تصنيع ترانزستوراتٍ مطبوعةٍ مؤلفةٍ من مواد نانويةٍ ثنائيةِ الأبعاد للمرة الأولى من قِبل الدكتور جوناثان كولمان Jonathan Colman وفريقه.
حقوق الصورة: أمبر AMBER، جامعة ترينيتي دبلن Trinity Dublin.
قام الباحثون في مركز أبحاث أمبر AMBER المتخصص في علوم المواد والمموَّل من قِبل الحكومة الإيرلندية في جامعة ترينيتي Trinity في دبلن ولأول مرةٍ بتصنيع ترانزستوراتٍ مطبوعةٍ من موادٍ نانويةٍ ثنائيةِ الأبعاد، حيث تجمع هذه المواد بين الخواص الإلكترونية وانخفاض كلفة الإنتاج، ومن الممكن أن تفتح هذه القفزة التكنولوجية الطريق أمام إمكانية استخدام هذه المواد ثنائية الأبعاد في بعض التطبيقات, مثل تغليف الأغذية بمادةٍ تُظهر فترة الصلاحية المتبقية بشكلٍ رقميٍّ للتنبيه عند فساد الأغذية، أو مثلًا يمكن أن يُظهِر غلاف زجاجة النبيذ الأبيض أن النبيذ في درجة الحرارة المثالية، أو حتى عرض توقعات طقس اليوم على زجاج النافذة. وقد نشر الباحثون في فريق أمبر ما توصلوا إليه في مجلة ساينس Science .
يفتح هذا الاكتشاف الطريق أمام الصناعة في مجال تقانة الاتصالات والمعلومات والمستحضرات الصيدلية لطباعة مجموعةٍ من الأجهزة الإلكترونية منخفضة التكلفة بدءًا من الخلايا الشمسية إلى مصابيح ليد LEDs، واستخدامها في مجموعةٍ من التطبيقات كالبطاقات الذكية التفاعلية للأغذية والعقاقير وحتى في الجيل الجديد من أساليب حماية الأوراق المالية والمصرفية وجوازات السفر الإلكترونية.
يقول البروفيسور جوناثان كولمان Jonathan Coleman المفتّش في مركز أمبر ومدرسة ترنيتي للفيزياء: "ستُدمج الأجهزة المصنوعة مستقبلاً مع أبسط الأشياء، مثل العلامات التجارية على المنتجات المختلفة والملصقات الإعلانية والأغلفة،" وستسمح الدارات الإلكترونية المطبوعة (المكوّنة من الأجهزة التي صُنعت مسبقًا) للمنتجات الاستهلاكية بتجميع ومعالجة وعرض ونقل المعلومات، على سبيل المثال قد تُرسل لك عبوات الحليب رسالةً إلى هاتفك الجوال لتنبيهك أن مدة الصلاحية لهذه العبوة سوف تنتهي قريبًا.
نعتقد أنّ هذه المواد النانوية ثنائية الأبعاد والمستخدمة حاليًا في طباعة العناصر الإلكترونية ستدخل حيز المنافسة، وبالمقارنة مع المواد الأخرى فإنّ هذه المواد ستُمكّننا من إنتاج أجهزةٍ مطبوعةٍ ذات أداءٍ أعلى وتكلفةٍ أقل. وبالرغم من أنه خلال العقد الماضي ظهرت إمكانيات المواد ثنائية الأبعاد في مجموعةٍ من التطبيقات الإلكترونية، لكن بالمقابل لم تُتخَذ إلّا أولى الخطوات لإظهار إمكانياتها في مجال طباعة العناصر الإلكترونية. وتأتي أهمية البحث الذي نُشر في إمكانية دمج المواد الناقلة ونصف الناقلة والمواد العازلة معًا في أجهزةٍ معقدةٍ. وقد شعرنا أنّه من الضروري التركيز على طباعة الترانزستورات ثنائية الأبعاد كونها تمثّل جوهر الحواسيب الحديثة، كما نعتقد أنّ هذا العمل سوف يفتح الطريق أمام عملية طباعة كامل مكونات الأجهزة بواسطة هذه الرقاقات النانوية ثنائية الأبعاد.
استخدم البروفيسور كولمان مع فريقه المكون من البروفيسور جورج دوسبيرغ George Duesberg من جامعة أمبر، والبروفيسور لورنس سيبلز Laurence Sibbeles من جامعة تي يو ديلفت هولندا TU Delft، مجموعةً من تقنيات الطباعة القياسية لدمج رقائق الغرافين مع مادتين من المواد النانويّة لتشكيل الأقطاب، واستُخدم ثنائي سيلينيت التنغستين مع نتريد البورون لتشكيل القناة والمنطقة الفاصلة (مكوّنين مهمّين من مكونات الترانزستور) لتشكيل ترانزستورٍ قابل للعمل من الرقائق المطبوعة.
وخلال الأعوام الثلاثين الماضية تطوّرت الإلكترونيات القابلة للطباعة القائمة بشكلٍ رئيسي على الجزيئات المعتمدة على الكربون والقابلة للطباعة، وبالرغم من إمكانية تحويل هذه الجزيئات بسهولةٍ إلى حبرٍ طباعيٍّ، تبقى هذه المواد غير مستقرةٍ وذات أداءٍ محدودٍ، وكان هنالك عدّة محاولاتٍ لتجاوز هذه العوائق من خلال استخدام موادَ بديلةٍ، مثل أنابيب الكربون النانويّة والجزئيات النانويّة غير العضوية، لكنها بدورها أبدت محدوديةً في الأداء وقابلية التصنيع، وكما أنه لا يمكن في الوقت الراهن مقارنة أداء الأجهزة المطبوعة بتقنية المواد ثنائية الأبعاد مع الأنواع المتقدمة من الترانزستورات، لكن الفريق يؤمن أن هنالك فرصًا أكبر لتحسين تقنيات وأساليب الطباعة الحالية للترانزستورات إلى ما هو أفضل بكثير.
تعتمد قابلية طباعة المواد النانويّة ثنائية الأبعاد على طريقة البروفيسور كولمان القابلة للتوسّع لإنتاج المواد النانوية ثنائية الأبعاد المستخدمة في الطباعة مثل الغرافين مع نتريد البورون ورقائق ثنائي سيلينيت التنغستين في الحالة السائلة، وقد سمح لكل من سامسونغ Samsung وتوماس سوان Thomas Swan باستخدام هذه الطريقة، وهي عبارةٌ عن جزيئاتٍ نانويّةٍ مسطحةٍ بسماكة بضعة نانومتراتٍ وبعرض مئات النانومترات. هذا وقد صُنّْعت الرقاقات النانويّة بدقّةٍ شديدةٍ من موادَ متنوعةٍ ذات خواصَ إلكترونيةٍ مثل النواقل وأنصاف النواقل والعوازل وغيرها من المواد الإلكترونية الأساسية.
ومن إيجابيات المعالجة بالسائل أنها تنتج كمياتٍ كبيرةٍ من المواد ثنائية الأبعاد عالية الجودة بشكلٍ يسهُل تحويله إلى حبر.
ويقدم المنشور الخاص بالبروفسور كولمان إمكانية طباعة الدوائر الكهربائية بتكاليفَ زهيدةٍ جدًا، وهذا بدوره سيؤمّن مجالًا أكبر من التطبيقات انطلاقًا من الملصقات الإعلانية المتحركة إلى العلامات التجارية الذكية.
مع العلم أن البروفسور كولمان هو أحد المساهمين في مبادرة الاتحاد الأوروبي غرافين فلاغ شيب Graphene Flagship لتعزيز التكنولوجيا والابتكار خلال السنوات العشر القادمة بميزانيةٍ قدرها 1 مليار يورو.