هل لبكتيريا الأمعاء دور في حدوث اضطراب الشدة التالي للرض PTSD؟

اضطراب الشدة ما بعد الرض أو اختصاراً PTSD، هو اضطراب نفسي جدي، والذي قد يتطور بعد تجربة لشدة مهددة للحياة. على أي حال، ليس جميع المتعرضين لحدث صادم في حياتهم يطورون هذا الاضطراب PTSD، فهناك عدة عوامل تؤثر على قابلية الفرد لتطوير هذا الاضطراب، متضمنةً ظروف المعيشة وتجارب الطفولة والتركيب الجيني.

أضاف باحثون من جامعة ستيليمبوش Stellembosch البكتيريا في الأمعاء إلى لائحة العوامل المؤثرة.

مؤخراً، أصبح العلماء أكثر وعياً وإدراكاً لأهمية الدور الذي تلعبه البكتيريا الموجودة في الجهاز الهضمي للإنسان، والذي يسمى النبيت الجرثومي المعوي gut microbiome، حيث تقوم هذه الميكروبات بوظائف مهمة مثل استقلاب الأطعمة والأدوية ومحاربة الالتهاب، ويُعتقد الآن بأن ميكروبات الأمعاء تؤثر أيضاً على الدماغ ووظائفه عبر إنتاج هرمونات ونواقل عصبية، وجزيئات منظمة للمناعة وسموم جرثومية.

بالمقابل، فإن التوتر والمشاعر تستطيع أن تغير من تركيب هذه البكتيريا، إذ أن هرمونات الشدة لها القدرة على التأثير في نمو البكتيريا وعلى سلامة بطانة الأمعاء، وبالنتيجة قد يتسبب ذلك بدخول السموم والبكتيريا إلى الجريان الدموي، وهذا يؤدي بدوره إلى الإنتان الذي ثبت أنه يلعب دوراً في اضطرابات نفسية عديدة.

وتوضح الطبيبة ستيفاني مالان مولر Stefanie malan muller رئيسة الباحثين وزميلة في أبحاث ما بعد الدكتوراه في قسم الطب النفسي في جامعة Medicine and health Sciences: "قارنا في دراستنا هذه بين الميكروبات المعوية لدى الأشخاص الذين يعانون من PTSD مع الأشخاص الذين مروا أيضاً بصدمات كبيرة في حياتهم ولكنهم لم يطوروا الـ PTSD (أي مجموعة الشاهد المتعرضة للشدة). 

تعرفنا على مزيج من ثلاثة أنواع من البكتيريا، وهي البكتيريا الشعية Actinobacteria و Lentisphaerae والجراثيم الثؤلولية Verrucomicrobia التي كانت مختلفة عند الأشخاص الذي يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة.

لدى الأفراد المصابين بالـ PTSD مستويات أقل بشكل ملحوظ من هذا الثلاثي من البكتيريا مقارنةً مع المجموعة الشاهد والمتعرضة للشدة، الأفراد الذين عانوا من شدة أثناء الطفولة أيضاً يملكون مستوى أقل من اثنين من تلك الجراثيم وهي البكتيريا الشعية Actinobacteria والجراثيم الثؤلولية Verrucomicrobia. 

 

تقول مالان-مولر التي تعاونت مع الباحثين من جامعة كولورادو بولدر Colorado Boulder على هذه الدراسة: "ما يجعل هذه النتائج مثيرة للاهتمام هو أن الأفراد الذين عاشوا صدمات نفسية أثناء الطفولة، لديهم خطر أعلى لتطوير PTSD لاحقاً في الحياة، وهذه التغيرات في بكتيريا الأمعاء من المحتمل أن تظهر باكراً في الحياة كاستجابةٍ للصدمة أثناء الطفولة".

واحدة من الوظائف المعروفة لهذه البكتيريا هي تنظيم الجهاز المناعي، ولاحظ الباحثون مستويات مرتفعة من الالتهاب وتغيرات في النظام المناعي في الأفراد المصابين بـ PTSD. تقول مالان مولر: "التغيرات في النظام المناعي والمستويات المرتفعة من الالتهاب لها تأثير على الدماغ ووظائفه وعلى السلوك.

 

إن الواسمات الالتهابية المقاسة في الأفراد -بعد وقت قصير من تعرضهم لحادث صادم- أظهرت احتمال تطوير الـ PTSD لاحقاً، لذلك فرضنا بأن المستويات المنخفضة من هذه الأنواع الثلاثة من البكتيريا أدت إلى الاضطراب في الجهاز المناعي وإلى مستويات التهابية مرتفعة عند الأفراد الذين يعانون من PTSD والتي قد ساهمت في أعراض المرض".

على أي حال، لا يستطيع الباحثون تحديد ما إذا كان الضعف في هذه البكتيريا يساهم في قابلية تطوير PTSD أم أنه يظهر كنتيجة لاضطراب الصدمة ما بعد الرض.

تتابع مالان مولر قائلة: "رغم ذلك، فإن هذه النتائج تقربنا خطوة نحو فهم العوامل التي قد تلعب دوراً في حدوثه.

 

إن العوامل التي تؤثر على الحساسية والقدرة لتطوير اضطراب ما بعد الرض ليست مفهومةً بشكل كامل حتى الآن، والقدرة على تمييز وفهم كل هذه العوامل المساهمة قد تساهم مستقبلاً في علاجات أفضل، خاصةً أن النبيت الجرثومي يتبدل بسهولة مع استعمال البريايوتيكس prebiotics (وهي مواد طعامية غير قابلة للهضم)، والبروبايوتيكس probiotics (وهي ميكروبات حية مفيدة) وسينبايوتيكس synbiotics (وهي مزيج من البروبايوتيكس والبريبايوتيكس) أو التداخلات في الحمية.

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات