نهاية كبلر

تصور فني لمركبة كبلر الفضائية، وهي المسؤولة عن اكتشاف 70% من الكواكب الخارجية حتى الآن، حقوق الصورة W Stenzel/NASA Ames)

أكثر آلات اصطياد الكواكب الخارجية إنتاجًا في التاريخ تقضي نحبها!

نفذ وقود تلسكوب كبلر الفضائي الذي اكتشف 70% من أصل 3800 من العوالم الخارجية المؤكدة حتى اللحظة، وذلك وفقًا لما صرح به مسؤولو وكالة ناسا يوم أمس 30 تشرين الأول/أكتوبر. فكبلر لم يعد قادرًا على إعادة توجيه نفسه ثانيةً لدراسة الأجسام الكونية أو بث بياناته نحو الأرض، لذا فقد انتهى عمل هذه الأداة الفضائية المذهلة بعد انقضاء عقدٍ تقريبًا. وقد حقق هذا العمل نقلةً نوعية.

وتقول جيسي دوتسن Jessie Dotson، عالمة مشروع كبلر والتي تعمل في مركز أبحاث أميس في موفيت فيلد في ناسا، كاليفورنيا لموقع space.com: "لقد علّمنا كبلر أنّ الكواكب منتشرة في كل مكان وهي متنوعة أيضًا، لقد غيّر الطريقة التي ننظر بها إلى سماء الليل".

لم يكن تصريح البارحة غير متوقع، فقد كان وقود كبلر آخذًا بالنفاذ منذ عدة أشهر، وقد وضع إداريو البعثة المركبة الفضائية على وضع السبات عدة مرات مؤخرًا لزيادة حياتها العاملة قدر الإمكان. لكن النهاية المحتومة لا يمكن تأخيرها إلى الأبد، فقد جفت خزانات وقود كبلر منذ أسبوعين، وقد انتهت حياته رسميًّا الآن.

يقول باول هرتز Paul Hertz، رئيس قسم الفيزياء الفلكية في ناسا للمراسلين الإخباريين: "يضع ذلك نهاية لعمليات المركبة الفضائية كبلر، ونهايةً لعملية جمع البيانات".

قيادة ثورة الكواكب الخارجية


لقد اصطاد كبلر الكواكب الخارجية باستخدام الطريقة الزوالية، وهي العثور على خفوت البريق الذي يسببه عبور كوكب من أمام وجه نجمه المقابل للمركبة الفضائية. إن هذه الخفوتات صغيرة جدًا، بالغة الصغر، بحيث كان مسؤولو ناسا في شكٍ من قدرة مركبة فضائية على إجراء مثل هذه القياسات. لقد رفض مركزُ أميس صاحبَ اقتراح بعثة كبلر بيل بوركي Bill Borucki أربع مرات في تسعينيات القرن المنصرم قبل أن يحصل على الموافقة في عام 2000، بعد أن وضح هو وفريقه حساسية المركبة على منصة اختبار على الأرض. 

ومع ذلك استغرق الأمر وقتًا لإطلاق كبلر، فقد أُطلقت المركبة في آذار/مارس عام 2009، في بعثة كلفت 600 مليون دولار لتسبر مدى شيوع الكواكب الشبيهة بالأرض عبر مجرة درب التبانة.

في البداية، سار كبلر عبر بقعة صغيرة من السماء، دارسًا ما يقارب الـ150,000 نجمًا في آن واحد. لقد كان هذا العمل منتجًا للغاية، فقد أسفر عن 2327 اكتشاف لكواكب خارجية مؤكدًا وجودها حتى الآن.

وفي أيار/مايو 2013 فشلت ثاني عمليات الاحتفاظ بالاتجاه لكبلر، والمسماة بعجلات التفاعل. إذ لم تتمكن المركبة الفضائية من الاحتفاظ باستقرارها بما يكفي لإجراء قياساتها الزوالية فائقة الدقة، وانتهى عمل كبلر الأصلي باصطياد الكواكب. لكن المركبة لم تنته حينها. فقد اكتشف معالجو كبلر طريقة لتثبيتها باستخدام ضغط الأشعة الشمسية، وفي عام 2014 وافقت ناسا على بعثةٍ جديدة تسمى K2. ( إرسال رائد فضاء للعمل على كبلر هو أمر خارج المسألة، فالمركبة الفضائية تدور حول الشمس وليس حول الأرض، وهي بعيدة ملايين الأميال عن كوكبنا).

أثناء K2 درس كبلر طيفًا واسعًا من الأجرام والظواهر الكونية، اعتبارًا من المذنبات والكويبات في نظامنا الشمسي وحتى المستعرات العظمى البعيدة، على مدار 80 يومًا من العمل. وقد سجلت K2 اكتشاف 354 عالَمًا خارجيًا حتى اليوم.

تشير عمليات كبلر الرصدية عبر كلٍّ من بعثتيه إلى أن عدد الكواكب في درب التبانة يفوق عدد النجوم وبأن العوالم المحتملة والشبيهة بالأرض شائعةٌ جدًا وعمليًا، يبدو أن نسبة 20% من النجوم الشبيهة بالشمس في مجرتنا مجرة درب التبانة تستضيف كواكب صخرية في المنطقة الصالحة للسكن، وهو مدى المسافات الذي يمكن أن يحقق وجود الماء السائل على سطح هذه العوالم.

تقول دوتسن: "حقق إرث كبلر من الكواكب الخارجية إقبالًا منقطع النظير. لكن إرث البعثة يمتد إلى مجالاتٍ أخرى كذلك، تشدد دوتسن. فعلى سبيل المثال، قياسات كبلر الدقيقة للتألق- والتي أكمل التلسكوب إجراءها لأكثر من 500,000 نجمًا، تساعد الفلكيين في فهم أفضل للعمليات الداخلية للنجوم. كما أن عمليات رصد الأداء للمستعرات العظمى ألقت المزيد من الضوء على بعض من معظم الأحداث الكبيرة في الكون. تضيف وتسن: "لقد شاهدنا انفجارات لحظة وقوعها، وهذا أمر بالغ الإثارة إن كنت ترغب في معرفة سبب انفجار الأشياء”.

لم ينتهِ بعد


رغم أن كبلر أغلق عينيه، لكن اكتشافات البعثة مستمرة لعدة سنوات قادمة. فنحو 2900 كوكبٍ خارجي مرشحٍ، والتي اكتشفتها المركبة ما تزال بحاجةٍ إلى تدقيق، ومعظمها ينبغي أن ينتهي المطاف به محققًا إنجازًا حقيقيًا، وفق أعضاء فريق كبلر. وتؤكد دوتسن على أن المزيد من البيانات الأخرى ما زالت بحاجة إلى تحليل كذلك.

سيحيا كبلر في ثورة الكواكب الخارجية التي ألّق شرارتها. على سبيل المثال، في نيسان/أبريل أطلقت ناسا مركبة تدعى قمر مستطلع الكواكب الخارجية الزوالية (Transiting Exoplanet Survey Satellite (TESS، وهو يصطاد الكواكب الخارجية التي تدور حول نجوم تقع بالقرب من شمسنا نسبيا (باستخدام الطريقة الزوالية مثل كبلر تمامًا).

بعضٌ من أكثر اكتشافات تيس الواعدة سيخضع للتدقيق باستخدام تلسكوب جيمس ويب الفضائي التابع لناسا والبالغة كلفته 8.9 مليار دولار، والمخطط إطلاقه عام 2021. سيتمكن ويب من مسح الأغلفة الجوية للعوالم الخارجية المجاورة، باحثًا عن الميتان والأوكسجين وغازات أخرى قد تعد إشارات لوجود حياة.

يختتم شارلي شوبيك مهندس نظام كبلر في مركز أميس في ناسا حديثه للموقع قائلًا: "وفاة كبلر ليست بنهاية حقبة، إنها مناسبة علينا تذكرها، لكنها ليست النهاية".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات