انعكاسات التغير المُناخي على الإنتاج الغذائي سببٌ لارتفاع عدد الضحايا

 فيما يخص الزراعة، تكشف الدراسة أنه إذا لم يتم الحد من الانبعاثات العالمية، فإنَّ التغير المُناخي سيحُولُ دون التنمية الغذائية المخطط لها وهي حوالي ثلث الإنتاج الغذائي، وذلك بحلول 2050. كما سينقص معدل توافر الغذاء بنسبة 3.2% للفرد الواحد (أي 99 سعرة حرارية يوميًا)، وسيبلغ تناول الفواكه والخضار معدل 4.0% (14.9 غرام يوميًا)، وسيُقدَر استهلاك اللحوم الحمراء بمعدل0.7% (0.5 جرام يوميًا). 
ملكية الصورة: أوزفوتو غاي ozphotoguy/ موقع فتوليا Fotolia.


انعكاسات التغير المُناخي على الإنتاج الغذائي قد ترفع حصيلة الضحايا إلى ما فوق 500,000 ضحية في عام 2050 
بحلول عام 2050 سيُضاعف نقص تناول الفواكه والخضار من معدل الوفيات مقارنةً بنسبة الوفيات الناتجة عن سوء التغذية.


ملخص 


وفقًا لتقديرات جديدة، يمكن لتغير المُناخ القضاء على أكثر من 500,000 شخص حول العالم بحلول 2050 بسبب التغيُّرات الطارئة على الأنظمة الغذائية والوزن، والتي سببُها نقص اﻹنتاج الزراعي. وهذه الدراسة دليل قاطع على أنَّ تغيرات المُناخ لها انعكاسات مدمرة محتملة على الإنتاج الغذائي والصحة العالميَّين.


القصة كاملة:


وفقـًا لتقديرات جديدة نشرتها الدورية الطبية البريطانية "دو لانست" The Lancet فإنه من الممكن لتغيرات المُناخ القضاء على أكثر من 500,000 شخص حول العالم بحلول عام 2050 وذلك بسبب التغيرات الطارئة على الأنظمة الغذائية والوزن التي سببها نقص الإنتاج الغذائي. وهذه الدراسة دليل قاطع على أن تغيرات المُناخ لها انعكاسات مدمرة محتملة على الإنتاج الغذائي والصحة العالميين.


إن هذه الدراسة التصنيفية -التي يقودها الدكتور ماركو سبرنغ مان Dr Marco Springmann من برنامج أوكسفورد مارتن لمستقبل الغذاء The Oxford Martin Programme on the Future of Food التابع لجامعة أكسفورد في المملكة المتحدة - هي الأولى من نوعها لتحديد تأثيرات التغير المُناخي على طبيعة النظام الغذائي والوزن، إضافةً لتقدير ضحايا التغيرات المناخية في 155 بلدًا في عام 2050.


يشرح الدكتور سبرنغ مان: "ركَزت معظم الأبحاث سابقًا على الأمن الغذائي، إلا أنّ القليل منها ركَّز على التأثيرات الصحيَّة الأوسع والمتعلقة بالإنتاج الزراعي. ويقول في السياق ذاته: "إنَّ التغيرات المتعلقة بتوافر الغذاء وتناوله ستؤثر أيضًا على الأنظمة الغذائية وعوامل الخطر المرتبطة بالوزن، كنقص تناول الفواكه والخضار وزيادة استهلاك اللحوم الحمراء، إضافةً للبدانة. كل هذه الأمور تساهم في تزايد احتمالات الإصابة بالأمراض غير المعدية كأمراض القلب والجلطات والسرطان، وترفع خطر الموت بسبب هذه اﻷمراض".


ويضيف سبرنغ مان: "تشير النتائج التي توصَّلنا إليها إلى أنَّه حتى الحد من الاستهلاك على المستوى الفردي يمكن أن يؤدي إلى تغيرات في مخزون الطاقة وتركيبة الأنظمة الغذائية وستكون لهذه التغيرات انعكاسات هامة على الصحة".


ــ تكشف الدراسة أنه إذا لم يتم الحد من الانبعاثات العالمية، فإن التغير المُناخي سيَحول دون التنمية الغذائية المخطط لها وهي حوالي ثلث الإنتاج الغذائي، وذلك بحلول 2050. كما سينقص معدل توافر الغذاء بنسبة 3.2% للفرد الواحد (أي 99 سعرة حرارية يوميًا)، وسيبلغ تناول الفواكه والخضار معدل 4.0% (14.9 غرام يوميًا)، وسيُقدَر استهلاك اللحوم الحمراء بمعدل0.7% (0.5 جرام يوميًا).


وتتوقع النتائج أن هذه التغيرات ستكون مسؤولة عن أكثر من 529,000 حالة وفاة بحلول 2050 مقارنةً مع مستقبلٍ بدون تغيرات مناخية، والذي سيساهم فيه توافر الغذاء والاستهلاك بتفادي 1.9 مليون حالة وفاة.


الجدير بالذكر، أن البلدان الأكثر عرضة للنتائج الأسوء هي البلدان ذات الدخل المتدني - المتوسط وهي بلدان المنطقة الغربية للمحيط الهادي بنسبة (264,000 حالة وفاة) ومناطق جنوب شرق آسيا بمعدل (164,000)، ومن المُرتقب أن تظهر قرابة ثلاثة أرباع نسبة الوفيات المتوقعة في كل من الصين (248,000) والهند (136,000). وعلى أساس فردي، ستنال اليونان نصيبها من تلك التغيرات بمعدل (124 حالة وفاة في مليون فرد) وإيطاليا (89 حالة وفاة في مليون فرد).


استخدم سبرنغ مان وزملاؤه نموذجًا اقتصاديًا زراعيًا ينسجم مع البيانات التي تمثل مسار الانبعاثات والعوامل الاقتصادية الاجتماعية والانعكسات المُناخية المحتملة، وذلك من أجل تقييم النتائج التي ستؤثر على الإنتاج الغذائي العالمي والتجارة والاستهلاك في 2050. وقاموا أيضًا بحساب عدد الوفيات الإضافية المرتبطة بتغيُّر الأنظمة الغذائية والوزن ضمن مخطط زمني تنموي متوسط وأربعة تصورات محتملة لتغير المناخ (انبعاث عالي، وانبعاثين متوسطين، وانبعاث آخر منخفض). ويتوقع هذا النموذج أنَّ انخفاض استهلاك الفواكه والخضار قد يؤدي إلى 534,000 حالة وفاة متعلقة بالمناخ، متغلبًا بذلك على الفوائد الصحية الناتجة عن التقليل من تناول اللحوم الحمراء (29,000 حالة وفاة متجنبة).

 

النتائج الأكبر للتغيرات في تناول الفاكهة والخضار ستلامس على الأغلب البلدان ذات الدخل العالي بنسبةٍ تبلغ 58% لكل التغيرات التي طالت الوفيات، إضافةً للبلدان ذات الدخل المتدني - المتوسط غرب المحيط الهادي بنسبة 74%، و60% في أوروبا و42% شرقي البحر الأبيض المتوسط. أما جنوب شرق آسيا وأفريقيا فهما على رأس قائمة وفيات الشباب جراء نقص الوزن إذ تبلغ النسبة فيهما على التوالي 47% و49% وذلك بحلول 2050.


من جانب آخر، قد تكون هناك مزايا حسنة للتغير المُناخي لتفادي العديد من حالات الوفاة التي كانت تهددها البدانة. على أية حال، إن تفادي 260,000 حالة وفاة كانت مهددة بالبدانة على نطاق عالمي في 2050 تم تلافيها بسبب نقص السعرات الحرارية وازدياد عدد الوفيات الذي سببه نقص الوزن بمعدل 266,000 حالة وفاة إضافية.


ويرى الخبراء أنّ هناك فوائد صحية بالغة الأهمية للحد من الانبعاثات، والتي من شأنها تقليل وفيات المُناخ بنسبة تتراوح بين 29-71% اعتمادًا على قوة التدخل. على سبيل المثال، في إطار انبعاثات متوسطة (سترتفع حرارة الهواء على سطح الارض بمقدارٍ يتراوح بين 1.3 و1.4 درجة مئوية في الفترة الزمنية الممتدة بين عامي 2046 و2065 بالمقارنة مع الفترة ما بين 1986 و2005). كما قد تقل نسبة الوفيات المرتبطة بالنظام الغذائي والوزن بحوالي الثلث (30%) مقارنةً مع تصور الانبعاثات العالية - في أسوأ الحالات.


ووفقـًا لسبرنغ مان: "من المرجح أن يؤثر تغير المُناخ سلبًا على معدل الوفيات مستقبلاً، حتى تحت الظروف الباعثة على التفاؤل. كما يجب مضاعفة الجهود وتسريعها للتكيف. ويجب أيضًا دعم برامج الصحة العامة الهادفة إلى تلافي ومعالجة مخاطر الأنظمة الغذائية والمشاكل المرتبطة بالوزن - ومنها الرفع من نسب تناول الفواكه والخضار - واعتبارها من الأساسيات للتقليل من الانعكسات الصحية المتعلقة بالمُناخ.


هذا وقد علَّق كل من الدكتور أليستير وودوارد Alistair Woodward من جامعة أوكلاند University of Auckland في نيوزيلندا والأستاذ جون بورتر John Porter من جامعة كوبنهاغن The university of Copenhagen في الدنمارك على نتائج الدراسة قائلين: " إن إحاطتنا المحدودة بانعكسات التغير المُناخي لما قد يحدث في الفترة بين الثلاثين إلى الأربعين عاماً المقبلة يمكن توقعه ضمن إطار قلق مألوف بالرجوع إلى نوعية المعطيات وثبات النموذج. لكن هذا قد يعد تجاهلًا لحجم المخاطر المتوقعة مستقبلًا. وبالتالي يؤدي هذا إلى الاستهانة بالجهود الحالية اللازمة للتخفيف والتكيُّف". واختتم الاثنان: "لقد وجه سبرنغ مان وزملاؤه مسار الجدل الغذائي والمُناخي إلى جانب جوهري وذلك بالتأكيد على فكرة الأمن الغذائي والتغذية. ولكن ماتزال هناك العديد من علامات الاستفهام حول السياسات المتبعة وهي تفتقر للتمعُّن بها عن كثب".

للتعرف على ترتيب الدول وفقًا لنسبة الوفيات نتيجة التغير المُناخي وعوامل الخطر، يمكنك الدخول إلى الرابط هنا.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات