زخة شهب الأسديات

تعتبر زخة شهب الأسديات من أجمل وأشهر زخات الشهب التي تتساقط على الأرض سنوياً، وهي ستبلغ ذروتها في الفترة الممتدة بين ليلة الثلاثاء الموافق لتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني إلى صباح اليوم التالي (الأربعاء). 

بإمكانك طبعاً مشاهدة تساقط شهب الأسديات المشهورة هذه العام حتى في ظل وجود الغيوم أو أضواء المدينة الساطعة التي تُفسد سماء الليل في المنطقة الخاصة بك، كل ما عليك فعله عزيزي القارئ هو متابعة الموقع الإلكتروني لمرصد سلوه Slooh لتشاهد بثاً مباشراً لزخة الشهب ابتداءً من يوم الثلاثاء في تمام الساعة 8:00 مساءً حسب توقيت شرقي الولايات المتحدة الأميركية (1:00 صباحاً من يوم الأربعاء وفقاً لتوقيت غرينيتش)، حيث سنعرض لكم لقطات مباشرة من مواقع في 4 قارات مختلفة. يمكنك مشاهدة البث عبر الانضمام إلى موقع سلوه، كما يمكنك أيضاً الوصول إلى أرشيف المرصد الذي يتضمن الكثير من العروض السابقة. 

يمكنك أيضاً مشاهدة زخة تساقط الشهب عبر موقع Space.com.

 

التقط المصور الفوتوغرافي سكوت توللي Scott Tully هذه الصورة التي تظهر زخة شهب الأسديات فوق إحدى المناطق الريفية في ولاية كونيتيكيت بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 2012.   المصدر: Scott Tully
التقط المصور الفوتوغرافي سكوت توللي Scott Tully هذه الصورة التي تظهر زخة شهب الأسديات فوق إحدى المناطق الريفية في ولاية كونيتيكيت بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني من سنة 2012. المصدر: Scott Tully


لعل أول ما يتبادر إلى ذهننا عند ذكر اسم الأسديات هو صور الشهب الجميلة وهي تتساقط من السماء كالمطر الغزير، وفي الواقع، حدثت "عواصف الشهب" مرات عديدة أثناء زخة شهب الأسديات كما حصل في عامي 1833 و1966، حيث تم رصد تساقط عشرات الآلاف من الشهب خلال الساعة الواحدة. أما في السنوات الأخيرة وخصوصاً في أعوام 1999 و2001 و2002، تساقطت فقط بضعة آلاف من الشهب في الساعة الواحدة خلال زخات شهب الأسديات. 

ولكن ليس من المرجح أبداً أن يكون هذا هو الحال هذه السنة، في الواقع، سيشهد هذا العام انخفاضاً نسبياً في تساقط شهب الأسديات وسأشرح سبب ذلك لاحقاً. أمّا الآن فدعونا نعرف كيفية حساب نسبة تساقط الشهب.

بقايا المذنبات


سميت زخة شهب الأسديات بهذا الاسم لأن النقطة المركزية التي يبدو أنها صادرة منها (المشع) تقع داخل كوكبة الأسد constellation of Leo، والتي تشبه علامة الاستفهام أو المنجل من ناحية تموضع النجوم.


تشكلت شهب الأسديات بفعل مذنب تيمب-تتل Tempel-Tuttle الذي يعبُر من خلال النظام الشمسي الداخلي بسرعة كبيرة كل 33,3 سنة. وفي كل مرة يمر فيها المذنب قرب الشمس، فإنه يخلف وراءه ذيلاً من الحطام الكثيف الذي يقارب حجمه حجم حبيبات الغبار. تصبح عواصف الشهب ممكنة عندما يتقاطع مدار الأرض بشكل مباشر مع ذيل الحطام الصادر عن المذنب على مدار القرنين الماضيين. 

يمكن إيجاد "حصة الأسد" (بالمعنى الحرفي لا المجازي) من غبار المذنبات خلف وأمام مذنب تيمب-تتل. هذا ويعتبر مذنب تيمبل-تتل آخر من طاف عبر النظام الشمسي الداخلي في سنة 1988، وهذا الأمر يفسر سبب تراجع أعداد الشهب الرائعة بعد أعوام 1999 و2001 و2002.


تصوير بياني يظهر النقطة التي يبدو أن شهب الأسديات تصدر منها.   المصدر: Starry Night Software
تصوير بياني يظهر النقطة التي يبدو أن شهب الأسديات تصدر منها. المصدر: Starry Night Software


لا عاصفة شهب هذه السنة


يبدو هذه السنة أن مذنب تيمبل-تتل (وأكثر حشود النيازك الكثيفة التابعة له) اقترب من النهاية البعيدة لمداره الطويل، حيث أنه عبر مدار كوكب زحل في سنة 2010، كما كان يبعد عن الشمس في شهر سبتمبر/أبلول من سنة 2014، حوالي 1,84 مليار ميل (2,86 مليار كم). 

وبناءً على ما سبق، لن يكون هناك الكثير من الحطام في النقطة الموجودة في مدار المذنب والتي ستمر الأرض من خلالها يوم الأربعاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني، وعوضاً عن ذلك ستكون هناك بعض الأجزاء الصغيرة الصادرة عن نواة المذنب قبل ألف أو ألفي عام. 

وكنتيجة لهذا كله، سيكون من المتوقع أن تشهد زخة شهب الأسديات نشاطاً منخفضاً هذه السنة، ففي أفضل الأحوال ستتم رؤية ما بين 10 إلى 20 شهاباً في الساعة. وبالطبع، لن يشكل القمر أي عائق أمام الراغبين بمشاهدة الشهب، حيث سيختفي أقرب جار للأرض قبل الساعة 10:00 بحسب التوقيت المحلي من يوم الثلاثاء بتاريخ 17 نوفمبر/تشرين الثاني، الأمر الذي يجعل بقية فترات الليل تغرق في ظلام دامس. 

ما الذي يجب أن نشاهده؟


تنطوي عملية مراقبة الشهب على الاستلقاء على ظهرك والتحديق عالياً في السماء وانتظار بدء تساقط الشهب. ولكن بالطبع يجب عليك أن تضع في حسبانك أن وجود أي تشويش ضوئي أو عائق ما مثل الأشجار الطويلة أو أضواء المباني القريبة، سيقلل من فرص مشاهدتك للشهب. 

لا تبدأ زخة تساقط الشهب بشكل كامل إلا بعد منتصف الليل، لذلك فإنه سيكون الوقت المناسب لكم كي تركزوا أنظاركم بانتظار رؤية الشهب. ومع بزوغ فجر اليوم التالي في حوالي الساعة 5:00 صباحاً. سيكون المنجل (أي الموقع الذي تصدر منه الشهب داخل كوكبة الأسد) قد بلغ حوالي ثلثي المسافة من خط الأفق الجنوبي الغربي باتجاه نقطة عمودية تسمى الذروة. 

وعلى اعتبار أن شهب الأسديات تتحرك لوحدها في مدار حول الشمس في اتجاه معاكس لاتجاه الأرض، فإنها سوف تصطدم بالغلاف الجوي للأرض بشكل مباشر، الأمر الذي يؤدي إلى أن تصل سرعتها لأعلى سرعة ممكنة وهي 162 ألف ميل في الساعة (261 ألف كم). ومن شأن هذه السرعة العالية أن تجعل من شهب الأسديات ساطعة للغاية إلى الدرجة التي تترك وراءها مجموعة أشكال تشبه الشرائط الطويلة أو القطار البخاري. 

يمكن لشهب الأسديات شديدة السطوع أن تكون رائعة ومبهرة، إلا أنه من المرجح أن تكون هذه الشهب الساطعة والبهية قليلة العدد ومتباعدة جداً فيما بينها هذه السنة (هذا في حال تمت رؤيتها).


في سنة 2005، نشر جيرمي فوبيلون Jeremie Vaubaillon وهو خبير فرنسي بالشهب مع اثنين من زملائه دراسة تقنية في مجلة Astronomy & Astrophysics، وضع فيها تنبؤات حول نشاط شهب الأسديات حتى سنة 2100. 

تشير حسابات الفريق إلى أن الحطام الصادر عن مذنب تيمبل_تتل في سنة 636 يمكن أن تكون أدت إلى حدوث اندفاعات قصيرة المدة تشمل تساقط ما يقارب الـ 100 شهاب كل ساعة، وذلك بتاريخ 22 نوفمبر/تشرين الثاني في حوالي الساعة 10:00 مساءً حسب توقيت شرقي الولايات المتحدة الأميركية (3:00 صباحاً بتاريخ 23 نوفمبر/تشرين الثاني حسب توقيت غرينتش).ولكن نظراً لأن عمر هذه الجسيمات يقرب من 14 قرناً، ستكون متباعدة المسافة فيما بينها وبالتالي لن يكون معدل تساقط الشهب كثيفاً. 

يتوقع فوبيلون وزملاؤه أن تحدث عاصفة شهب الأسديات المقبلة في سنة 2034، حيث من الممكن أن يصل معدل تساقط الشهب في تلك السنة إلى حوالي 2000 شهاب في كل ساعة، لذا احفظوا هذا التاريخ جيداً وكونوا مستعدين لهذا الحدث المميز. 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الكوكبة (Constellation): أو البرج (احياناً)، وفي علم الفلك الحديث، تُشير هذه الكلمة إلى منطقة محددة من السماء داخل الكرة السماوية التي عرّفها وحددها الاتحاد العالمي لعلم الفلك (IAU).

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات