المحافظة على ميزانية طاقة الأرض

كان لدى الأرض وأنظمتها المترابطة سحر متألِّق بالنسبة إلى الباحث نورمان لوب Norman loeb.


يقول نورمان: "إنَّه أمر مثير للاهتمام، حينما تفكِّر في كيفيَّة توزيع الطاقة وتبادلها في أشكال مختلفة بين الغلاف الجوي للأرض والمحيطات واليابسة والثلوج".


وبوصفِ نورمان لوب الباحث الرئيس لمشروع علوم ميزانية الإشعاع التابع لوكالة ناسا الفضائية، يُشرفُ على سلسلة من الأدوات المرسلة إلى الفضاء، التي تقيس أشعة الشمس المنعكسة والإشعاع الحراري المنبعث من الأرض. وتعطي هذه المراقبة العلمية لنورمان فرصةً لإرضاء فضوله بمعرفة تفصيلات الأرض وطاقتها في مركز أبحاث لانغلي التابع لوكالة ناسا في هامبتون، فرجينيا.


وفي غضون أسابيع قليلة، سيشاهد لوب أحدث المستجدات المتعلِّقة بالغيوم، ونظام الطاقة المشعَّة للأرض (CERES)، باستعمال أداة التكبير الفضائية، حيثُ سيتم جمع المزيد من البيانات حول العمليات المساعدة في دفع العلاقات التي يجدها لوب مثيرة للاهتمام.


سيحلِّق نموذج طيران سيريس (CERES FM6) على متن نظام الإدارة الجوي للقمر الاصطناعي القطبي المشترك-1 (JPSS-2)، الذي سينطلق في 10 نوفمبر، على صاروخ دلتا تحالف الانطلاق المتحد ||، من مركب الإطلاق الفضائي 2W، إلى قاعدة القوَّات الجوية في فاينبرغ، في كاليفورنيا.


وتوفِّر الملاحظات من طيران سيريس (CERES FM6) مجموعةَ بياناتٍ حاسمة من أعلى الغلاف الجوي لميزانية طاقة الأرض- الذي يعني التوازن بين الطاقة المرسلة من الشمس، وكميَّة الطاقة المنبعثة من الأرض كإشعاع حراري.


ويوضح ذلك لوب بقوله: "إذا كنت تعرف كميَّة الإشعاع الشمسي المتجِّه نحو الأرض، وكميَّة الإشعاع الشمسي المنعكس، والانبعاثات الصادرة من الأرض، سيعطيك هذا الأمر معنى توازن الطاقة، إذا كان لديك المزيد من الطاقة القادمة أكثر بكثير من الطاقة الصادرة، فإنَّ النظام سيسخن في نهاية المطاف".

 

ويخشى لوب أن يكون لهذا التوازن تأثير على أنظمة الأرض الأخرى، حيث يواصل الحديث بقوله: "إنَّه أمر جميل جدًّا، ومحيِّر للعقل؛ لأنَّ كيفيَّة توزيع الإشعاع على كوكب الأرض، من شأنه أن يؤثِّر في دوران المحيطات في الغلاف الجوي".


وتوجد خمس أدوات CERES في المدار، حيث ستتابع أداة القياسات الموجودة في طائرة (CERES FM6) في المساعدة لقياس التغيُّرات الكميَّة في ميزانية طاقة الأرض، والغيوم، وتحديد الآليَّات التي تدفع تلك التغيُّرات، فضلا عن معاونة صانعي السياسات على اتخاذ قرارات مستنيرة. ويبيِّن لوب أنَّ ما نحاول القيام به هو توسيع نطاق سجلات CERES.


وقد أُنشأت طائرة CERES في منتصف التسعينيَّات، وتتمثَّل مهمَّتها في جمع البيانات عن ميزانية طاقة الأرض، وقد أُطلقت أوَّل أداة CERES على متن القمر الاصطناعي TRMM في 1997، ولكنَّها توقَّفت عن جمع البيانات عام 2000. وحلَّقت CERES FM1 و CERES FM2 على متن القمر الاصطناعي تيرا Terra في عام 1999، فضلا عن ذلك طارت CERES FM3و CERES FM4 في أغسطس عام 2002، وأُطلقت CERES FM5 على متن القمر الاصطناعي Sumi NPP في عام 2011.


ويستعمل المشروع قياسات تصويريَّة من خلال جهاز الطيف الكهرومغناطيسي المعتدل (MODIS)، المُثبَّت على القمر الاصطناعي أكوا Aqua، والقمر الاصطناعي تيرا Terra، التابعين لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، اللتين أُطلقتا في عامي 1999 و 2002 على التوالي.

 

إلى جانب ذلك، يطير جناح التصوير الإشعاعي المرئي للأشعة تحت الحمراء على متن القمر الاصطناعي Sumi NPP، والقمر الاصطناعي JPSS-1، لتقديم معلومات إضافية عن الغيوم، والهباء الجوي، والخصائص السطحية المرصودة من قبل CERES، فضلا عن ذلك تستعمل CERES بيانات من الأقمار الاصطناعية المتزامنة مع الأرض (موضوعة في مدار متزامن مع الأرض في مستوى خط الاستواء – المترجم).


ويتابع لوب قائلًا: "عمل العلماء طوال عقود لفهم كيف تتغيَّر ميزانية طاقة الأرض تبعًا للتغيُّرات الأخرى في النظام، مثل تلك المرتبطة بدرجة الحرارة وبخار الماء والغيوم والثلوج والجسيمات العالقة الصغيرة المسماة بالهباء الجوي".


ويمكن أن تؤدِّي الزيادة في تركيز الغازات في الغلاف الجوي - التي تمتصُّ طاقة الطول الموجي للأشعة تحت الحمراء، المنبعثة من الأرض- إلى ارتفاع درجة حرارة سطح الأرض وانخفاض جوِّه، وكذلك تُسبِّب الغازات تبريد الغلاف الجوي العلوي، حيث باستطاعتها تصيُّد طاقة الارتفاعات المنخفضة، التي من شأنها أن تقوم بتسخين الغلاف الجوي العلوي.


علاوةً على ذلك، يمكن للانعكاس أن ينتج التبريد أيضًا، ولا سيَّما أشعة الشمس المنعكسة مرَّة أخرى إلى الفضاء بوساطة الغيوم والهباء الجويين، كذلك تستطيع الغيوم السميكة المنخفضة أن تكون عاكسة، وتمنع قدرة سطح الأرض على امتصاص الطاقة الشمسية، كذلك للهباء الجوي تأثير مماثل، وتشمل مصادر الهباء الجوي غبار الرياح، والانبعاثات الناجمة عن حرق الوقود الأحفوري، مثل البنزين، وحرق الغابات، والحقول الزراعية. 


وتسمح قياسات CERES لعلماء الغلاف الجوي بمراقبة الدفع والسحب بين الامتصاص والانعكاس، الذي من شأنه أن يُحدث تغيُّرات في اتجاهات مناخ الأرض على المدى البعيد، بيد أنَّ بيانات CERES قد يُستفاد منها في تحسين التنبؤات الموسمية على المدى القصير، التي تقود الجوانب الإشعاعية والسحابية للأحداث الواسعة النطاق مثل ظاهرة El Nino، وظاهرة La Nina

 

وتُعدُّ ظاهرة El Nino، وظاهرة La Nina أنماطًا طقسية تتطوَّر عند تقلُّب درجة حرارة المحيطات بين المراحل الدافئة والباردة في المحيط الهادئ الاستوائي. يقول لوب: "تمتلك التغيُّرات السنوية أهميَّة بالغة من ناحية الفهم، والقياس، والنمذجة، للوصول إلى تنبؤات موسمية دقيقة".


حيث باستطاعة المزارعين -على سبيل المثال- اتخاذ قرارات مهمَّة بشأن أنواع المحاصيل التي يمكن زرعها وسقيها.


كذلك يستعمل الباحثون نتائج بيانات CERES لمعرفة اتجاهات وأنماط التغييرات المرتبطة بالجليد البحري، والغطاء الثلجي في المناطق القطبيَّة، وتوفير بيانات الإشعاع السطحي للطاقة الشمسية، وطاقة الطهي، والتطبيقات المعماريَّة.


وتستند أداة CERES إلى تجربة ميزانية طاقة الأرض، المقامة في مركز أبحاث لانغلي، التي تستعملُ ثلاثة أقمار اصطناعية لتقديم قياسات ميزانية الطاقة العالمية في المادَّة الزمنية الواقعة بين 1984-1990.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات