لأول مرة تصوير قطة شرودنجر في الذرات

بتفصيل لم يكن متوقعًا، صور الفيزيائيون ذرات تدخل حالة مشابهة لقطة شرودنجر، كاشفين بذلك مظهر الذرات عندما توجد في حالتين مختلفتين تماماً في الوقت ذاته. 

ابتكر الفريق تقنية سمحت لهم بتصوير تفاصيل صغيرة تصل إلى 0.3 انجستروم -أو أقل من عرض ذرة- ولمدة متناهيةٍ في الصغر تساوي 30 جزءًا من المليون من المليار من الثانية. شكلت تلك الصور أساس أول أفلام إيقاف الحركة لتلك الحالة الذرية. 


ولأولئك الذين يحتاجون إنعاشا للذاكرة، هذه مراجعة بسيطة لتجربة قطة شرودنجر. 
 

فكرة تجربة قطة شرودنجر

تفترض تجربة قطة شرودنجر، التي فكر بها عالم الفيزياء النمساوي: إروين شرودنجر Erwin Schrödinger عام 1935، وضع قطةٍ (افتراضيًا) في صندوقٍ مع بعض المتفجرات النشطة، احتمال انفجارها عند إغلاق باب الصندوق مساوٍ لاحتمال عدم انفجارها.

لنفترض أن ّهذا الصندوق الخيالي المضاد للانفجار لا يُظهر أي شيء يحصل في داخله. إذاً، لا يمكنك معرفة حالة القطة إلا عند فتحه. هذا يعني أنّ القطة تكون في حالتين في الوقت ذاته -حية أو ميتة (أو خيارٌ سريٌ ثالث: غاضبة جداً)- حتى تقوم بفتح الصندوق لمعرفة حالتها الحقيقية.

تكمن الصعوبة في هذا السيناريو الافتراضي أنه طالما كان غطاء الصندوق مقفلا، فإنّ قطتك تختبر حالةً تسمى بحالة التراكب superposition – حيث تكون حيةً وميتةً في الوقت نفسه، ولا يمكنها أن تكون في إحداهما فقط.

بالرغم من أنّ شرودنجر ابتكر هذه التجربة بهدف دراسة طبيعة الواقع في كوننا، وليشرح مدى غرابة ميكانيكا الكم، أدرك الفيزيائيون بعد عقود أنّ الذرات يمكن أن تمثل نسخةً حقيقيةً لحالتي قطة شرودنجر.

قالت جينيفر آوليت Jennifer Ouellette لمدونة Gizmodo، أنه في عام 2005 نجح فيزيائيون من المعهد الوطني الأمريكي للمعايير والتكنولوجيا بإنشاء "حالة قطة شرودنغر" بنجاحٍ داخل المختبر، حيث ثبت وجود 6 ذراتٍ في حالة دوران مغزليٍ علويٍ وسفلي في آن واحد.

وتضيف: "تخيل الأمر كما لو أنّ الذرات تدور مع عقارب الساعة وعكس عقارب الساعة في الوقت ذاته."

استمر ذلك المبدأ في تشكيل أساس الحواسيب الكمومية -التي من المتوقع أن تكون تقنية جيل الحوسبة القادم إذ ستحل محل حواسيبنا الحالية- وبالرغم من أنّ الفيزيائيين الآن أصبحوا بارعين كثيرًا في إجبار الذرات على أن تكون في حالة تراكب، فلم يتمكن أي أحدٍ حتى الآن من تصوير سلوكها بوضوح.

لتحقيق ذلك، قام فريقٌ من جامعة ستانفورد بالتعاون مع مختبر المسرع الوطني، اختصارًا SLAC، التابع لهيئة الطاقة الأمريكية بتكوين جزيءٍ يود من ذرتين. عرضوا الجزيء لحزمةٍ ليزرية من الأشعة السينية، مما جعله يمتص كمية صغيرة من الطاقة. دفع هذا الفعل العنيف الجزيء لإنتاج نسختين من نفسه – يكون في أحدها موجودا، وفي الأخرى غير موجود.

حقوق الصورة: مختبر المسرع الوطني
حقوق الصورة: مختبر المسرع الوطني


وعندما تم تعريض الجزيء المنقسم لحزمةٍ أخرى، تناثرت جسيمات الضوء -الفوتونات- عن كِلا النسختين، ثم تجمعت لتشكل صورة هولوجرامية للحدث. كرر الفريق هذه التجربة مرارًا وتكرارًا، وتمكن من تكوين مجموعةٍ متسلسلةٍ من هذه اللقطات ليشكل أكثر فلم أشعةٍ سينية تفصيلاً للآليةِ الداخليةِ للجزيء.


حقوق الصورة: مختبر المسرع الوطني
حقوق الصورة: مختبر المسرع الوطني


يقول أحد أعضاء الفريق، فل باكسباوم Phil Bucksbaum: "يُظهر لنا فلمنا، المرتكز على صورٍ لمليارات الجزيئات من غاز اليود، كل الطرق الممكنة لتصرف جزيء اليود عندما يحفز بهذا القدر من الطاقة."

يمكنك مشاهدة النتائج في الفيديو أسفله


 

 

يشرح باكسباوم ما شاهدته توًا في ذلك الفيديو، إذ يقول


"نشاهد الجزيء وهو يبدأ بالاهتزاز، حيث تنحرف الذرتين باتجاه بعضهما ثم تبتعدان كما لو كانتا مربوطتين بنابض. في نفس الوقت، نشاهد انكسار الرابطة بين الذرتين، حيث تنطلق الذرتان بعيدًا في الفراغ.

في الوقت نفسه نراهما متصلتين أيضًا مع بعضهما البعض. ولكن، نرى أنهما تتجولان للحظة بعيدًا قليلًا عن بعضهما قبل أن تتصلا مرةً أخرى. ومع مرور الوقت، نلاحظ انخفاض حدّةِ الاهتزاز شيئاً فشيئاً حتى يسكن الجزيء مجددًا. تحدث كل هذه النتائج الممكنة خلال أجزاءٍ قليلة من التريليون من الثانية.


لم يتمكن الفريق فقط من تصوير تصرف جزيء اليود بتفصيل أفضل وحسب، بل يقول أيضًا أنّ تقنية التصوير هذه يمكن تطبيقها بأثرٍ رجعي لبياناتٍ من تجارب سابقة.


يقول باكسباوم: "تُعتبر طريقتنا جوهريةً لميكانيكا الكم، لذلك فنحن حريصون على تجربتها على أنظمة جزيئيةٍ أخرى، بما في ذلك الأنظمة المُتعلقة بالرؤية، والبناء الضوئي، وحماية الحمض النووي من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، بالإضافة لوظائف أخرى في الكائنات الحية".

عليك أيضًا مشاهدة هذا الفيديو الذي يشرح فيه الفريق التجربة، لأنه فائق الروعة. 


إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات