يمكنك الاستماع إلى المقال عوضاً عن القراءة
العلماء يرون دليلًا على تشكل الكواكب في المجموعات الشمسية الأخرى

تكشف الملاحظات المأخوذة من أداة جيميني لتصوير الكواكب Gemini Planet Imager نمطًا معقدًا لاختلافاتٍ في السطوع والاستقطاب حول النجم HR 4796. حقوق الصورة: Marshall Perrin (Space Telescope Science Institute), Gaspard Duchene (UC Berkeley), Max Millar-Blanchaer (University of Toronto), and the GPI Team

في بيانات نابعة من اثنين من تلسكوبات ناسا، وجد علماء الفلك حلقاتٍ كثيفةً وضيقةً تجتمع معًا لتكوين كواكبَ عند مشارف ثلاث مجموعاتٍ شمسيةٍ بعيدةٍ على الأقل. ووفقًا لما يقوله كارلي ليس Carey Lisse، عالم الكواكب في مختبر الفيزياء التطبيقية Applied Physics Laboratory لجامعة جونز هوبكنز Johns Hopkins University في لوريل بولاية ماريانا، فإن تقدير كتلة هذه الحلقات يُظهر -من خلال كمية الضوء التي تعكسها- أن حجم هذه الكواكب النامية يعادل على الأقل حجم بضعةٍ من كواكب الأرض معًا.

وعلى مدار العقود الماضية، اكتشف العلماء، باستخدام مراصد ناسا الضخمة مثل مُنشأة تلسكوب الأشعة تحت الحمراء Infrared Telescope Facility في هاواي، وتلسكوب الفضاء سبيتزر Spitzer Space Telescope، اكتشفوا العديد من المجموعات حديثة العمر التي تحتوي على أقراص حطامٍ مع حلقاتٍ خارجيةٍ رقيقةٍ ولكن ساطعة والمؤلَّفة من أجسامٍ شبيهةٍ بالمذنبات التي تبعد نحو 75-200 وحدةٍ فلكيةٍ من النجوم الأم الخاصة بها، أي ما يعادل 2-7 أضعاف المسافة بين بلوتو والشمس الخاصة بنا.

ويختلف تكوين المواد في هذه الحلقات بداية من المجموعات الغنية بالجليد (تُرى في مجموعات نجم فوهة الحوت Fomalhaut وHD 32297) إلى المجموعات الفقيرة بالجليد (التي تُرى في مجموعة النجم HR 4796A).

وقال كارلي ليس أثناء تقديمه لنتائجه في اجتماعٍ للجمعية الفلكية الأمريكية في قسم علوم الكواكب في مدينة برفوفو في ولاية يوتا بمدينة ليسا: إن العلماء قد أصابهم الفضول بسبب حلقة الغبار الحمراء المحيطة بالنجم HR 4796A مما يدل على وجود صورةٍ محكمةٍ على نحوٍ غير عاديٍّ للنظام الشمسي الوليد.

يتعقب ليس اللون الأحمر الحاد لبقايا المذنبات العضوية الصخرية المحترقةِ نتيجة قرب حلقة النظام كفاية من النجم بحيث تبخرت كلها. ولا يرى الباحثون غبار الحلقات الحمراء في نجم فم الحوت Fomalhaut أو HD 32297، ولكن بدلًا من ذلك فهم يرون غبار المذنبات ذات اللون المزرق والمحتوي على جليد؛ وذلك لأن حلقات هذه المجموعات بعيدةٌ بما فيه الكفاية بحيث تكون مذنباتها باردةً ومستقرةً في الغالب.

ويضيف كارلي ليس: "ما زالت الحدود الضيقة لتلك الحلقات تشكّل لغزًا كبيرًا، فأنت لا ترى بصفةٍ عامةٍ هذا النوع من النظام المحكم في المجموعات حديثة السن". ويستطرد قائلًا: "عادةً ما تتحرك المادة في كل الطرق قبل تنظيف المجموعة ذات الكواكب الخارجية بحيث تستقر وهكذا تعبر الأجسام الكوكبية، بطريقةٍ قلما تحدث، متخذةً مسار بعضها البعض كما هو الحال في نظامنا الشمسي الحالي".



صورة من التليسكوب ALMA لقرص حطام موجود في المجموعة النجمية فوهة الحوت. وتبعد الحلقة 20 مليار كيلومترٍ تقريبًا (12.4 مليار ميل) من النجم المركزي، ويبلغ اتساعها 2 مليار كيلومتر تقريبًا (1.2 مليار ميل). النقطة المركزية هي الانبعاثات التي لم تحل من النجم، والتي هي ضعف كتلتنا الشمسية تقريبًا. حقوق الصورة: ALMA (ESO/NAOJ/NRAO); M. MacGregor
صورة من التليسكوب ALMA لقرص حطام موجود في المجموعة النجمية فوهة الحوت. وتبعد الحلقة 20 مليار كيلومترٍ تقريبًا (12.4 مليار ميل) من النجم المركزي، ويبلغ اتساعها 2 مليار كيلومتر تقريبًا (1.2 مليار ميل). النقطة المركزية هي الانبعاثات التي لم تحل من النجم، والتي هي ضعف كتلتنا الشمسية تقريبًا. حقوق الصورة: ALMA (ESO/NAOJ/NRAO); M. MacGregor



وبعد استبعاد الاحتمالات الأخرى الناتجة عن نقصٍ في الغاز الأولي المحيط بالنجم الذي شوهد في تلك المجموعات، ينسب كارلي ليس وشركاؤه المؤلفون هذه البنية المحكمة إلى عدد من أجسام متراصة "توجه" المادة من خلال الحلقات.

يقول كارلي ليس: "إن اصطدام هذه المذنبات بأسطح الكواكب النامية من شأنه أن يثير سحابةً ضخمةً سريعة الحركة ومن ثم يقذف "الغبار المُشكّل" الذي من شأنه أن يتمدد فوق النظام على هيئة سحبٍ ضخمةٍ". ويضيف: "إن الحل الأوحد والأوضح لهذه المسائل هو وجود كواكب صغيرةٍ تلتحم مع بعضها في هذه الحلقات، وهذه الأجسام الصغيرة ذات السرعة المنخفضة والمضطربة توجه الحلقات تجاه البنيات الضيقة، مثلما يحدث بنفس الطريقة في الحلقات الضيقة لكوكب زحل التي تبدو متمركزةً وحادةً".

ويضيف كارلي ليس: "إن هذا يُعد نقلةً نوعيةً، لأنه بدلًا من بناء كوكبٍ من موقع بناءٍ كبيرٍ، فإنه ينشأ من عدّة مواقع صغيرة والتي سوف تندمج في نهاية المطاف لتتحول إلى ذلك المنتج النهائي. وقد أسفرت الدراسات الحديثة عن نظرياتٍ مماثلةٍ حول تشكيل الكواكب الغازية العملاقة أورانوس ونبتون، وهي أن كلًّا منهما يُعد "نوىً فرعيةً" متعددةً تغطيها في نهاية المطاف أغلفةٌ جويةٌ سميكةٌ".

وفي نجم فم الحوت والنجم HD 32297، يتوقع الباحثون أن الملايين من المذنبات تساهم في تشكيل لب الكواكب العملاقة الجليدية مثل أورانوس ونبتون، ولكن بدون الأغلفة الجوية السميكة التي تطوّق لب كلٍّ من أورانوس ونبتون، وبما أن أقراص الغاز الأولية من شأنها أن تتشكل، فإن هذه الأغلفة الجوية ستتلاشى.

وفي النجم HR 4796A، فرغم وجود حلقة الغبار الأكثر دفئًا، وحتى مع الجليد الموجود في حلقات المذنب الذي تبخر خلال المليون سنةٍ الماضية أو أكثر مخلفًا وراءه اللبنات الأساسية التي تُعتبر غنيةً ببقايا الكربون والمواد الصخرية فقط.

يقول كارلي ليس: "تظهر هذه الأنظمة على هيئة كواكب مبنيةٍ لا نراها في منظومتنا الشمسية الكبيرة والتي هي عبارةٌ عن كواكب كبيرةٍ متعددة الأراضي بالإضافة إلى كمياتٍ متفاوتةٍ من الجليد والصخور والمواد الحرارية العضوية refractory organics. ويضيف: "إن هذا يشبه إلى حدٍّ كبيرٍ الطريقة التي تُنبئ بها للأرض الفائقة super-Earths التي شوهدت كثيرًا في المرصد الفضائي كيبلر".

يقول أخيرًا: "وقبل أن تصبح هذه الحلقات كواكب بحجم العمالقة الغازية، فلا يزال هناك الكثير يُنتظر حدوثه"، ويتابع: "لماذا يستغرق الأمر وقتًا طويلًا كي تتشكل الكواكب الخارجية في هذه المجموعات، بعد أن تتلاشى الأقراص الغازية الأولية بعيدًا، إن هذا لسر كبير".

 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المصطلحات
  • المجال تحت الأحمر (Infrared): هو الإشعاع الكهرومغناطيسي ذو الطول الموجي الأكبر من النهاية الحمراء للضوء المرئي، والأصغر من الأشعة الميكروية (يتراوح بين 1 و 100 ميكرون تقريباً). لا يمكن لمعظم المجال تحت الأحمر من الطيف الكهرومغناطيسي أن يصل إلى سطح الأرض، مع إمكانية رصد كمية صغيرة من هذه الأشعة بالاعتماد على الطَّائرات التي تُحلق عند ارتفاعات عالية جداً (مثل مرصد كايبر)، أو التلسكوبات الموجودة في قمم الجبال الشاهقة (مثل قمة ماونا كيا في هاواي). المصدر: ناسا
  • الغاز (Gas): أحد الحالات الأساسية الثلاث للمادة. في هذه الحالة تتحرك الذرات، أو الجزيئات، أو الأيونات بحُريّة، فلا ترتبط مع بعضها البعض. وفي علم الفلك، تُشير هذه الكلمة عادةً إلى الهيدروجين أو الهيليوم. المصدر: ناسا

اترك تعليقاً () تعليقات