خلال الرحلات الفضائية الطويلة، يمكن للأشعة الكونية إتلاف أحشاء رواد الفضاء

 توضيح لتأثير الأشعة الفضائية على أحشاء رواد الفضاء. حقوق الصورة: NASA


 

 مُغامرات البشر المستقبلية في إستكشاف الفضاء العميق، إلى المريخ ومابعده، قد تصاحبها متاعب جديدة لرواد الفضاء، إذ تُبين الأبحاث أن الأشعة الكونية قد تُلحق الضرر بالجهاز الهضمي والمعدة والقولون.

 

قد يسبب قضاء عدة أسابيع أو أشهر في الفضاء العميق إلى فقدان العضلات وتدهور القدرات الإدراكية ونمو العضام وقد يصل الأمر إلى مشاكل في الرؤية. إستعداداً لإرسال رواد الفضاء إلى أعماق الفضاء، يحقق الباحثين في ماقد تسببه الرحلات الفضائية الأطول زمناً لجسم الأنسان.

 

يقول كمال داتا Kamal Datta، الباحث الرئيسي للدراسة وقائد مشروع مركز أبحاث ناسا التخصصي (NSCOR) في المركز الطبي لجامعة جورج تاون في تصريح له: "قد لا يتعرض رواد الفضاء في حالة الرحلات القصيرة، مثل بعثة القمر، إلى مثل تلك الإصابات، لكن يكمُن قلقنا في الإصابات الدائمة الناجمة عن الرحلات الطويلة، مثل بعثة المريخ أو أي بعثات أخرى قد تكون أطول بكثير."

 

لمحاكاة كيف يمكن للإشعة الكونية المجرّية أن تؤثر على رواد فضاء المستقبل، درس باحثون في المركز الطبي لجامعة جورج تاون تأثير الأشعة على الأمعاء الدقيقة للفئران. تشير نتائجهم إلى أن التعرض لجُرعة قليلة من إشعاع الحديد يمكن أن يسبب أضرار خطيرة للجهاز الهضمي بالإضافة لنمو أورام  في المعدة والقولون.

 

 من المهم أن نضع في عين الإعتبار كيف يمكن للأشعة أن تؤثر على رواد الفضاء خلال الرحلات الفضائية الطويلة، لأن الجهاز الهضمي يعد مصدراً مهماً لوظيفة المناعة في الجسم. بشكل عام، تحلُ خلايا جديدة محل طبقة الخلايا العليا في الجهاز الهضمي كل ثلاثة أو خمسة أيام، لكن التعرض لإشعاع الأيونات الثقيلة يسبب تعطيل هذه العملية، مما يسبب تلف أنسجة الجهاز الهضمي مؤدياً في النهاية إلى مشاكل طويلة الأمد.

 

عندما لا تُزوّد الخلايا الجديدة بشكل صحيح، فإنها تؤثر على كيفية إمتصاص الجسم البشري للمواد المغذية، وبالتالي تتسبب في نمو غير طبيعي أو سرطاني للأنسجة.

 

لاتؤثر الأشعة الكونية المجرية علينا لأن الغلاف المغناطيسي للأرض يقوم بحمايتنا، لكن الأيونات الثقيلة مثل الحديد والسليكون الموجودة في الفضاء العميق يمكنها إلحاق الضرر بأجسامنا، لأن تلك الذرات، كما يقول كمال في تصريحه، لديها "كتلة أكبر مقارنة بالفوتونات عديم الكتلة مثل الأشعة السينية أو أشعة جاما المنتشرة على الأرض وكذلك البروتونات ذات الكتلة المنخفضة في الفضاء الخارجي."

 

خلال الدراسة، قام الباحثون بتعريض مجموعة فئران لأيونات ثقيلة، بينما تلقت مجموعة أخرى أشعة جاما فقط، بعدها قارن العلماء نتائج المجموعتين مع مجموعة أخرى لم تتعرض لأي أشعة.

 

أظهرت الفئران المُعرضة لأشعة الحديد نمو أنسجة سرطانية بالأضافة إلى تلف الحمض النووي الذي أدى إلى زيادة عدد الخلايا الهرمة، وهي نوع من الخلايا غير قادرة على القيام بالانقسام أو التجديد الخلوي. على وجه التحديد، يمكن لهذه الخلايا أن تبطئ من التجدد الصحي لخلايا الجهاز الهضمي، مما يؤدي إلى إبطاء وظيفة الجهاز الهضمي الطبيعية.

 

يقول داتا: "تُولد الخلايا الهرمة إجهاداً تأكسدياً وجسيمات إلتهابية تؤدي إلى ضرر أكب. ذلك يؤثر بشكل كبير على إنتقال الخلايا اللازمة لأستبدال البطانة المعوية، مما يؤدي إلى إبطاء عمل الجهاز الهضمي."

 

تخبرنا هذه الدراسة أن الأشعة تسبب ظرراً دائماً. كما أشار الباحثون إلى أن التعرض لأيونات ثقيلة قد يسبب أضراراً مماثلة لأعضاء أخرى في الجسم.

 

يضيف داتا: "من الصعب حماية رواد الفضاء من الأثار الضارة للأشعاع الأيوني الثقيل بإستخدام تقنيات الحماية الحالية. على الرغم من احتمال وجود طريقة لأستخدام الأدوية للتصدي هذه الأثار، لم يتم تطوير أدوية تمكننا من ذلك حتى الأن."

 

بينما لم تُستخدم الفئران إلا كنموذج لما يمكن أن يختبره رواد الفضاء، فالباحثون عازمون على مواصلة دراستهم لأثار الأشعاع على الفئران حتى يتمكنوا من فهم المخاطر التي قد يواجهها رواد الفضاء أثناء البعثات طويلة الأمد بشكل أفضل.

 

يختم كمال قائلاً: "من المهم أن نفهم هذه الآثار مقدماً، حتى نتمكن من فعل كل ما في وسعنا لحماية مسافري الفضاء في المستقبل."


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات