حدد العلماء سبيلًا جزيئيًا تزيد من خلاله بعض أنواع فيروس الورم الحليمي البشري HPV من خطورة الإصابة بسرطان الجلد، بخاصة عند الأشخاص المصابين بالمرض الجيني النادر خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل (أو ما يدعى EV). وُصف هذا السبيل الجديد بدورية PLOS Pathogens.
تصيب بعض أنواع هذا الجنس من الفيروسات المعروفة بفيروسات الورم الحليمي البشري بيتا beta-HPV خلايا الجلد، وتستطيع زيادة خطر الإصابة بسرطان الجلد غير الميلانوما، بخاصة عند الأشخاص ضعيفي المناعة أو المصابين بمرض خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل.
أشارت دراسةٌ سابقةٌ إلى أن نوعًا من بروتينات هذا الفيروس يدعى E6 يكمن وراء زيادة خطورة الإصابة بهذا السرطان، ولكن لا تزال الآليات الجزيئية التي يعمل بها هذا البروتين E6 غير واضحة حتى الآن.
ركّز فريق بقيادة سيجرون سمولا (Sigrun Smola) أستاذ ورئيس معهد علم الفيروسات في جامعة سارلاند في ألمانيا (Saarland University,Germany) على عدوى بفيروس الورم الحليمي البشري عند مرضى خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل لفهم دور البروتين E6 في سرطان الجلد.
يجعل مرض خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل الأشخاص معرضين بشكلٍ خاص ٍ إلى عدوى سلالة فيروس الورم الحليمي البشري بيتا، لذلك يؤمن هذا المرض فرصةً مفيدة لدراسة آليات عدوى فيروس الورم الحليمي البشري بيتا.
حصل فريق البحث على عينات من آفات الجلد عند مرضى خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل، وبالفحص كانت بعض هذه الآفات موجبة لعدوى فيروس الورم الحليمي البشري الثامن وهو من النمط بيتا. أظهر التحليل الجزيئي أن الآفات المصابة بفيروس الورم الحليمي البشري الثامن تُظهر بشكل هام مستويات قليلة من (MicroRNA-203) وهو منظم معروف لنمو وتمايز خلايا الجلد.
تحتوي الآفات المصابة بهذا الفيروس أيضًا على مستوى عالٍ من p63 وهو بروتين يُنَظِّمُه MicroRNA-203 وهو مرتبط بتطور السرطان.
أظهرت التجارب المخبرية المطبقة على خلايا جلد الإنسان والتي نفذتها بشكل كبير الدكتورة آنا مارثالر (Anna Marthaler) روابطَ جزيئية بين تأثير MicroRNA-203 و p63 وبين العدوى بفيروس الورم الحليمي البشري الثامن. واقترحت النتائج أن بروتين E6 الخاص بفيروس الورم الحليمي البشري الثامن يثبط تعبير البروتين C/EBP وهو بروتين معروفٌ بدوره الأساسي في كبح تطور سرطان الجلد المُحرَّض بأشعة الشمس.
أظهر تحليلٌ آخر تنظيم بروتين C/EBP لـ MicroRNA-203 بشكلٍ مباشر، وهو بدوره ينظمه البروتين P300 (وهو هدف معروف للبروتينات E6). أظهر الباحثون أيضًا احتواء الآفات المصابة بفيروس الورم الحليمي البشري الثامن من مرضى خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل على مستوى قليل ٍ من بروتين C/EBP و MicroRNA-203 مقارنة بخلايا الجلد غير المصابة.
تقترح هذه النتائج بصورةٍ شاملةٍ وجود سبيل جزيئي غير معروف سابقًا واحتوائه على بروتينات P300 وC/EBP وMicroRNA-203 تساعد في المحافظة على تكاثر وتمايز خلايا الجلد بشكل ٍطبيعي. يقاطع بروتين E6 الخاص بفيروس الورم الحليمي البشري الثامن الوظيفة الطبيعية لهذا السبيل عند مرضى خلل تنسج البشرة ثؤلولي الشكل، ممهدًا الطريق إلى تطور سرطان الجلد.
يوضح المؤلفون: "نتائجنا مثيرة بشكل خاص لأننا نفهم الآن بشكلٍ أفضل مساهمة عدوى فيروس الورم الحليمي البشري من النمط بيتا في تسرطن الجلد المحفز بالأشعة فوق البنفسجية ويفتح هذا الاكتشاف سبلًا جديدة للتداخلات العلاجية ضد سرطان الجلد".