المبردات الشائعة تساهم في نفاذ الأوزون

تساهم مجموعة من المبردات الكيميائيّة، شائعة الاستخدام، المعروفة بـهيدر-وفلورو-كربونز HFC) hydrofluorocarbons) في نفاذ الأوزون بكميّة ضئيلة ولكن قابلة للقياس بمواجهة فرضية عمرها عقود، وفقاً لدراسة جديدة لوكالة ناسا الفضائية.


نُشرت الورقة العلميّة في 22 أكتوبر/تشرين الأول، في رسائل بحثية جيوفيزيائيّة، وهي مجلّة تابعة للاتحاد الجيوفيزيائي الأمريكي، وهي مبنية على النتائج من نموذج مناخ كيمياء الغلاف الجوي المستمد من ناسا الذي أبرز تأثيرات غازات الـ HFCs على الغلاف الجوي مع حلول العام 2050.



حقوق: مركز غودارد لعلوم الطيران التابع لـناسا.
Credits: NASA's Goddard Space Flight Center


تتضمّن طبقة الأوزون حزامًا من جزيئات الأوزون، يتموضع في الأصل في القسم الأدنى من الستراتوسفير، وهي المسؤولة عن امتصاص معظم إشعاعات الشمس فوق البنفسجيّة المؤذية قبل أن تصل إلى سطح الأرض. أظهرت أبحاث التسعينات من القرن الماضي بأنّ الـHFCs، والتي حلت محل أقوى المبردات الكيميائية المستنفذة لطبقة الأوزون في السنوات الأخيرة تدمّر كميّة ضئيلة من الأوزون. تم التوصل إلى هذه النتيجة عبر تفحّص قدرة الغازات على تدمير جزيئات الأوزون ضمن تفاعلات كيميائية تتشكل بعد انهيار هذه الجزيئات في الغلاف الجوي.


ركّزت الدراسة الجديدة على خمسة أنواع من الـHFCs، والتي من المتوقّع أن تساهم أكثر في ظاهرة الاحتباس الحراري في العام 2050، بحيث وجدت أنّ الغازات تساهم في استنزاف الأوزون بشكل غير مباشر. تسبب انبعاثات الـHFCs احتباسًا حراريًا أعلى في الغلاف الجوي، حيث تزيد من سرعة التفاعلات الكيميائيّة التي تدمّر جزيئات الأوزون، كما أنّها تقلّل أيضاً من مستويات الأوزون في المناطق المدارية عبر تسريع الحركة التصاعدية للهواء الفقير بالأوزون. وفقاً للنموذج، فإن تأثيرها من النوع الذي يسبب فيه الـHFCs انخفاضاً في الأوزون بنسبة 0.035% بحلول عام 2050.

 


إنّ مساهمة الـHFCs في استنفاد الأوزون ضئيلة بالمقارنة مع أسلافها، فعلى سبيل المثال، ثلاثي كلورو-فلورو-ميتان، أو اختصاراً CFC-11 والذي كان شائعاً فيما مضى غير أنّه غير مستخدم حاليّاً، تسبّب في استنفاذ الأوزون بحوالي 400 مرّة أكثر من الـHFCs للكتلة الواحدة.


قالت الكاتبة الرئيسية للورقة مارجريت هورويتز Margaret Hurwitz، عالمة الغلاف الجوي في مركز غودارد للطيران الفضائي في مدينة غرين بلت الأمريكيّة، ماري لاند: "إنّنا لا نقول إنّ الـHFCs تشكّل تهديدًا وجوديًا لطبقة الأوزون أو لإصلاح ثقب الأوزون، ولكن التأثير ليس صفريٌ كما كان يُزعم"، وتضيف: "إنّ HFCs في الحقيقة من المواد ضعيفة الاستنفاذ للأوزون".

 

تمثيل كلّي للآثار المتوقعة لمركبات الهيدروفلوروكربون (HFC) على مستويات الأوزون على مختلف خطوط العرض في عام 2050. الكميات الصغيرة المفقودة من الأوزون والقابلة للقياس تقدر بوحدات الدوبسون، وهي الوحدة الأكثر شيوعا لقياس تركيز الأوزون. يقدر متوسط سمك طبقة الأوزون فوق سطح الأرض ب 300 وحدة دوبسون، أو ثلاثة ميليمترات.  حقوق: مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا Credits: NASA's Goddard Space Flight Center
تمثيل كلّي للآثار المتوقعة لمركبات الهيدروفلوروكربون (HFC) على مستويات الأوزون على مختلف خطوط العرض في عام 2050. الكميات الصغيرة المفقودة من الأوزون والقابلة للقياس تقدر بوحدات الدوبسون، وهي الوحدة الأكثر شيوعا لقياس تركيز الأوزون. يقدر متوسط سمك طبقة الأوزون فوق سطح الأرض ب 300 وحدة دوبسون، أو ثلاثة ميليمترات. حقوق: مركز جودارد لرحلات الفضاء التابع لناسا Credits: NASA's Goddard Space Flight Center


من خلال الدراسة، وجد العلماء أيضاً أنّ الـHFCs لها تأثير قريب من الخطي على درجات حرارة الغلاف الجوي وتغيّرات الأوزون. على سبيل المثال، تقليل انبعاثات الـ HFCs بنسبة 50% ستقلّل تغيّر الأوزون بنسبة مماثلة. ومثل هذه العلاقات المباشرة تكون مفيدة لتقييم تأثير الـ HFCs الصاعدة، تقول هورويتز: "بإمكاننا تزويد السياسيين بتقدير التأثيرات الجويّة لغازات الـHFCs الجديدة".


وقد اتُخذ الـ HFCs كبديلٍ عن الكلورو-فلورو-كربون chlorofluorocarbons، اختصارًا (CFC)، والـهيدرو-كلورو-فلورو-كربون hydrochlorofluorocarbons، اختصارًا (HCFC) في الثلاجات وفي المكيفات المنزليّة وتلك الموجودة في المركبات. حيث كان الـCFCs مسؤولًا بشكل كبير عن استنزاف الأوزون، وقد رصد العلماء ذلك للمرّة الأولى في ثمانينات القرن الماضي، أبرزها ثقب الأوزون أعلى القارة القطبيّة الجنوبيّة، والمستمر حتى يومنا هذا.
 

تحتوي جزيئات الـCFCs على ذرّات الكلور، وكل ذرّة قادرة على تدمير آلاف من جزيئات الأوزون. تحت رعاية بروتوكول معاهدة مونتريال (معاهدة دوليّة بقصد حماية طبقة الأوزون) الموقّعة في العام 1987، تم سحب الـCFCs تدريجيّاً وبشكل رسمي من المنتجات حول العالم في العام 2010.


في حين يحوي الـHCFCs على ذرّات الكلور، إلّا أنّها أقل ضرراً لطبقة الأوزون بسبب احتوائها على ذرّات الهيدروجين، والتي تسبب انحلالها في الغلاف الجوي بشكل أسرع. يتم سحب الـHCFCs حالياً لصالح الـHFCs، والذي لا يحتوي على الكلور.


تضيفُ الدراسةُ فارقًا بسيطاً على النقاش حول الـHFCs وتأثيرها الكامل على الأوزون، ووفقاً لـدافيد فاهي David Fahey، وهو باحث فيزيائي ومدير مختبر أبحاث الإدارة الوطنية لأنظمة محيطات الأرض والغلاف الجوي National Oceanic and Atmospheric Administration’s Earth Systems Research Laboratory، والذي لم يكن مشاركاً في البحث، يقول فاهي: "ما تظهره الورقة العلميّة هو أنك عندما تضع هذا المقدار من المواد الماصّة للأشعّة تحت الحمراء في الغلاف الجوي، حتّى ولو كانت اسميّاً، لا تدمّر الأوزون بنفس الطريقة التي تفعلها الـ ODSs] ozone-depleting substances] (مواد استنزاف الأوزون)، حيث ستقوم بصنع فارق- وستبدأ بتغيير الأشياء". ويضيف: "إنّها تضيف بُعدًا جديدًا للتفكير بأنّ علماء الستراتوسفير يجب أن يكونوا حريصين عندما يناقشون هذه المواضيع مع الساسة".


في حين كانت الـHFCs فقط مواد ضعيفة في استنفاذ الأوزون، فإنها تبقى كما الـCFCs والـHCFCs، من الغازات الدفيئة القويّة. وإذا استمرّت اتجاهات الإنتاج، تُظهر التوقعات بأنّه مع حلول العام 2050، قد تكون كميّة الاحتباس الحراري الكلية للـHFCs مقاربةً لعشرين في المئة من تلك الخاصّة بثاني أكسيد الكربون.


ويجري العمل أيضاً على تحليل تأثير الـ HFCs على مناخ السطح. يقول بول نيومان Paul Newman، وهو مساعد كاتب الورقة العلميّة وكبير علماء علوم الأرض في غودارد: "لقد قمنا بخطوة كبيرة نحو فهم التأثير الخاص بـHFCs على الستراتوسفير وعلى طبقة الأوزون". ويضيف: "خطوتنا التالية هي استخدام نوع أكثر تعقيداً من النماذج، حيث نستطيع أن نبدأ بالبحث عن التأثير الخاص بهذه المركبّات على درجة حرارة الأرض والمحيطات، وهطول الأمطار والجليد البحري".
 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

اترك تعليقاً () تعليقات