صورة فنية لمركبة المريخ 2020 التابعة لناسا، والمعروفة رسمياً باسم بيرسيفيرانس، على الكوكب المريخ. حقوق الصورة: NASA / JPL-Caltech
أعلن مسؤولو وكالة ناسا يوم 5 مارس/آذار أن مركبة المريخ القادمة التابعة للوكالة – التي هي روبوت متجول مُخصص للبحث عن آثار الحياة، وجمع العينات – سيُطلق عليها اسم بيرسيفيرانس Perseverance. إذ من المقرر إطلاقها هذا الصيف.
قال المسؤولون أن الاسم الجديد يناسب بشكلٍ جيد المركبة، التي تتمتع بحجم يماثل حجم سيارة، ومهمتها الرائدة.
قال توماس زوربوتشن Thomas Zurbuchen، المدير المساعد لمديرية مهمات العلوم في وكالة ناسا، خلال مراسم كشف النقاب عن الاسم: "لم يجري تحقيق الاكتشاف وصنع التاريخ من قبل بدون المثابرة (بيرسيفيرانس)."
وأضاف ان "المثابرة كلمة قوية. الأمر يتعلق بإحراز تقدم على الرغم من العقبات."
الأطفال على صواب
مثل جميع مركبات المريخ المتجولة السابقة التابعة لناسا، تم اختيار اسم بيرسيفيرانس عبر مسابقة وطنية للطلاب في الولايات المتحدة. قال مسؤولوا وكالة ناسا أن المسابقة انطلقت العام الماضي وجمعت 28 ألف مقال من طلابٍ من الروضة وحتى الصف الثاني عشر.
من ضمن هذه المجموعة الأولية الضخمة، تم ترشيح 155 طلباً من المتأهلين للدور قبل النهائي من عملية الاختيار، والتي تم تقليصها إلى تسعة متأهلين فقط للتصفيات النهائية في يناير/كانون الثاني الماضي. تضمنت تلك المقالات التسع ثلاثة مقترحات من كل فئة من الفئات العمرية الثلاث (الصفوف الروضة-4 و5-8 و9-12). فيما يلي قائمة الأسماء المُرشحة النهائية، والأطفال الذين اقترحوها:
1. إندورينس Endurance (التحمل)، الروضة-4، أوليفر جاكوبس من ولاية فيرجينا.
2. تيناسيتي Tenacity (الإصرار)، الروضة-4، إيمون رايلي من ولاية بنسلفانيا.
3. برومس Promise (الوعد)، الروضة-4، أميرة شانشيري من ولاية ماساتشوستس.
4. بيرسيفيرانس Perseverance (المثابرة)، 5-8، ألكسندر ماذر من ولاية فرجينيا.
5. فيجين Vision (الرؤية)، 5-8، هادلي جرين من ولاية مسيسيبي.
6. كلاريتي Clarity (الوضوح)، 5-8، نورا بينيتيز من ولاية كاليفورنيا.
7. إنجنيويتي Ingenuity (الإبداع)، 9-12، فانيزا روباني من ولاية ألاباما.
8. فورتيتود Fortitude (الثبات)، 9-12، أنتوني يون من ولاية أوكلاهوما.
9. كوريج Courage (الشجاعة)، 9-12، توري جراي من ولاية لويزيانا.
شجعت وكالة ناسا العامة على التصويت لاسمهم المفضل من هذه الأسماء التسعة النهائية، ولكن القرار اتُخذ في النهاية من قبل زوربوشن.
بصفته صاحب الاقتراح الفائز، سيحصل ألكسندر ماذر Alexander Mather، وهو طالب في الصف السابع في مدرسة ليك برادوك الثانوية في بورك، فرجينيا، على رحلة مجانية إلى كيب كانافيرال، فلوريدا، لمشاهدة إطلاق بيرسيفيرانس في يوليو/تموز.
قرأ ماذر مقاله الفائز خلال حدث الإعلان عن الاسم وقال أنه يحب الفضاء والعلوم التي يخطط لدراستها طوال حياته.
وقال: "أريد أن أرتاد الجامعة، للحصول على شهادة من أحد أنواع الهندسة أو العلوم - هندسة الفضاء والملاحة الفضائية يبدوان خيارين جيدين. وبعد ذلك، أريد الذهاب للعمل كمهندس في وكالة ناسا."
البحث عن علامات على الحياة
ستهبط مركبة بيرسيفيرانس داخل فوهة جيزيرو Jezero التي يبلغ عرضها 28 ميلاً (45 كيلومتراً) في فبراير 2021، لتبدأ مهمة بقيمة 2.5 مليار دولار للبحث عن علامات على حياة القديمة على الكوكب الأحمر - وهي المرة الأولى التي تقوم فيها ناسا بذلك بشكل نشط منذ إطلاق مركبتي فايكنج من منتصف السبعينيات وحتى أوائل الثمانينيات.
أكد مسؤولو ناسا أن فوهة جيزيرو هي مكان رائع للقيام بذلك البحث. كانت الفوهة تحوي بحيرة ودلتا نهر قبل مليارات السنين، ما يعني احتمالية ازدهار الحياة هناك ووبقاء دليلٍ قديمٍ على وجودها. (هنا على الأرض، تعتبر دلتا الأنهار مكاناً رائعاً لحفظ البصمات الحيوية، كما قال أعضاء فريق المهمة.)
ستبحث المركبة المتجولة عن علامات الحياة في الموقع، باستخدام هيكلها القوي المكون من سبعة أجهزة. لكن بيرسيفيرانس ستقوم أيضاً بجمع وتخزين عشرات من العينات البدائية الواعدة من سطح المريخ لإحضارها إلى الأرض في المستقبل، حيث يمكن للعلماء مواصلة فحصها باستخدام معدات متطورة في المختبرات حول العالم. من المقرر إرجاع هذه العينات بحلول عام 2031، إذا سارت الأمور وفقاً للخطة.
ستقوم بيرسيفيرانس بمجموعة متنوعة من الأعمال الأخرى أيضاً، من وصف طبيعة جيولوجيا فوهة جيزيرو إلى المساعدة في تمهيد الطريق لاستكشاف البشر للمريخ، وهو أمرٌ تهدف ناسا إلى تحقيقه في ثلاثينيات القرن الحالي. على سبيل المثال، تمتلك المركبة راداراً للبحث عن رواسب جليد الماء تحت سطح المريخ - وهو مورد قيم لرواد الفضاء في المستقبل. وستختبر أداة أخرى عملية إنتاج الأكسجين من الغلاف الجوي الرقيق للمريخ الذي يهيمن عليه ثاني أكسيد الكربون.
هذا ليس الاختبار التكنولوجي الوحيد الذي سيحلق على متن المهمة. ستحمل بيرسيفيرانس أيضاً مروحية صغيرة، والتي ستقوم برحلات جوية قصيرة لإثبات قدرة الطائرات العمودية على استكشاف هواء الكوكب الأحمر.
زُودت بيرسيفيرانس أيضاً بـ 23 كاميرا وميكروفونين، ما قد يسمح لنا بسماع أصوات المريخ لأول مرة على الإطلاق. (زُودت مركبتي هبوط سابقتين لناسا بميكروفونات، مركبة المريخ القطبية ومركبة فينيكس، ولكن الأولى تحطمت على السطح بينما لم يجري تشغيل ميكروفون مركبة فينيكس أبداً.)
تسمية مركبات ناسا المريخية الجوالة
لقد سمحت وكالة ناسا لأطفال المدارس بتسمية جميع مركبات الكوكب الأحمر الجوالة حتى الآن.
تم نشر مركبة سوجورنر، أول مستكشف مريخي جوال مزود بعجلات تابع لناسا، من على متن مركبة الهبوط باثفايندر في يوليو 1997. تم تسمية سوجورنر من الطالبة فاليري أمبرواز Valerie Ambroise البالغة من العمر 12 عاماً من ولاية كونيتيكت تكريماً للناشطة في مجال حقوق المرأة والمناهضة للعبودية سوجورنر تروث Sojourner Truth في القرن التاسع عشر.
فازت صوفي كوليس Sofi Collis، طالبة في الصف الثالث من ولاية أريزونا، في مسابقة تسمية مركبتي سبيرت وأبورتيونيتي الجوالتين اللتان هبطتا على كوكب المريخ بفارق ثلاث أسابيع عن بعضهما البعض في يناير 2004. كما سُميت مركبة كيريوسيتي الجوالة بحجم السيارة، والتي تستكشف فوهة غايل منذ أغسطس 2012، من قبل الطالبة كلارا ما Clara Ma من الصف السادس.
تم تصميم هيكل بيرسيفيرانس على غرار هيكل كيريوسيتي، وستستخدم المركبة الجديدة نظام هبوط رافعة السماء نفسه الذي استخدمته كيريوسيتي. كما أن العلاقة بين المهمتين أعمق من ذلك؛ إذ تهدف بيرسيفيرانس إلى توسيع العمل الذي قامت به كيريوسيتي، التي اكتشفت أن فوهة غايل كانت قادرة على دعم الحياة الشبيهة بتلك الخاصة بالأرض قبل فترة طويلة.
أقرّ زوربوشن بالروابط بين المهمتين وأكد على أن اسميهما مناسبان جداً لبعضهما.
وقال " تمثل بيرسيفيرانس وكيريوسيتي معاً كل ما يتمحور حوله الاكتشاف."
