تصوير قطبية الروابط الكيميائية الفردية

روابط خفية: رسم خريطة الروابط لـ F12C18Hg3 وH12C18Hg3

تقنية جديدة لمجهر القوة الذرية (Atomic Force Microscope) تم تطويرها من قبل الباحثين في أوروبا من شأنها أن تسمح للمستخدمين بالكشف بدقة ووضع خريطة لتوزُّع الشحنة في الجسيمات، استخدم الفريق طريقته الخاصة لإظهار الفرق في الرابطة القطبية بين اثنين من الجسيمات المتطابقة من الناحية الهيكلية والمختلفة كيميائياً، ومن المأمول أن تُستخدم هذه التقنية في يوم من الأيام لوضع خريطة لحركة الشحنة في المواد الضوئية – مما يحتمل أن يساعد في تحسين الخلايا الشمسية مستقبلاً.

في عام 1991 تم اختراع AFM مختلف –سُمي المجهر بـ مجس كالفن قوي الطيف (KPFS)– وقد استخدم لقياس توزيع الشحنات على السطح. عندما يتذبذب الطرف النانوي على مسافة صغيرة من السطح، يتم تطبيق جهد الانحياز بينهما، ويدفع التفاعل الكهربائي مع السطح الطرف المستدق ويسحبه، مما يغير وتيرة تذبذبه،و يمكن للمرء عن طريق قياس التردد في نقاط مختلفة، حساب فرق الجهد بين الطرف والسطح، وبالتالي استنتاج توزيع الشحنة الإلكترونية على السطح.

الترابط كيميائياً


في عام 2009 أظهر ليو غروس Leo Gross وزملاؤه الباحثون في مركز أبحاث IBM في زيوريخ-سويسرا، بواسطة توظيف الطرف -أي عمل رد فعل (تفاعل) كيميائي عن طريق ربط جزيء معين معه- أنه يمكن استخدام AFM للحصول على صور من الذرات الفردية داخل الجزيئات. ومع ذلك، لقياس توزيع الشحنة مع الروابط الكيميائية الفردية، يحتاج المرء لأداء KPFS مع الطرف بمسافات نانومترية من السطح، وقد أدى الظهور غير المفسر لبعض القطع في الصور، إلى جعل نتائج KPFS غير موثوقة.

قام الفيزيائي جاشا ريب Jascha Repp من جامعة ريجينسبيرغ Regensber في ألمانيا وزملاؤه المشاركون في بحثٍ جديد، بتحليل القوى المؤثرة على الطرف وذلك من أجل فهم أفضل لسبب ظهور القطع في الصور.


تكون للتفاعلات بين الطرف والسطح أسبابها المتعددة، وبصرف النظر عن دور القوة الكهروستاتيكية، هناك أيضاً التنافر الذي يطرح نفسه بسبب مبدأ استبعاد باولي، والذي ينص على أن أي اثنين من الفرميونات المتطابقة لا يمكن أن يشغلا في وقت واحد نفس الحالة الكمومية.


كلما كان تنافر باولي قريباً من الطرف كلما كان أكثر فعالية وأهمية، وعندما يتم رفع فرق الجهد وخفضه، تتشوه وتنحرف الجزيئات على السطح -والأهم من ذلك على الطرف- كما تتغير مسافة الطرف عن السطح، وما يترتب على ذلك من أهمية تنافر باولي، الذي يؤدي إلى ظهور القطع في صور KPFS.

حل مشكلة الطرف-القمة


على كل حال ابتكر فريق ريب حلاً، حيث قام الباحثون بقياس معدل تغير تردد تذبذب الطرف مع الارتفاع، وذلك عندما يكون قرب السطح يحدث هذا التحول بالتردد بسبب التفاعل الكهروستاتيكي وتنافر باولي وقوى أخرى مثل قوة جذب فان دير فال.


وبعد ذلك قاموا بتغيير فرق الجهد بين الطرف والسطح، وكرروا تلك العملية، حيث يختلف التفاعل الكهروستاتيكي رياضياً تبعاً للمسافة عن القوى الأخرى، ومن خلال مقارنة التغير في إجمالي القوى مع المسافة لاثنتين من الفولتات، تمكن الباحثون كما يوضح ريب "من فصل وفك جميع هذه المؤثرات المختلفة واستخراج أفضل مؤثر كهروستاتيكي".

فحص الباحثون عدة جزيئات بسيطة لإثبات تقنيتهم. وفي جميع الحالات، كانت النتائج أقرب إلى التنبؤات النظرية من نتائج KPFS التقليدية، على سبيل المثال كانوا يبحثون عن جزيئات متطابقة من الناحية الهيكلية F12C18Hg3 و H12C18Hg3، وذلك ليظهروا للمرة الأولى أن روابط C-H في المركب الأول مستقطبة مع الشحنة السالبة لذرة الكربون، في حين كانت روابط C-F في المركب الثاني مستقطبة بالطريقة المعاكسة كما هو متوقع.

 
ويأمل الفريق أن منهجه يمكن في يوم من الأيام استخدامه لدراسة التغيرات في توزيع الشحنات عند اهتياج الجزيئات، مما يساعد على تحسين المركّبات الضوئية العضوية.

يقول عالم الفيزياء فيليب موريارتي Philip Moriarty من جامعة نوتنغهام University of Nottingham "موضوع البحث هام حيث سيمنحنا أفكاراً رئيسية حول القوى الكهروستاتيكية، ولكن التحفظ الوحيد لدي -والذي يشاطرني به المشاركون في البحث- هو أنه ينطوي على عدد لا بأس به من الأرقام التقريبية. ومع ذلك فإنها تعتبر مقنعة جداً مقارنة مع بيانات KPFS التقليدية".


ويشير موريارتي إلى أن تقنية أخرى تم اكتشافها مؤخراً لاستخراج نفس المعلومات بواسطة توظيف الطرف مع نقطة كمومية قد حققت حلاً مماثلاً، ويعتقد كل من موريارتي وغروس أن التقنيتين متكاملتان، ويقول غروس "التقنية الأخرى حساسة للغاية في المسافات الأطول عندما تصبح الكهروستاتيكية المنخفضة متعددة الأقطاب أكثر هيمنة، فعندما تقوم بمسح مجهري دائماً ما ترغب بدقة جانبية عالية، وبالتالي فإنه من المهم أن تكون قادراً على تفسير النتائج التي تحصل عليها من المسافات القريبة للطرف، وهذا هو بالضبط المجال الذي تبحث فيه دراستنا". 

تم نشر هذه الدراسة في مجلة -Physical Review Letters-.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات