطع يمكن إعادة تدويرها. يقول أوتيرو: ''إجمالاً، أعدنا تدوير حوالي 844700 باوند من الُّصلب والقصدير والألمنيوم من (MDD)''. كان (MDD) ميناءً فضائياً عملاقاً يشبه الهيكل الصلب، وكان يقع في الركن الشمالي الشرقي من الطريق المنحدر إلى مرفق مكوك الهبوط. كان افتتاح SLF كينيدي الأول للرحلات الجوية في عام 1976، وقد صُمم خصيصاً لعودة مكوك الفضاء. يقع المدرج الذي يبلغ طوله ثلاثة أميال في الشمال الغربي بالنسبة لمبنى جمعية المركبات الضخم، مع منصات إطلاق تبعد فقط 3-4 كيلو متر شرقاً.
كان طول الجهاز يبلغ 150 قدماً، وعرضه 93 قدماَ في حين يبلغ ارتفاعه 105 قدماَ، ويمكن أن يحمل كتلة تصل إلى 230000 باوند بثبات، كما أنه يتحمل رياحاً تصل سرعتها إلى 125 ميلاً في الساعة. وقد ثُبِّت شعاعُ رفعٍ كبيرٍ على مستوى 80 قدم بين برجين، عُلق هذا الشعاع على مكوك المسبار للقيام بعملية رفعه وخفضه. بُني (MDD) مماثل في مركز أرمسترونغ لبحوث الطيران (درايدن آنذاك) التابع لناسا في قاعدة ادواردز الجوية في كاليفورنيا. وتم تفكيكه أيضاً بعد 38 سنة من الاستخدام. وقد بدأ العمل هناك في أغسطس/آب الماضي.
بدأ عمل الجهاز (MDD) كاليفورنيا لأول مرة عام 1977، وذلك دعماً لاقتراب المكوك واختبارات هبوطه باستخدام نموذج المكوك المداري إنتاربرايز (Enterprise). وشكل استخدامه الأخير تحولاً في عملية اكتشاف المكوك بعد مهمة STS-128 التي هبطت في قاعدة إدواردز في عام 2009. اكتمل بناء (MDD) كينيدي بعد مدرج كينيدي SLF بعامين، وكان اختبار (MDD) الأول في 19 أكتوبر 1978، عندما أُضيف نموذج مصغر لمكوك الفضاء يطلق عليه اسم مكتشف الطريق (Pathfinder) إلى (MDD) بقصد إجراء اختبار لتقييم أداءه.
تواصل استخدام (MDD) بشكل ثابت مدة 30 عاماً متتالية، وعمل على إزالة المركبات المدارية عن ظهر SCAs، وذلك بعد الرحلات من مصنع تجميع المكوك ومن موقع الهبوط البديل التابع لولاية كاليفورنيا في قاعدة ادواردز الجوية. وفي إحدى المرات في عام 1982، اكتملت مهمة STS-3 بهبوط في مرفق وايتساندز الفضائي عندما منعها المطر في إدواردز من الهبوط هناك. وبذه المناسبة، استُخدمت رافعات لتركيب مكوك كولومبيا فوق. SCA
المرة الأولى التي لم تكن هناك حاجة لـ (MDD) بعد عودة المكوك إلى الأرض هي خلال الهبوط الافتتاحي لتشالنجر (Challenger) في ميناء فلوريدا الفضائي يوم 11 فبراير 1984، متبوعاً ب STS-41B. كان الاستخدام النهائي لـ(MDD) كينيدي لتجميع مكوك الفضاء إنديافور (Endeavour) على SCA في 14 سبتمبر/أيلول 2012. وبعد خمسة أيام، أقلعت مجموعة مكوك-747 النفاثة قبالة لوس أنجلوس، والآن يعرض أنديافور للعامة في مركز كاليفورنيا للعلوم. يقول أوتيرو: "لقد سار مشروع الهدم بشكل جيد، وقد أُنجز ذلك بأمان وفي الموعد المحدد''.