العلماء يكتشفون نوعاً جديداً من المغانط

في المغانط العادية، تصطف العزوم المغناطيسية magnetic moments مع جيرانها (يسار). أما في المغانط القائمة على الانفراد singlet-based magnet، تكون العزوم المغناطيسية غير مستقرة بحيث تظهر وتختفي بسرعة، وتلتصق ببعضها البعض في كتل (يمين)
حقوق الصورة: Lin Miao/New York University


قد يكون العلماء أثبتوا تجريبياً وجود نوعٍ من المغانط سبق التنبؤ بها منذ عقود. والتي يمكن أن تؤدي في نهاية المطاف إلى صناعة أجهزة تخزين بيانات أفضل.


في المغانط العادية، تصطف العزوم المغناطيسية (magnetic moments) للحبيبات الفردية مع بعضها البعض لتوليد مجالٍ مغناطيسي. في المقابل، ففي حالة المغانط القائمة على الانفراد singlet-based magnet الجديدة، تكون العزوم المغناطيسية مؤقتةً في طبيعتها، مما يعني أنها تنبثق إلى الوجود وتختفي.


على الرغم من عدم استقرار الحقول المغناطيسية للمغانط القائمة على الانفراد، فإن حقيقة التنقل السريع بين الحالات المغناطيسية وغير المغناطيسية لهذه المغانط يمكن أن تجعلها مناسبةً بشكلٍ جيد في مجال تخزين البيانات. على وجه التحديد، يمكن تشغيلها بسرعةٍ أكبر وبطاقةٍ أقل من الأجهزة التقليدية، وفقاً لما قاله أندرو راي Andrew Wray، عالمٌ في فيزياء المواد في جامعة نيويورك وهو الذي قاد البحث.


والآن، اكتشف راي وزملاؤه المثال الأول على المغانط القائمة على الانفراد، مصنوعًا من أنتيمونيد اليورانيوم (USb2).


قال راي: "على الرغم من أنه يبدو كالمغانط العادية، فإنه يختلف اختلافاً جوهرياً عن المغانط الأخرى على المستوى المجهري".

يعود مفهوم المغانط القائمة على الانفراد إلى ستينيات القرن العشرين. تنبع الطبيعة المؤقتة لعزومها المغناطيسية من "الإكسيتون الغزلي spin exciton" الذي يمكن أن يحدث عندما تصطدم الإلكترونات ببعضها في الظروف المناسبة. الأكسيتونات هي عبارة عن أشباه جسيمات (quasiparticles) مؤلفة من إلكترونات مرتبطةٍ بنظيراتها المشحونة إيجابياً، المعروفة باسم الثقوب. في الأكسيتونات العادية، عادةً ما تُشير العزوم المغناطيسية للإلكترونات والثقوب في اتجاهين متعاكسين بحيث يُلغي كلٌّ منهما الآخر. على النقيض من ذلك، ففي حالة الأكسيتونات الغزلية فإن العزوم المغناطيسية للإلكترونات والثقوب تصطف بنفس الاتجاه.


على الرغم من أنّ إكسيتوناً غزلياً واحداً يُعتبر غير مستقرٍ للغاية ويختفي بسرعة، لكن في حالة وجود الكثير منها، يمكن أن تكون مستقرةً نظرياً، كما يمكن أن تُحفز ظهور المزيد من الأكسيتونات الغزلية في تفاعلٍ سلسليٍّ نوعاً ما، كما يقول راي. ومع ذلك، فحتى الآن، فإنّ الأكسيتونات الغزلية تكون مستقرةً فقط عند درجات الحرارة شديدة البرودة أي أقل من 10 كلفن (263.15 درجة مئوية تحت الصفر).


أما الآن، فقد اكتشف العلماء مغناطيساً قوياً قائماً على الانفراد أثناء قيامهم بدراسة أنتيمونيد اليورانيوم، حيث خلصت عقودٌ من الأبحاث إلى أنّ الخصائص المغناطيسية والكهربائية تتصرف بغرابة داخل هذه المادة.


باستخدام المسح بالتشتت النيوتروني وتشتت الأشعة السينية، بالإضافة للمحاكاة الحاسوبية، اكتشف الباحثون أن مغناطيسية الأنتونيد يورانيوم نشأت من الأكسيتونات الغزلية.
قال راي: "اتضح أنّ المرء يحتاج إلى كميةٍ قليلة من الطاقة لإنشاء الأكسيتونات الغزلية في أنتيمونيد اليورانيوم. هذا ضروريٌ للمغانط القائمة على الانفراد، لأنها تستهلك الكثير من الطاقة، فبالتالي لن يكون هناك ما يكفي من الأكسيونات الغزلية لتكثيف وتقوية بعضها البعض، لإنتاج مغناطيس.


ظهرت مغناطيسية أنتيمونيد اليورانيوم عند درجات حرارة عالية نسبياً، 203 كلفن تقريباً (70.15 درجة مئوية تحت الصفر). يقول راي أنّ "درجة حرارة الغرفة قد تكون قريبة المنال"، إذا قام أحدٌ بحقن المادة بمكوناتٍ مغناطيسية قوية.


يقول راي بأنّ أنتونيد اليورانيوم يُعتبر سهل التصنيع إلى حدٍّ ما، مما يتيح للعلماء فرصة اكتشاف المزيد عن هذا الشكل الجديد من المغانط. يمكن للتطبيقات المستقبلية إيجاد طرق لإنشاء مغانطَ مبنيةٍ على الانفراد من موادَّ أخرى، من مثل "عناصر معدنية انتقالية غير سامة، التي ستكون أكثر ملاءمةً للتطبيقات"، وذلك وفقاً لما قال راي.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات