توحيد الجهود للكشف عن كتلة وشكل جزيئات مفردة

طوّر فريق من العلماء تقنية ثورية جديدة يُمكنها تصوير ووزن جزيئات مفردة، وباستطاعتها أيضاً التحديد اللحظي لفيروس واحد أو بروتين. تستخدم أداة ميكروية (مجهرية)، أقل سماكةً من شعرة الإنسان بحوالي 1000 مرة، الاهتزازات للكشف المتزامن عن كتلة وشكل جزيء ما، وهو عمل لم يكن متاحاً قبل الآن.

 

قاد فريق العمل البروفيسور جون سادر (John Sader) من مدرسة الرياضيات والإحصاء في جامعة ميلبورن، والبروفيسور ميشيل روكز (Michael Roukes) من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا، ونُشرت النتائج في عدد هذا الشهر من مجلة (Nature Nanotechnology).

 

يقول البروفيسور سادر أن هذه التقنية ستقود إلى ثورةٍ في عالم الكشف عن الجزيئات في مجال عمل علماء البيولوجيا، أو أي شخصٍ يُريد قياس وسبر أغوار الأجسام فائقة الصغر. ولاكتشاف كيف ستبدو العينة، وصلها الباحثون بجهاز اهتزاز صغير يُعرف بنظام المِرْنان الكهروميكانيكي-النانوي (NEMS).

 

يقول البروفيسور سادر: "تنص إحدى الطرق التي تُساعد في معرفة الاختلافات بين الجزيئات على وَزْن هذه الجزيئات باستخدام تقنية تُعرف بالمطيافية الكتلية (mass spectrometry)، لكن تكمن المشكلة في أن الجزيئات المختلفة قد تمتلك الوزن نفسه. الآن، يُمكننا تمييزها عن بعضها عبر تحديد أشكالها". 

 

يتابع قائلاً: "تمَّ بناء هذه التقنية بالاعتماد على خوارزمية رياضية جديدة قُمنا بتطويرها وتُعرف بالتصوير العطالي (inertial imaging)، يُمكن استخدام هذه التقنية كأداة تشخيص إذا كنت تحاول تحديد جسيم فيروسي أو بكتيري على سبيل المثال".

 

في القياس الطيفي الكتلي، تُؤين الجزيئات (أو تُشحن كهربائياً) بحيث يُصبح بإمكانها التفاعل مع حقل كهرومغناطيسي ثم يُقاس هذا التفاعل؛ مما يُقدم معلومات مهمة جداً عن نسبة (الكتلة إلى الشحنة) الخاصة بالجزيء، لكن من الصعب جداً أن تُخبرنا هذه التقنية التقليدية عن الفرق الكائن بين الجزيئات التي تتمتع بنسبة (كتلة إلي شحنة) متشابهة، أي بمعنى أنه قد يكون الجزيئين A وB مختلفان جداً لكن ليس بإمكان القياس الطيفي مشاهدة هذا الاختلاف.

 

يضيف البروفسور سادر: "لكن عندما تهبط كتلة ما فوق جهاز (NEMS) المهتز، تؤدي هذه الكتلة الزائدة إلى إنقاص العديد من ترددات الاهتزاز الخاصة بالجهاز، وتعتمد الطريقة التي تتغير الترددات وفقاً لها على كتلة وشكل الجزيء؛ ولذلك يُمكننا معرفة الكثير عن شكل الجزيء، وما هو وزنه".

 

يُشابه الأمر كثيراً وضع قطرة لحام على وتر جيتار، إذ سيؤدي ذلك إلى تغيير تردد اهتزاز الوتر وبالتالي نغمته، ويقول سادر: "يُمكننا تحليل هذا القياس للحصول على كلٍ من كتلة وشكل الجسيم المتصل بالوتر. هذا الأمر صعب جداً بالنسبة للمجهر البصري؛ حيث يُقيد الضوء من الأحجام التي يُمكننا قياسها، لكن لا يلعب هذا التقييد، المعروف بحد الانعراج، أي دور في هذه التقنية الجديدة".

 

تعتمد إحدى طرق فك شفرة الهياكل الجزيئية على علم الأشعة السينية لدراسة البلورات (crystallography)، وتتضمن هذه الطريقة المعقدة تنقية وبلورة الجزيئات ثم إطلاق أشعة سينية داخل العينة وتفسير الأنماط الناتجة. مع ذلك فإن هذا الأمر إشكاليّ؛ لأن بنية الجزيء قد تكون مختلفة في بيئته الطبيعية.

 

يقول البروفسور روكز: "يُمكنك تخيل الحالات التي لا تعرف فيها بالضبط عمّا تبحث، حيث تكون في نمط الاكتشاف، وأنت تحاول معرفة استجابة مناعة الجسم لجسيم مُمْرض معين على سبيل المثال".

 

يُضيف قائلاً: "تُضيف التقنية الجديدة قطعة أخرى من المعلومات للمساعدة في عملية التحديد التي نُجريها للجزيئات، لكنها تُساعدنا الآن عند مستوى الجزيء الواحد، وهو أمر قد يكون مفيداً جداً في التطبيقات البيولوجية الطبية، بالإضافة إلى وجود الكثير من الاستخدامات الأخرى".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات