تقنيات مسح الأرض من الفضاء تُنقِذ الحياة

تمت ملائمة كاميرا فائقة السرعة أُعِدَّت لمراقبة المناطق النباتية من الفضاء ومكافحة المجاعة في أفريقيا، لتعمل على ملاحظة التغيرات في خلايا جلد الإنسان غير المرئية للعين المجردة، وذلك للمساعدة في تشخيص أمراض الجلد كالسرطان.


في الحقيقة، إن الحساس الرقمي الاستثنائي للأشعة تحت الحمراء المُركّب في القمر الصناعي بروبا-5 (Proba-V) لمسح الغطاء النباتي والتابع لوكالة الفضاء الأوروبية (European Space Agency - ESA) تجري ملائمَتُه للعديد من التطبيقات غير الفضائية، حيث رُكِبَ على ماسح طبي قياسي ليستطيع الحساس الفضائي مساعدة الأطباء في أخذ نظرة أعمق داخل النسج البشرية للمساهمة في الكشف المُبكِر عن أمراض الجلد.

يمتلك هذا الحساس مستقبلاً مزدهراً في الصناعة أيضاً، فقد تم بالفعل إظهار التحسّن بإنتاج الخلية الشمسية بالإضافة إلى تحديد المنتجات المعطوبة على خطوط الإنتاج.


الريادة في تكنولوجيا الفضاء


تمتلك كاميرا البروبا-5 مجال رؤيةٍ واسعاً وفريداً من نوعه يسمح للقمر الصناعي المصغّر بأخذ صورة نقيّة كل يومين لكامل الغطاء النباتي على كوكبنا. قامت بتطويره الشركة البلجيكية Xenics لتُصَوِّر الكاميرا ضوء لا نستطيع رؤيته، وذلك من خلال استشعارها لمجال الأمواج القصيرة تحت الحمراء.
شرح مايكل فرانكويس من وكالة الفضاء الأوروبية ذلك بقوله: "بالنسبة للبشر، من الممكن لشجرتين خضراوتين أن تبدوان مألوفتين، لكننا نستطيع مع هذه الكاميرا أن نتحقق من منهما ينمو بشكل جيد ومن منهما مريض".


على بروبا-5 تستطيع الخرائط الحديثة التي يقدمها حساس Xenics بشكل منتظم أن ترصد الغابات المطرية في أمريكا الجنوبية، أو أن تقدِّم للمزارعين في أفريقيا القدرة على التنبؤ بإثمار المحاصيل على سبيل المثال.
يُشير Koen van der Zanden من Xenics إلى ذلك: "بناءً على تجارب السنوات السابقة، فإنك تستطيع تحديد فيما لو كان نمو المحصول في موعده أو أنه قد تأخر، وتستطيع الحصول على معلومات مُبكِرة حول كفاية الطعام أم لا".


متطلبات الفضاء الصارمة تُروِّج الابتكار على الأرض


دفعَت قدرة بروبا-5 إلى "رؤية غير المرئي" على الأرض، أن تتقدّم في اتجاهٍ جعَل تسويق الكاميرا خطوةً طبيعيةً. بدعم من ESA والبرنامج البلجيكي لنقل التكنولوجيا الفضائية، صمّم فريق Xenics ما يُعرف بالرؤية الآلية (Machine Vision) وهي عبارة عن كاميرات مدمجة ضمن نُظم المراقبة لتَحُل محل البشر في البحث عن العيوب.


يشرح Koen: "الدقة العالية التي تتمتع بها كاميراتنا ذات المسح الخطي، تجعل هذه الكاميرات مثالية من أجل الكشف عن العيوب المخفيّة في خطوط الإنتاج سريعة الحركة، مثل تصنيع القوارير أو فرز الأنواع المختلفة من البلاستيك لعملية إعادة التصنيع، أي كل ما يبدو مألوفاً للعين البشرية". ويضيف: "تتحرك الأغراض بسرعة، تماماً كما تدور الأرض أسفل القمر الصناعي، لذلك ومن خلال مسح خط كامل في كل مرّة فإننا نستطيع وبسرعة تغطية كامل المنطقة".


تلتقط كاميرا بروبا-5 صورة بعرض 2250 كيلومتر للمنطقة الواقعة تحتها خلال كل عملية مسح، وهذا ممكن من خلال حساس خطي ذو3072 بيكسل الخاص بشركة Xenics. وعلى خِلاف الكاشفات التقليدية مستطيلة الشكل المستخدمة في الكاميرات الرقمية التجارية، فإن هذا الحساس يلتقط معلومات خط واحد في كل مرة وبسرعة عالية، فيتم التقاط صور كاملة خلال تحرك الهدف – لتُعطي كفاءة أكبر في تصوير الأغراض السريعة على خطوط الإنتاج.


تمنح هذه القدرة الكاميرا استخداماً مفيداً في الكشف عن عيوب اللوائح الشمسية، فعندما تُضاء اللوائح تستطيع الكاميرا أن تقيس كفاءتَها بسرعة من خلال الكشف عن أيّ تجمّع للإضاءة الضعيفة التي تنبعث عن الخلايا بدلاً من امتصاصها للضوء.


في القطاع الطبي، تُلائم شركة Xenics التقنية الخاصة بها لتحسين قدرة الطبيب في تشخيص أمراض الجلد، حيث أعطت الماسحات العادية تفاصيل موضّحة عن الصور المقطعيّة للأنسجة الحيّة لحوالي 20 سنة، لكن حساسية الكاميرات الفضائية عند أطوال موجيّة معينة يعني أنها تستطيع أن ترى بعمق أكثر للمساعدة في تشخيص أمراض الجلد كالسرطان.
اللاعب الأساسي هنا هو الحساسية العالية بشكل كبير والمحقّقة بواسطة الحسّاس والسرعة، ليصبح من الممكن إنهاء المسح خلال وقت معقول.
يقول Koen: "ربما قد بقيَ عدّة سنوات، لكن حالما يبدأ الحساس الخاص بنا بمساعدة الأطباء في تشخيص أمراض الجلد خلال مراحلها المُبكِرة، فمن الممكن حينها أن نشعر بالفخر المضاعف حول هذه النتيجة العَرَضيّة من الفضاء".


يقول Sam Waes من فيرهارت وهووكيل التقنية البلجيكية لدى ESA: "عملية النقل لتقنية الكاميرا المطوّرة خصيصاً لبروبا-5 الخاص بـ ESA، كانت قد وضعت شركة أوروبية موضع الريادة عالمياً في تقنية الحساسات الخطية للأمواج القصير التحت حمراء". ويضيف: "إنها وصف ممتاز لكيفية مساهمة الاستثمارات في برامجنا الفضائية لمصلحة الصناعة الأوروبية من خلال نتائج ثانوية لتقنيات الفضاء".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات