يعرض هذا الرسم بيانات درجة حرارة الغلاف الجوي المريخي على هيئة خطوط عريضة ملوّنة، وذلك فوق صورة المريخ التي التُقطت خلال عاصفة ترابية إقليمية. تمتد خطوط درجة الحرارة بدايةً من السطح وصولًا إلى 50 ميلًا ارتفاعًا. وبإمكاننا التمييز بين درجات الحرارة، فاللون البنفسجي يرمز إلى 243 درجة فهرنهايت تحت الصفر والأحمر يرمز إلى 9 درجات فهرنهايت تحت الصفر.
حقوق الصورة:
NASA/JPL-Caltech/MSSS
بعد عقود من البحث لتمييز الأنماط الموسمية في العواصف الترابية المريخية، من الصور التي تظهر الغبار، يبدو أن النمط الأوضح التُقط عن طريق قياس درجة حرارة الغلاف الجوي المريخي.
في السنوات الست المريخيّة المنصرمة، كشفت قياسات درجات الحرارة القادمة من المركبات المدارية المريخية التابعة لناسا، عن وجود نمطٍ من ثلاثة أنواع من العواصف الترابية الإقليمية الضخمة، التي تحدث بالتتابع وفي الأوقات نفسها تقريبًا من كل عام خلال ربيع وصيف نصف الكرة الجنوبي. كلّ سنة مريخية تعادل نحو سنتين أرضيتين.
قال "ديفيد كاس" David Kass من مختبر الدفع النفاث التابع لناسا في باسادنيا- كاليفورنيا، وهو العالم القائم على أداة مسبار المناخ المريخي الموجود على متن مركبة مستكشف المرّيخ المدارية التابعة لناسا، والمؤلف الرئيسي للتقرير حول هذه النتائج التي نشرتها هذا الأسبوع مجلةُ رسائل الأبحاث الجيوفيزيائية: "عندما ننظر إلى هيئة درجات الحرارة بدلًا من الغبار الواضح، فنحن نرى في النهاية قدرًا من الانتظام في العواصف الترابية الكبيرة. إن تمييز نمط حدوث العواصف الترابية الإقليمية، هو خطوة نحو فهم خصائص ونظام الغلاف الجوي الأساسية، ولا يزال لدينا الكثير لنتعلمه، ولكنّ هذا يعطينا بداية جيدة".
حُمِلَ الغبار على متن الرياح المريخية ليصل مباشرة إلى درجة حرارة الغلاف الجوي: فالغبار يمتصّ أشعة الشمس، وبالتالي فإن الشمس تسخن الهواء المغبَر أكثر من الهواء النقي. في بعض الحالات، يمكن أن يكون هذا مثيرًا، بفارق يبلغ أكثر من 63 درجة فهرنهايت (35 درجة سيليوس) بين الهواء المُغبَر والهواء النقي. يؤثر هذا التسخين أيضًا على توزُّع الرياح العالمي، الذي يمكن أن ينتج حركة انحدارية تدفئ الهواء الموجود خارج مناطق الغبار المسخن. نتيجة لذلك، التقطت مراقبات درجة الحرارة آثارًا مباشرة وغير مباشرة للعواصف الترابية في الغلاف الجوي.
إنّ تحسين قدرة التنبؤ على نطاق واسع بالعواصف الترابية الخطرة على المريخ، له فوائد آمنة تساهم في تخطيط البعثات الروبوتيّة والبشرية على سطح الكوكب. أيضًا، من خلال تمييز أنماط وفئات العواصف الترابية، أحرز الباحثون تقدمًا نحو فهم كيفية تأثير الأحداث المحلية الموسمية على الطقس العالمي في العام المريخي النموذجي.
تدير وكالة ناسا المركبات المدارية حول المريخ بشكل مستمرّ منذ عام 1997. فقد استعمل كلٌّ من مسبار المناخ المريخي على متن مركبة الاستطلاع المدارية التي وصلت للمريخ في عام 2006، ومطياف الانبعاث الحراري على متن مسّاح المريخ العالمي، الذي درس المريخ بين عامي 1997 إلى 2006، مراقبات الأشعة تحت الحمراء لتقييم درجة حرارة الغلاف الجوي. تركزت تحليلات كاس والمؤلفين المشاركين لبيانات درجات الحرارة التي تغطي طبقة واسعة تقع على ارتفاع 16 ميلًا (25 كيلومتر تقريباً) فوق السطح المريخي. هذا مرتفع بما يكفي ليكون أكثر تأثّرًا بالعواصف الإقليمية من العواصف المحلية.
معظم العواصف الترابية المريخية هي عواصف محلية، وأصغر من 1200 ميل (2000 كيلومتر) تقريبًا، وتتبدد في غضون أيام قليلة. البعض الآخر يصبح إقليميًا، مؤثرًا على ما يصل إلى ثلث الكوكب ومستمرًا نحو ثلاثة أسابيع. عدد قليل يطوف المريخ مغطيًا نصف الكرة الجنوبي وليس الكوكب كله. وقد غطت العواصف الترابية كوكب المريخ كاملًا مرتَين منذ عام 1997. إن سلوك العواصف الترابية الإقليمية الكبيرة في السنوات المريخية التي تشمل العواصف الترابية العالمية غير واضح حاليًا، والأعوام بعاصفة عالمية لم تدرج بعد في التحليلات الجديدة.
ثلاث عواصف إقليمية كبيرة، يطلق عليها A و B و C، ظهرت كلها في كل سنة من السنوات الست المريخية المتحقَّق منها.
تشكّلت مجموعات صغيرة من العواصف بالتتابع قرب القطب الشمالي المريخي في فصل الخريف الشمالي، المشابهة للعواصف القطبية الموسمية الباردة التي تتأرجح الواحدة تلو الأخرى في جميع أنحاء أميركا الشمالية.
يقول كاس: "على المريخ، بعضها (يقصد العواصف) ينفصل ويتوجه بعيدًا باتجاه الجنوب على طول المسارات المميزة. فإذا مرت عبر نصف الكرة الجنوبي، حيث تسود هناك أجواء منتصف الربيع، ستصبح أكثر دفئًا وبإمكانها الانفجار إلى نوعٍ أكبر بكثير من العواصف الترابية A".
إن ربيعَ نصف الكرة الجنوبي وصيفَ عصر المريخ الحديث أكثر دفئًا من ربيع وصيف نصف الكرة الشمالي، وذلك لأن انحراف مدار المريخ يجعله قريبًا من الشمس قرب نهاية الربيع الجنوبي. لقد اعتُمد ربيع وصيف نصف الكرة الجنوبي على أنه الجزء الأكثر ترابيّة في العام المريخي وموسم العواصف الترابية العالمية، على الرغم من أن الأنماط الأكثر تفصيلًا الموثّقة بالتقرير الجديد لم يتم وصفها مسبقًا.
عندما تتحرك العاصفة من النوع A من الشمال إلى ربيع نصف الكرة الجنوبي، فإن ضوء الشمس المسلَّط على الغبار يرفع درجة حرارة الغلاف الجوي. وتعزز هذه الطاقةُ سرعةَ الرياح. تعمل الرياح القوية على حمل المزيد من الغبار، وزيادة توسيع النطاق وصولًا إلى تكوين العاصفة.
في المقابل، فإن العاصفة من النوع B تبدأ بالقرب من القطب الجنوبي قبل وقت قصير من بداية الصيف الجنوبي. ربما يكون مصدرها الرياح المتولدة على حافة الغطاء الجليدي المكون من ثاني أكسيد الكربون القطبي الجنوبي التراجعي. يمكن أن تسهم العواصف المتعددة في الضباب الإقليمي.
أما العاصفة C فتبدأ بعد انتهاء العاصفة B. وتتكون في الشمال خلال فصل الشتاء الشمالي (الصيف الجنوبي) وتنتقل إلى نصف الكرة الجنوبي كالعاصفة A. من عام إلى آخر، تختلف العاصفة C في القوة، من حيث ذروَة درجة حرارتها ومدتها، أكثر مما تفعله العاصفتان A و B.
مكنت إطالة العمر الافتراضي لمستكشف المريخ المداري وكالة ناسا من القيام بمثل هذه الدراسات للأنماط الموسمية على سطح المريخ. قدم مختبر الدفع النفاث أداةَ مسبار المناخ المريخي ويدير المهمة لمديرية علوم المهمة التابعة لناسا. قدمت جامعة ولاية أريزونا- تمب، مطياف الانبعاث الحراري لمسّاح المريخ العالمي. قامت مؤسسة لوكهيد مارتن لأنظمة الفضاء- دنفر، ببناء كلا المركبتين المداريتين.