ليزر جديد يعد باصطياد الكواكب

قد يصبح اصطياد الكواكب المشابهة للأرض، والتي تدور حول النجوم البعيدة، أمراً أسهل خلال وقت قريب والفضل في ذلك يعود إلى تقنية طورها باحثون في ألمانيا.

في ورقة علمية نُشرت في 18 فبراير/شباط في مجلة New Journal of Physics، نجح فريق من الباحثين بالبرهان على كيفية القيام بالجمع بين تلسكوب شمسي مع تكنولوجيا جديدة من أجل أخذ عالم الفيزياء مكان آخر تماماً –تُعرف هذه التقنية بالمشط ليزري التردد (laser frequency comb) أو اختصاراً (LFC).

يُمكن مشاهدة الفيديو المرافق في الرابط هنا.


من المتوقع أن تسمح هذه التقنية بالحصول على تحليل طيفي للنجوم البعيدة بدقة غير مسبوقة، بالإضافة إلى أبحاث متطورة في مجالات أخرى من الفيزياء الفلكية مثل المراقبات التفصيلية للشمس وقياسات الكون المتسارع عبر رصد الكوازارات البعيدة.
LFC عبارة عن أداة لقياس ألوان الضوء أو تردده، وهي مسؤولة عن إنتاج بعض أدق القياسات التي تمَّ إجراؤها. تُصنع LFC باستهدام ليزر يُصدر نبضات مستمرة من الضوء، ويحتوي على ملايين الألوان وغالباً ما يمتد على كامل الطيف المرئي.
عندما يتم الفصل بين الألوان المختلفة بالاعتماد على تردداتها الفردية –السرعة التي تهتز عندها موجة ضوئية– فإنها تُشكل رسمة مشابهة للمشط وتتمتع بخطوط دقيقة، أو أسنان تُمثل الترددات المنفردة.
يُمكن بعد ذلك استخدام "المشط" من أجل إجراء قياس لتردد الضوء القادم من مجال واسع من المصادر، مثل الليزرات أو الذرات أو النجوم. 


في دراستهم، أجرى الباحثون من معهد ماكس بلانك للبصريات الكمومية ومعهد كيبهاور للفيزياء الشمسية ومرصد ميونخ الجامعي، تحليلاً للشمس عبر الجمع بين الضوء الشمسي القادم من تلسكوب معهد كيبهاور في تناريف وبين ضوء LFC. حُقن كل من الضوأين في ليف بصري مفرد، وتم بعد ذلك إيصال الضوء إلى راسم طيف لتحليله.


يقول رافايل بروبست Rafael Probst، المؤلف الرئيسي للدراسة من معهد ماكس بلانك للبصريات الكمومية: "يكمن أحد أهم جوانب عملنا في استخدامنا لليف بصري وحيد النمط (single-mode fiber)، الذي يستفيد من طبيعة موجة الضوء في تمكين الحصول على حزمة نظيفة جداً ومستقرة كخرج له. هذا النوع من الألياف شائع جداً في تطبيقات الليزر والاتصالات، لكن مجال تطبيقاته في علم الفلك لايزال غير مستكشف بشكل كبير، LFC التي تعتمد على الألياف أحادية النمط، والموجودة في التلسكوب الشمسي في تناريف، هي أول أداة يتم تركيبها للاستخدام في مجال علم الفلك".

 

ويتابع: "تُوضح نتائجنا أنه لو تمّت تغذية الليف وحيد النمط في الوقت نفسه بكل من الضوء الشمسي وضوء LFC، فإن عملية المعايرة الدقيقة التي نحصل عليها ستتطور بعامل يصل إلى 100 مقارنةً مع الألياف المنفصلة المستخدمة للنقل. بعد ذلك، استخلصنا دقة في عملية المعايرة سمحت لنا بالحفاظ على أفضل معايرة تم استخلاصها من راسم طيف فلكي، ونحن نضع في حسباننا إمكانية تطوير هذه التقنية في المستقبل".


في الواقع، يتصور الباحثون إمكانية استخدام التقنية الجديدة ليس فقط في دراسة النجم الموجود في مركز نظامنا الشمسي، وإنما في دراسة النجوم الأكثر بعداً عنا، وخصوصاً استخدامها في البحث عن الكواكب المشابهة للشمس والتي تدور حول تلك النجوم.
عندما يدور كوكب ما حول نجم، لا يبقى النجم ساكن كلياً، لكنه يتحرك ضمن دائرة صغيرة جداً. عندما يُنظر إليه من مسافة بعيدة، فإن هذه التغيرات الصغيرة في السرعة تتسبب في تغير طيف الضوء النجمي -وهي عملية تُعرف بانزياح دوبلر (Doppler shift).


إذا تحرك النجم باتجاه الراصد، سيظهر الطيف منزاحاً نحو النهاية الزرقاء من الطيف، وإذا تحرك النجم بعيداً عن الراصد، سينزاح نحو النهاية الحمراء من الطيف.
يعتقد الباحثون أن LFC سيسمح لهم بقياس انزياح دوبلر بدقة أكبر، وبالتالي سيزيد من فرصهم في التقاط الكواكب المأهولة والشبيهة بالأرض.


بوجود تقنيات المعايرة التقليدية، يقول الباحثون أنهم يستطيعون قياس تغير في السرعة يصل تقريباً إلى 1 متر في الثانية الواحدة على امتداد فترة طويلة، ولكن بوجود LFC، سيتمكنون من قياس تغير في السرعة يصل إلى 1 سنتمتر في الثانية. 
يستنتج بروبست: "في علم الفلك، لاتزال تقنية LFC حديثة وليست جهازاً قياسياً في المراصد. مع ذلك، فإن الأمر سيتغير، ومن المتوقع أن تتمتع المحللات الطيفية التي تعتمد على LFC بمستقبل مزدهر في مجال علم الفلك. ويُوضح عملنا كيف يُمكن استخدام LFC مستقبلاً في علم الفلك".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات