اختباراتُ ناسا تشير إلى فرصةٍ نادرةٍ للحصول على بياناتِ مقارنةٍ جزئيّةٍ بأبعادٍ ثلاثيّة!

يتمّ اختبار إطلاق مولّد الغاز للمحرّك F-1 في هذا الشهر أيلول\سبتمبر، وذلك في مركز مارشال لبعثات الفضاء التابع لوكالة ناسا (Marshall Space Flight Center) الواقع في هانتسفيل، ألاباما.

 

بالرّغم من أنّ هذا المحرّك قد بُني أساساً لتشغيل الصاروخ ساتورن 5 (Saturn V) خلال مهمّة الولايات المتّحدة إلى القمر، كما يمتلك هذا المقال الاختباريّ أجزاءً تمّ إنتاجها باستخدام التصنيع المُضاف additive manufacturing، أو الطباعة ثلاثيّة الأبعاد 3-D printing، من أجل اختبار قابلية تطبيق هذه التقنيّة بهدف بناء مولّداتٍ بتصميماتٍ جديدة.

 

Credits: NASA


أَكمل جزءٌ محوريٌّ من المحرّك F-1 سلسلةً من الاختبارات التي ستؤمّن بياناتٍ جديدةٍ متعلّقة بتصميمات محرّك الصاروخ، وتجدر الإشارة إلى أنّ المحرك F-1 هو ما أعطى الدفع لصاروخ ساتورن 5  Saturn V ليرسل روّاد الفضاء إلى القمر.

 

بالوقت الذي لم يكن قد أقلع فيه محرّك الصاروخ بعد (لم يبدأ العمل بعد)، استطاع المهندسون اختبارَ المحرّك التابع لصاروخٍ عائد لعام 1960، مولّد الغاز، وذلك في عام 2013 م، لينتجوا بعد ذلك واحداً مشابهاً باستخدام التصنيع المُضاف، واختبروا بعدها هذه القطعة مع نظيرتها الأصلية بطريقة عمل الأولى نفسها، ممّا أعطى مهندسي ناسا بذلك مقارنةً واضحةً بين جزئين متشابهين تكوينيّاً، مختلفين تصنيعيّاً.

 

يقول كريس بروتز Chris Protz: " هذا الاختبار يعطي ناسا فرصةً نادرةً لتجربة الطباعة ثلاثيّة الأبعاد على محرّك صاروخ، ليكون هذا المحرّك هو السبب في حصولنا على الكثير من البيانات، إلى جانب اختبارٍ أُجري منذ ثلاث سنواتٍ باستخدام آليّاتٍ حديثة. أضاف هذا المحرّك لقاعدة البيانات التي يتمّ بناؤها من خلال اختبار المضخّات والعنفات، وأجزاء المحرّك الأخرى المصنوعة بالطباعة ثلاثيّة الأبعاد بفضل وكالة ناسا والصناعة معاً".

 

يتألّف التصنيع المُضاف من طبقاتٍ معدنيّة على هيئة بودرة، لتشكّل أجزاء المحرّك، ولكن الكثير مازال مجهولاً حول إمكانيّة إنتاج أجزاء محرّك صاروخٍ يمكنها إنشاء مركباتٍ تحمل البشر. على مدى السنين الماضية، قام مهندسو ناسا ببناء واختبار العديد من مكوّنات الصاروخ المعقّدة والتي تمّ إنتاجها باستخدام عمليّات الطباعة ثلاثية الأبعاد والتصنيع المضاف. الجزء الذي تمّ إضافته لهذه السلسلة من العمليات، كان مولّد الغاز، الذي يقوم بتوليد الطاقة لتزويد المضخّة بالوقود، يليها إعطاء الدفع اللازم للمحرّك.

 

يعطي مولّد الغاز هذا دفعاً يعادل 30,000 باوند (13,608 كيلوغرام)، كما تمّ تشغيله باستخدام معايير (منصّات) الاختبار نفسها في مركز مارشال لبعثات الفضاء التابع لناسا في هانتسفيل، آلاباما، حيث اختبر بروتز Protz وزملاؤه  مولّد غازF-1  صنع عام 2013 م.

 

هناك أداةٌ جديدةُ ذات أهميّةٍ كبيرةٍ توجد على منصّة قياس الأداء وخصائص الاحتراق، لتوفّر للمهندسين بياناتٍ جديدة باستخدام معدّاتٍ قديمة. تؤمّن اختبارات مولّد الغاز هذه مقارنةً مباشرةً مع مكوّن المحرّك F-1 المبنيّ باستخدام التصنيع التقليديّ من خلال التشكيل والتلحيم، مع مكوّن محرّك F-1 مشابهٍ أُنتج بالتصنيع المضاف.

 

توصّلت ناسا إلى سلسلةٍ من الاختبارات لصالح شركة Dynetics الموجودة في هانتسفيل، وشركة Aerojet Rocketdyne في كانوجا بارك، كاليفورنيا، حيث قامت الشركتان ببناء مولّد الغاز كما يتمّ اختبار التقنيات المستقبليّة وقابليّتها للتطبيق بهدف استخدامها في أنظمة الدفع المصمّمة مستقبلاً.

 

تُعطي النتائج من هذه الاختبارات المطبّقة على مولّد غازٍ مطبوعٍ على نحوٍ ثلاثيّ الأبعاد معلوماتٍ أكثر لمساعدة ناسا، والعاملين في مجال صناعة  المركبات الفضائيّة، مما يمكّن التقليل من المخاطر المرافقة لاستخدام الطباعة ثلاثيّة الأبعاد في صنع أجزاء المحرّك في المستقبل، تحديداً من أجل صناعة النّسخ المستقبليّة من المركبات الفضائيّة، مثل نظام إطلاق الفضاء الجديد التابع لناسا SLS.

 

سيقوم نظام الإطلاق الفضائيّ SLS الجديد هذا بخلق آليّةٍ جديدةٍ للبحث البشريّ، وذلك مع النسخة الأولى من الصاروخ المُسمّى Block 1، والذي سيكون قادراً على الانطلاق بقوّة 70 طناً مترياً عن المدارات القريبة للأرض.

 

سيتمّ تشغيل هذا الصاروخ ذي الهيئة الجديدة من خلال تزويده بمُسرّعين مزدوجين، إضافةً لأربعة محرّكاتٍ من نوع RS-25.

 

 سيكون التطوّر المُخطط لمشروع SLS، الصاروخ Block 1B، والذي سيستخدم طاقة استكشافٍ أكبر ممّا سبقه، على مستوياتٍ أعلى بهدف إعطاء الدفعة اللازمة لمهمّات أكثر طموحاً بسعة 105 أطنان متريّاً.

 

يأتي بعد ذلك، تطوّر آخر، وهو الصاروخ Block 2، والذي سيُضاف إليه زوج مسرّعاتِ دفعٍ صلبةٍ (جامدة) أو سائلة بهدف تأمين بعدٍ لم يسبق الوصول إليه يعادل 130 طنّاً متريّاً ليذهب بالمهمّة إلى نقطةٍ أبعد في نظامنا الشمسيّ، شاملاً الوصول إلى المرّيخ.

 

يقول سام ستيفنس Sam Stephens ، رئيس مهمّة تطوير مشروع SLS  في مركز مارشال الذي يتمّ فيه إدارة مشروع SLS: "تستكشف ناسا العديد من التقنيات لتطوّر من نظام الإطلاق إلى الفضاء ليتمّ استخدامها في أنواع مختلفةٍ من المهمّات. في حال أُثبت أنّه خيارٌ متاح، قد يساعد التصنيع المضاف على بناء أنظمة دفعٍ حديثةٍ بالمستقبل، وباستخدام هذا الفحص، تساعد ناسا المجتمع و شركات صناعة المركبات الفضائيّة لتكون في مقدّمة التقنيات المتطوّرة".

 

يعتبر التصنيع المضاف واحداً من التقنيات العديدة التي قد تساعد في تأمين أنظمة دفعٍ فعّالةٍ للصواريخ الحاملة للبشر في رحلاتها إلى المرّيخ، كما يعدّ مشروع اختبار التصنيع المضاف هذا واحداً من مشاريعَ عدّة من مشروع نظام الإطلاق إلى الفضاء SLS الدّاعم للصناعة والعلم، والذي يقدّم التمويل للحصول على حلولٍ ابتكاريّةٍ، ومن الممكن تطبيقها لتطوير مركبةٍ فضائيّة ابتداءً من التصوّر الأولي لها وصولاً إلى مركبةٍ كاملةٍ قادرةٍ على نقل البشر إلى مكانٍ لم يصلوا إليه قبلاً.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات