ما سر الأقراص الجليدية التي تدور حول نفسها؟

لا تأتي الاكتشافات الجديدة في علم الفيزياء دائمًا من خبايا الفضاء ومصادم الهادرونات الكبير (LHC). أحيانًا هي تحتاج فقط لبعض الكاميرات وحبة نيكل ومغناطيس ومصاصات طبق بتري Petri dish popsicles.


يلاحظ الناس بين الحين والآخر قرصًا كبيرًا من الجليد يدور بشكل مخيف في أحد الأنهار. يمكن أن يكون قطر هذه الأقراص من 1 إلى 200 متر، وتقريبًا كل شيء يتعلق بها كان لغزًا عند الفيزيائيين لأكثر من قرن. بالرغم من أنه ساد اعتقاد بأن سبب هذه الظاهرة غالبًا هي الرياح الباردة عندما يلامس الهواء الكثيف دوامة في النهر، لم يستطع أحد تفسير سبب استمرار هذه الأقراص الضخمة في الدوران أثناء انصهارها. حتى الآن.


التفسير الأكثر شيوعًا للأقراص الجليدية الدوارة يقترح بأنه أثناء طفو الأقراص في النهر، تعمل الدوامات على تدويرها – هذه الدوامات عبارة عن تيارات دوارة صغيرة تتشكل عندما يتدفق الماء فوق الصخور أو في مكان مغلق. وبالرغم من أن هذا على الأرجح جزء مما يحصل، إلا أنه لا يمكن أن يكون كل القصة.


إن كانت الدوامات هي المسبب الوحيد، ستدور الأقراص الصغيرة أسرع من الكبيرة، وهذا ليس ما يراه الناس مطلقًا. الأقراص بأحجامها الكثيرة والمختلفة تدور بنفس المعدل. ما يزيد الأمر سوءًا على التفسير الشائع هو أنه يقتضي عدم دوران الأقراص في الماء الساكن، حيث لا توجد هناك أي دوامات، لكنها تدور.


 

 

اختبر هذا الأمر فريق بقيادة ستيفن دوربلو Stéphane Dorbolo من جامعة لييج Liége في بلجيكيا عن طريق وضع أقراص جليدية منزلية الصنع بحذر -صنعت عن طريق تجميد الماء في طبق بيتري لديه كرة نيكل صغيرة في مركزه- في خزان للماء الساكن مع مغناطيس معلق فوقه. قدرة تفاعل النيكل مع المغناطيس كافية لتبقي النيكل تحت المغناطيس بالضبط، ما يعني أنه يمكن للأقراص أن تدور لكن لا يمكنها التجول على السطح.

بعد ذلك سجل الباحثون ما حصل للأقراص بعد ذوبانها، ورغم أن الأقراص لا تستطيع التحرك إلا أنها بقيت تدور. أثار ذلك تساؤلاً حول الكيفية التي بها يمكن لهذه الأقراص الدوران إن كانت غير مُجتاحة من قبل أي دوامات في الماء. لحسن الحظ، وجد الفريق دليلًا في تجربة تمت دون استخدام كرة نيكل لإبقاء الأقراص في مكانها: دارت الأقراص أسرع في الماء الأكثر دفئًا.

وجدوا شيئًا مثيرًا عندما قرروا معرفة ماذا كان يفعل الماء عندما كانت الأقراص ثابتة: تحت المركز مباشرة، كانت تتدفق للأسفل بدل أن تنتشر بعيدًا بالتدريج بعد ذوبانها قبالة القرص.

الماء غريب قليلًا عند المستوى الجزيئي. معظم المواد تصبح أكثر كثافة كلما ازدادت برودتها، مما يجعلها أكثر كثافة في حالتها الصلبة مما هي عليه في حالتها السائلة. على سبيل المثال، تغرق المواد الصلبة في السوائل المعدنية. يتبع الماء هذا التوجه لمرحلة معينة، ثم تقل كثافته قبل التجمد مباشرة. هذا هو سبب طفو الجليد: تكون درجة حرارة الماء الذي وصلت كثافته أعلى حد ممكن أكبر بدرجتين من درجة التجمد.


إذًا، عندما ذاب الماء قبالة الأقراص، كان أكثر كثافة من أي شيء حوله، فسقط مباشرة للأسفل. كلما زادت درجة حرارة الماء المحيط زاد الفارق في الكثافة، وغرق الماء الذائب بشكل أسرع.

لكن الماء لا يمكنه فعلًا النزول الى أسفل. إن كانت هناك إي تيارات جانبية، سيبدأ الماء بالدوران أثناء غرقه، مثلما يدور عندما ينزل في المصرف أو المرحاض.

والباحثون متأكدون أن هذا ما شاهدوه: الماء الموجود أسفل الأقراص المتجمدة كان يدور أثناء نزوله للأسفل، وهذا الدوران كان يعمل على سحب الأقراص. إذًا، هذه الأقراص المتجمدة تدور لأنها تذوب، وذلك الماء الذائب يدور لأنه يغرق تحت الأقراص.

ستسمع أحيانا فيزيائيين يقولون بأن حقبة التعلم من التجارب التي على الطاولة انتهت. حسنًا، فريق الفيزيائيين هذا تعلم شيئًا مذهلًا عن طريق تثبيت المصاصات باستعمال مغناطيس ومشاهدة ماذا يحصل.

نشرت هذه الدراسة في مجلة Physical Review E.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات