بدايةٌ مبكرة لعملية تشكل الكواكب؟

توصّل فريقٌ من العلماء في جامعة فيكتوريا إلى اكتشافٍ يثير فكرة إمكانيةِ تشكّلِ الوحدات الأساسية لبناء الكواكب في وقتٍ سابق لما كان معتقداً. وقد ناقش عالم الفلك مايك تشين Mike Chen والدارس في جامعة فيكتوريا، بحثَ فريقه في مؤتمر المجتمع الفلكي الكندي الذي عُقد في الخامسِ والعشرينَ من مايو/أيار.

تُعتبر السّحب الجزيئية (Molecular Clouds) - المتمثلة في تجمُّعات الغازِ والغبار الأكثر برودةً وكثافةً في مجرّتنا - منطقةً لولادةِ النجوم، فعندما يبدأ الغاز والغبار بالإنهيارِ تحتَ تأثيرِ الجاذبيةِ، يتشكّل من ذلك نجمٌ محاطٌ بقرصٍ يُعرف باسمِ القرصِ الكوكبيِّ الأولي (Protoplanetary Disk).

يقول تشين: "نظراً للظروف داخل القرص الكوكبي الأولي، يُمكن لحبيباتِ الغبارِ في القرصِ أن تكبُر لتُصبح صخوراً ضخمة ثمّ كواكبَ في نهاية المطاف. ما لم يُدركه العلماء من قبل هو الإمكانية في أن يكبُر الغبار المشكّلُ للكوكب في مكانٍ آخر قبل سقوطه داخل القرص".

ولقد أظهرت العديد من الملاحظات أنّ حجمَ حبيباتِ الغبار داخل الأقراص الكوكبية الأولية، يفوق بكثيرٍ تلك الواقعةَ في الغازِ المنتشرِ خارجَ الغيومِ الجزيئية. وعلى الرّغم من ذلك، فإنّ عددَ القياسات الجاريةِ على حجمِ الحبيبات الغُبارية في المناطقِ المحيطة بالأقراص قليلٌ جدّاً.

ويقول تشين: "ما يجعل من تلك القياسات مهمّةً صعبة، أنّها تتطلب ملاحظةَ الضوء المنبعث من الغبار في عدّة أطوالٍ موجية، تندرج من الأشعة تحت الحمراء الى الأمواجِ الميكروية (Microwave)،" وأضاف: "ما يزيد من صعوبة المهمّة، أنّ القياسات بالقربِ من مناطقِ تكوِّن النجوم لن تكون ذاتَ فائدة إلا في حالِ تمكُّنها من تغطيةِ مناطقَ كبيرةٍ وبدقّةٍ كافية".

قدّمت البعثات الحديثة بمرصد الفضاء هيرشل (Herschel Space Observatory) خرائطَ تحت حمراء بعيدةٍ (Far - Infrared) ومذهلة، لمناطقَ تكوّن النجوم القريبة، وبحساسيةٍ وتغطيةٍ مساحية لم يسبق لها مثيل. وعلى الرغم من ذلك، فإن بيانات هيرشل وحدها ليست كافيةً لقياس حجم الحبيبة لأنها لا تغطّي سوى الأطوال الموجية تحت الحمراء البعيدة. في محاولة للتغلّبِ على تلك المشكلة، جمع علماء الفلك بين بيانات هيرشل وملاحظات الموجة الميكروية التي تحصّل عليها تلسكوب جيمس كليرك ماكسويل (James Clerk Maxwell Telescope) الواقع بماونا كي - هاواي، حيث يعدّ هذا التلسكوب واحداً من أعظم المراصد، وقد شاركت كندا في تمويله كثيراً طوالَ العقدين الماضيين.

تمكّن تشين ومعاونيه من الدمج بين ملاحظات كلٍ من مرصد هيرشل وجيمس كليرك، بشأن السحابة الجزيئية برساوس (Perseus Molecular Cloud)، مستخدمين تقنيةً كانت سارة سادافوي Sarah Sadavoy رائدةً فيها، وهي الدكتورة بمعهد ماكس بلانك، هايدلبرغ - ألمانيا. وقد لاحظوا بالفعل وجودَ حبيباتٍ غباريةٍ كبيرةٍ في الغاز الكثيف المكوّنِ للنجوم خارجَ الأقراص الكوكبيّة الأولية، حيث أنّ بعضاً من تلك الحبيبات وصلت في حجمها إلى بضع سنتيمترات.


ويقول تشين: " إذا تشكّلت تلك الحبيبات الكبيرة التي لاحظناها خارج الأقراص الكوكبية الأولية بالفعل، وكان بوسعها السقوط داخل تلك الأقراص أثناء تشكّل النجوم، فإن ذلك سيصبح بمثابة نقطة انطلاقٍ مبكرةٍ لعمليةِ تشكّل الكوكب"، وأضاف: "في هذه الحالة، إنّ أولى خطواتِ تشكّل الكواكب ربما قد حدثت في وقت أبكر مما كنا نعتقد".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • القرص الكوكبي الأولي (protoplanetary disk): هو عبارة عن قرصٍ نجمي دوار مكون من غاز كثيف يُحيط بنجم مولود حديثاً.
  • السحابة الجزيئية (Molecular cloud): تُعرف في بعض الأحيان أيضاً بالحاضنة النجمية (stellar nursery) إذا كانت عملية التشكل النجمي تحصل داخلها، وهي نوع من السحب بين النجمية يسمح لها كلٌ من كثافتها وحجمها بتشكيل الجزيئات وأكثر تلك الجزيئات شيوعاً هي غاز الهيدروجين.
  • كوكب سيّار أولي أو كوكب أولي (protoplanet): هي أجنة كوكبية أولية وُلدت داخل الأقراص الكوكبية وعانت من عملية الانصهار الداخلي لتُنتج هياكلها الداخلية المتباينة.
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات