كشف المواد المشعة عن بعد

في العام 2004، اُعتقِل المواطن البريطاني دايرن باروت Dhiren Barot بتهمة التآمر لارتكابه بلبلةً عامة باستخدامه المواد المشعة وذلك من بين اتهامات أخرى. صرحت السلطات بأن بارون كان قد بحث إنتاج "قنابل قذرة"، وخطّط لتفجيرها في مدينة نيويورك والعاصمة واشنطن ومدن أخرى. تتألف القنابل القذرة من المتفجّرات التقليدية مضافًا إليها الموادّ المشعة.

بالرغم من عدم قيام باروت بصناعة هذه القنبلة، يعتقد خبراء الأمن القومي بأنّ الإرهابيين يواصلون اهتمامهم بأشياء كهذه لأغراض إرهابية. 

حاليًا، اقترح باحثون من جامعة ميريلاند تقنيةً جديدةً لكشف المواد المشعة عن بعد في القنابل القذرة ومصادر أخرى. وشرحوا طريقتهم عبر ورقة علميّة في مجلة فيزياء البلازما Physics of .Plasmas

من المحتمل أن تسبّب القنابل القذرة أضرارًا أكبر من تلك الناتجة عن المواد المشعة، إذ يمكن أن تثير القنابل الرعب والخوف وفساد الممتلكات، ويحتمل أن تنظيفها مكلفٌ جدًا وفقًا للجنة التنظيمية النووية في الولايات المتحدة.

تُستخدم المواد المشعة بشكل روتيني في المستشفيات للتشخيص وعلاج الأمراض، وفي مواقع البناء لفحص وصلات اللحام، وفي وسائل البحوث. فعلى سبيل المثال، يُستخدم الكوبالت-60 لتعقيم الأجهزة الطبية، وإنتاج الإشعاع لمعالجة السرطان وحفظ الأغذية والعديد من الاستخدامات الأخرى. 


اقترح الباحثون طريقة جديدة للكشف عن المواد المشعة باستخدام حزمتَين ليزريتَين مشتركتين بالمكان تتفاعلان مع المستويات المرتفعة من أيونات الأوكسجين بالقرب من مصدر انبعاثٍ لأشعة غاما.  ملكية الصورة: جوشوا إسحاق وآخرون، جامعة ميريلاند
اقترح الباحثون طريقة جديدة للكشف عن المواد المشعة باستخدام حزمتَين ليزريتَين مشتركتين بالمكان تتفاعلان مع المستويات المرتفعة من أيونات الأوكسجين بالقرب من مصدر انبعاثٍ لأشعة غاما. ملكية الصورة: جوشوا إسحاق وآخرون، جامعة ميريلاند


في عام 2013، قام لصوصٌ في المكسيك بسرقة شحنة من كريّات الكوبالت-60 المستخدمة في أجهزة العلاج الإشعاعي في المستشفيات، وقد عُثر على الشحنة سليمة فيما بعد.

يصدر الكوبالت-60 والعديد من العناصر المشعة الأخرى لدى اضمحلاله أشعة غاما عالية النشاط. تنتزع أشعة غاما الإلكترونات من جزيئات الهواء المحيط، وتفقد الإلكترونات الحرّة الناتجة طاقتها متحدةً بسهولة مع جزيئات الأوكسجين لتخلق مستوياتٍ مرتفعةٍ من أيونات الأوكسجين موجبة الشحنة حول المواد المشعة. 

إن هذه الكثافة المتزايدة للأيونات هي ما يأمل الباحثون في جامعة ميريلاند بالكشف عنها باستخدام طريقتهم الجديدة، ويعتقدون أن استخدام ليزر موجّه ذي طاقة منخفضة بالقرب من المادة المشعّة بإمكانه تحريرُ الإلكترونات من أيونات الأوكسجين. في حين أن ليزرًا عالي الطاقة بإمكانه تنشيط الإلكترونات وبدء الانهيار المتتالي للهواء. عند وصول عملية الانهيار إلى نقطة حرجة معينة، ينعكس ضوء الليزر ذو الطاقة العالية مرتدًا. وكلما كانت المواد المشعة المجاورة أقرب، كلما كان الوصول إلى النقطة الحرجة أسرع.

يقول جوشوا إسحاق Joshua Isaacs المؤلفُ الرئيسي للورقة وهو طالب دراسات عليا يعمل مع كلّ من فيليب سبرانغل Phillip Sprangle وهوارد ميلبيرغ Howard Milchberg أستاذَي الفيزياء والهندسة في جامعة ميريلاند: "نعتقد أن بإمكاننا بسهولة الكشف عن 10 ميليغرامات من الكوبالت-60 باستخدام ليزر موجه على مسافة نصف متر من مصدر غير محميّ، وهو جزء يسير مما قد يكون في قنبلة قذرة".

بإمكان الرصاص الحماية من المواد المشعة، ولكن ليس بإمكان معظم المواد المألوفة كالجدران والزجاج إيقاف أشعة غاما. 

يقول إسحاق: "يمكن أن يُوضع الليزر نفسه على مسافةٍ تصل إلى عدة مئات من الأمتار من مصدر الإشعاع، طالما نحافظ على خط النظر وما لم يكن الهواء مضطربًا أو ملوثًا بالغبار الجوي. ويمكن أن يُنقل الجهاز بأكمله بعد تصنيعه بالشاحنات عبر شوارع المدينة أو حاويات الشحن العابرة في الموانئ. يمكن أن يساعد الشرطة أو مسؤولي الأمن بالكشف عن الإشعاع دون أن يكونوا قريبين بشكل كبير من الخطر المحتمل لمصدر أشعة غاما.

الطريقة المقترحة في الكشف عن الإشعاع عن بُعد ليست الأولى، ولكن لها ما يميزها عن المناهج الأخرى. فعلى سبيل المثال، تم اقتراح أشعة التيراهرتز كوسيلة لتفكيك الهواء في محيط المواد المشعة، لكن إنتاج هذه الأشعة يتطلب معدات معقدة ومكلفة. تقترح طريقة أخرى استخدام ليزر عالي الطاقة من الأشعة تحت الحمراء لكل من نزع الإلكترونات وتفكيك الهواء، لكن تتطلب الطريقة وضع الكاشف في الاتجاه المعاكس لليزر، ما يجعله غير عملي لخلق جهاز متحرك مستقل.

وحتى الآن، حلّل الباحثون في جامعة ميريلاند جدوى النهج الجديد، وهناك تجارب جارية لاختباره في المختبر.

ويقول إسحاق: "من الصعب تقدير متى سيُسوّق الجهاز الجديد القائم على أساس الطريقة الجديدة، لكنني لا أتوقع تحديًا تصنيعيًا معينًا من شأنه الوقوف في طريقه، اخترنا أجهزة جيدة التطور بشكل نوعي لكلّ مكوِّن من النظام المقترح".

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات