الأنابيب النانوية تُحفِّز عملية تسارع الأيونات بالليزر

طبقة من الكربون: عرض تصويري لعميلة التسارع الأيوني المحفَّز ليزرياً. 

استخدَم فريق دولي من الباحثين أنابيباً كربونية نانوية (carbon nanotubes) لتعزيز فعالية التسارع الليزري، وهو أمر يساهم في جعلنا أقرب للوصول إلى مصادر صغيرة للعلاج بأيونات الكربون. تتم صناعة الأشعة الأيونية العلاجية في أيامنا هذه باستخدام مُسَرّعاتِ جسيمات كبيرة ومكلفة جداً، وقد يُقدِّم التسارع الأيوني المُحفَّز ليزرياً في يومٍ ما بديلاً مدمجاً ومنخفض التكاليف، لكن لا يُمكن للتقنيات الموجودة حالياً أن تُلبي المتطلبات الطاقية والنوعية للأشعة عند مقارنتها مع تلك القادمة من المسرعات التقليدية. 

في العادة، يعمل التسارع الأيوني المُحفز ليزرياً (Laser-driven ion acceleration) عبر إطلاق نبضات ليزرية شديدة نحو هدفٍ من صفائح كربونية رقيقة جداً، يُشابه شكلها شكل الألماس. تُجرد نبضات الضوء الذرات من إلكتروناتها، ما يؤدي إلى توليد بلازما إلكترونية سالبة الشحنة، وتُشكل هذه البلازما حقلاً كهربائياً يُسرِّع أيونات الكربون إيجابية الشحنة، التي جرى تجريدها من الصفائح. 

مؤخراً، توصل فريقٌ، يقوده يورغ شرايبر Jörg Schreiber من جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونخ، إلى أن طاقة أيونات الكربون الناتجة يُمكن تعزيزها عبر استخدام نبضات الليزر مع حافة مرتفعة شديدة الانحدار (من رتبة القليل من الفمتوثانية)؛ وستسمح مثل هذه النبضات بالوصول إلى عملية فعّالة تُعرف بـ التسارع بالضغط الإشعاعي (radiation pressure acceleration) أو اختصاراً RPA

على أية حال، فإنّ توليد مثل هذه النبضات تجريبياً يُشكِّل تحدياً كبيراً؛ ويعلق شرايبر قائلاً: RPA هي الطريقة الأكثر فعالية لتسريع الأيونات. وبشكلٍ خاص، تعزز RPA الأيونات لتصل إلى طاقات أعلى مقارنةً مع الطرق الأخرى، وفي النهاية تسمح هذه الطريقة بالحصول على توزع غير أُسّي للطاقة".

تشكيل النبضة


لخلق نبضات ليزرية مثالية الشكل، غطّى شرايبر وزملاؤه أحد جوانب صفيحة الكربون، التي يشابه شكلها الألماس وذات سماكة 10 نانومتر، برغوة من الأنابيب الكربونية النانوية (carbon nanotubes)، وعندما تمّ تشعيع الرغوة المكونة من الأنابيب النانوية بالليزر، تشكلت بلازما كثافتها قريبة من القيمة الحرجة، ولعبت بالتالي دوراً مشابهاً للعدسة عبر عملها على تركيز أشعة الليزر. يقول شرايبر: "تُقدم رغوة CNT بلازما تلعب دور وسطٍ غير خطي يُشكل الليزر مكانياً وزمانياً، ليصبح مناسباً أكثر للـ RPA"

ولاختبار طريقتهم، أجرى الباحثون التجارب باستخدام نبضات الفمتوثانية (femtosecond pulses) لليزر جيميني الموجود في مختبر رذرفورد أبلتون Gemini laser at the Rutherford Appleton Laboratory. وعبر مقارنة الأشكال المؤقَّتة لكل من نبضة الليزر الصادمة والنبضة المنتقلة داخل طبقة الأنابيب الكربونية النانوية، اكتشف الباحثون انحداراً كبيراً للنبضة، فزمن النبضة انخفض إلى 4 فمتوثانية باستخدام الأنابيب النانوية.

أدّت شدة الليزر أيضاً إلى زيادة قيم القمم بعامل تجاوز عشرة أضعاف قيمة الشدة الخاصة بالقمم المُركَّزة في الفراغ؛ وترافقت هذه الزيادة الحادة في الانحدار مع شدة أعلى بكثير، مما يوفر ظروفاً مثالية لحصول الـ RPA. 

قام الباحثون بتسجيل قياس الطيف الأيوني المتولد عن عملية إطلاق نبضات الليزر ذات الاستقطاب الدائري على صفائح الكربون التي تشبه الألماس، مع وجود رغوة مكوَّنة من أنابيب الكربون مختلفة السماكة. فكانت النتيجة التي حصلوا عليها هي اكتشاف وجود تناسب طردي بين زيادة طاقة الأيون وبين زيادة سماكة الأنابيب الكربونية المكونة للرغوة.

وقد تم رصد أفضل أداء لدى طبقة كربون تبلغ سماكتها (5 ميكرون)، حيث ساهمت في زيادة الطاقة العظمى لتسارع أيونات الكربون بما يقارب ثلاثة أضعاف الماس غير المصقول الذي يشبه رقائق الكربون، أي من 80 إلى ما يقرب 240 إلكترو-فولط. 
 

خرْج مُعزز


هذه الطاقة الأعظمية (20 ميغا إلكترون فولط لكل نيوكلون) هي أعلى بكثير من الطاقة المُحقَّقة سابقاً بالاعتماد على التسارع الأيوني المُحفز ليزرياً، وهي تجعل من التجارب التي تجري على الخلايا باستخدام أشعة أيونات الكربون أمراً مجدياً للمرة الأولى على الإطلاق. على أية حال، ستكون هناك حاجة إلى طاقات تصل إلى 1 غيغا إلكترو- فولط على الأقل للوصول إلى التطبيقات العِلاجية؛ وهو مقدارٌ من الطاقة أعلى بخمسة مرات من المُنجز في هذا العمل.. ووفقاً للباحثين، فإنّ تعزيز الخرج الطاقي ليصل إلى هذا المستوى ليس أمراً مستحيلاً.

ستستغل التجارب المستقبلية ليرز ATLAS-3000 النبضي فائق القصر، والذي سيتواجد في مركز تطبيقات الليزر المتقدمة CALA الذي يتم بناؤه في غارشينغ. وجنباً إلى جنب مع التعزيز الطاقي القادم من صفائح الأنابيب الكربونية النانوية، قد يساعد هذا النظام في جعل التسارع الأيوني الليزري أداة أكثر قابلية للتطبيق. 

يُخطِّط الفريق للانتقال، عبر تطوير إمكانية الوصول إلى أيونات الكربون ذات طاقة الـ 20 ميغا إلكترو-فولط لوِحدة الكتلة الذرية، من تجارب تستخلص عدداً أكبر من تلك الأيونات عبر طلقات قليلة إلى تجارب تستخلص عدداً أكبر من تلك الأيونات؛ وسيتضمن هذا الأمر كلاً من التجارب الخلوية والدراسات التي سيتم إجراؤها على الحيوانات في المستقبل القريب.

يُضيف شرايبر: "نقوم بالتوازي مع ذلك بنشر فكرة التسارع الليزري المتقدم في العالم لرفع الوعي حول التطبيقات المحتملة له في حقول علمية مختلفة"؛ أما بالنسبة لاحتمالية أن يُمَكّننا التسارع الأيوني المُحفز ليزرياً في النهاية من الوصول إلى نظام علاج منخفض التكاليف، يقول شرايبر إنه أمر صعب الإنجاز.

ويتابع: "لا يكمن الدخول في منافسة ببساطة في صناعة مسرعات أرخص، فالمسرعات الليزرية يجب أن تُقدِّم نوعية جديدة غير متاحة حالياً أو أنها محدودة جداً عند الاعتماد على وسائل أخرى. هذه الميزة تحديداً هي التي تُزاحم المصادر الأخرى للإشعاع المُحفز ليزرياً؛ فقد تَبيّن أنه حتى الأنواع متعددة الأيونات، التي تنتج عن طلقة واحدة، مفيدة. سيكون العام القادم مثيراً مع وصولنا إلى الطاقات التي يُمكن استخدامها في المجال الطبي، ومع استغلالنا لأولى التطبيقات التي تستفيد من هذه الميزات الخاصة".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • الأنابيب الكربونية النانوية (carbon nanotubes): هي عبارة عن إسطوانات أنبوبية الشكل من الكربون وتتمتع بخواص كيميائية، وبصرية، وحرارية، وميكانيكية وكهربائية استثنائية، فالأنبوب الكربوني النانوي أقوى من الفولاذ بألفي مرة وأكثر مرونة بخمس مرات.

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات