ما هو الحجم الأمثل لذاكرة الوصول العشوائي؟

محاكاة فائقة الدقة لتقنية تخزين حاسوبية تُعرف باسم ذاكرة الوصول العشوائي ذات الجسور الموصلة CPRAM تكشف شكلها الهندسي المثالي ويتمثل بعازل بسماكة عشر ذراتٍ تقريبًا ومحصورٍ بين قطبين كهربائيين.

ستلعب ذاكرة الوصول العشوائي ذات الجسور الموصلة (conductive bridging random access memory) أو اختصارًا CPRAM دورًا أساسيًا في الذاكرة في المستقبل عن طريق تخزين البيانات في صورةٍ مستدامةٍ أقرب لأن تكون ثابتةً. ولتقليل الحجم والطاقة المُستَهلكة في مثل هذه المكونات فإنه من الضروري فهم سلوكها على المستوى الذري.

محاكاة حاسوبية للمقياس الذري لخلية ذاكرة الوصول العشوائي ذات الجسور الموصلة CPRAM مُعرضة لجهد كهربائي يساوي واحد ملي فولت 1 mv: مسارات الإلكترونات (خطوط حمراء وزرقاء)، ذرات النحاس (رمادي)، ذرات الأكسجين والسليكون (برتقالي). حقوق الصورة: Mathieu Luisier / ETH Zurich.
محاكاة حاسوبية للمقياس الذري لخلية ذاكرة الوصول العشوائي ذات الجسور الموصلة CPRAM مُعرضة لجهد كهربائي يساوي واحد ملي فولت 1 mv: مسارات الإلكترونات (خطوط حمراء وزرقاء)، ذرات النحاس (رمادي)، ذرات الأكسجين والسليكون (برتقالي). حقوق الصورة: Mathieu Luisier / ETH Zurich.


درس ماثيو لويسير Mathieu Luisier، الأستاذ المشارك في المعهد الفدرالي السويسري للتكنولوجيا في مدينة زيورخ ETH Zurich، وفريقه هذا النوع من الذاكرة التي تتكون من قطبين معدنيين مفصولين بعازلٍ. وقد طور الباحثون نموذجًا حاسوبيًا لهذه الذاكرة تتكون من 4500 ذرةٍ ويخضع لقوانين ميكانيكا الكم التي تحكم العالم المجهري. وبهذه المحاكاة للمقياس الذري، يصبح من الممكن بدقةٍ وصف شدة التيار المتولد بواسطة فتيلٍ نانويٍّ معدنيٍّ أثناء تكونه وتحلله بين الأقطاب.

سماكة عشر ذرات 


ويوضح لويسير، الذي شغل منصب أستاذ مؤسسة العلوم الوطنية السويسرية SNSF في المعهد الفدرالي للتكنولوجيا بزيورخ ETH Zurich بين عامي 2011 و2016، بقوله: "هذه خطوةٌ كبيرةٌ للأمام، فحتى الآن يمكن للنماذج الموجودة معالجة ما يقرب من مئة ذرةٍ فقط". حيث يعيد النموذج الجديد بدقةٍ إنتاج التيار الكهربائي بجانب الطاقة المُستهلكة في الخلية، ما يمكّننا بالمقابل من حساب درجة حرارتها. وقد تمكن الباحثون من ملاحظة تأثير التغيرات في سماكة العازل وقطر الفتيل المعدني. وأظهرت النتائج، التي عُرضت في ملتقى الأجهزة الإلكترونية الدولي IEDM الذي عُقد في ولاية سان فرانسيسكو San Francisco في شهر ديسمبر/كانون الثاني من العام الماضي، انخفاض كمية الطاقة المُستهلكة والحرارة عند تقريب القطبين من بعضهما البعض. لكن هذا التأثير يشمل تقريبهما حتى نقطةٍ محددةٍ، حيث إن الأقطاب المتقاربة جدًّا من بعضها تتعرض لتأثير النفق الكمومي the quantum tunneling effect ولا يمكن التحكم في التيار بينها.

يوضح البحث أنه في الشكل الهندسي المثالي لذاكرة الوصول العشوائي ذات الجسور الموصلة، فإن سماكة العازل تتراوح ما بين 1.5 إلى 2 نانومتر (تقريبًا بسماكة عشر ذرات). وما زالت عملية التصنيع تمثل تحديًا، حيث إن الآلات القادرة على تحقيق هذه الأبعاد تستخدم تقنية الطباعة الحجرية باستخدام المسبار الحراري وهي غير مناسبةٍ حاليًا للإنتاج الضخم. ويقول لويسير: "اليوم، فإن قياس قناة ترانزستور قياسية لبطارية الحاسوب CMOS∗ يبلغ نحو 20 نانومتراً أو عشر مراتٍ أكثر سماكةً من عوازل CPRAM التي فحصناها. لذلك فإن قانون مور Moore's law، الذي يتوقع أن يتقلص حجم المكونات الإلكترونية للنصف كلّ 18 أو 24 شهرًا، سيكون في موقفٍ لا يُحسد عليه خلال عَقْدٍ من الزمن".

ولتحقيق نموذجهم ذي الـ 4500 ذرةٍ، فقد استفاد الباحثون من إمكانية الوصول إلى ثالث أقوى الحواسيب عالميًا بيز داينت Piz Daint الموجود في المركز الوطني السويسري للحوسبة الفائقة the Swiss National Supercomputing Centre أو اختصارًا CSCS في مدينة لوجانو Lugano ويمكنه تأدية ما يصل إلى 20 مليون مليار عمليةٍ في الثانية. ويتطلب هذا النوع من الدراسة نحو 230 بطاقةً رسوميةً حديثةً، بينما يحتوي بيز داينت أكثرَ من 4000 بطاقةٍ، ولكلّ بطاقةٍ وحدة المعالجة المركزية CPU الخاصة. ويقول لويسير: "بالرغم من هذه القدرة الحسابية، فإنه يستغرق عشر ساعات أو ما شابه لمحاكاة ذاكرةٍ واحدةٍ وتحديد خصائصها الكهربائية".


CMOS اختصار لـ Complementary Metal Oxide Semiconductor أي شبه موصل أكسيد الفلز المكمـِّل وتشير عامةً إلى شريحة ذاكرة تعمل بطاقة البطارية في الحاسوب وتخزن معلومات بدء تشغيله.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • النفق الكمومي (quantum tunneling): يُشير هذا المصطلح إلى ظاهرة كمومية يُمكن من خلالها للجسيمات عبور حاجز لا يُمكنها عبوره في الفيزياء الكلاسيكية.
  • أشباه الموصلات (أو أنصاف النواقل) (semiconductor): وهي مواد ذات مقاومة كهربائية ديناميكية بمجال بين مقاومة الموصلات ومقاومة العوازل، بحيث ينتقل التيار الكهربائي فيها عبر تدفق الالكترونات إلى القطب الموجب وتدفق للثقوب باتجاه القطب السالب (الثقب هنا موضع لإلكترون متحرّر)، من أهم تطبيقاتها: الترانزستور والثنائيات الباعثة للضوء

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات