تطوير خلايا شمسية أرق من الشعرة بمئة مرة


تُعدُّ الطاقة الشمسية الآن في قمة ذروتها محطمةً حواجز التكلفة التي أعاقت تقدم التكنولوجيا لدرجة أنَّ طاقة فائضة من أشعة الشمس تُعطى مجانًا في بعض بقاع الأرض.

ولكن إذا أردنا أن نطلق الإمكانيات الحقيقية للطاقة الشمسية، فعلينا التفكير فيما وراء الألواح الشمسية الكبيرة على الأَسقُف والنظر في ما يمكن أن تفعله الخلايا الشمسية خفيفة الوزن وصغيرة الحجم والتي يمكننا ارتداؤها أيضًا!.

وهذه هي فكرة الخلايا المرنة الرقيقة جدًا والكهروضوئية التي ابتكرها باحثون في جنوب كوريا، إذ بوسع هذه الأشياء أن تنحني وتلف حول قلم الرصاص -أو تلف حول شيء أصغر، فالصورة أعلاه تبين مادة الخلية مطوية حول حافة شريحة زجاجية سمكها 1 مم. 

قال المهندس "جونغو لي" Jongho Lee من معهد كوانغجو للعلوم والتكنولوجيا (Gwangju Institute of Science and Technology): "يُقدَّر سمك الخلية الكهروضوئية التي نستعملها بنحو 1 ميكروميتر". وهذا يعني أنها أكثر رقة من شعر الإنسان -الذي يتراوح عرضه بين 10 و200 ميكروميتر- بينما الخلايا الكهروضوئية العادية أكثر سمكًا بمئات المرّات.

إن شدة رقة هذه الخلايا يعني أننا قد نتمكن يومًا ما أن نمارس الرياضة على نحو مذهل بمساعدة الخلايا الشمسية خفيفة الوزن التي تُركّب على أجهزة إلكترونية شخصية، من مثل أجهزة تتبع اللياقة والنظارات الذكية التي تعمل حصرًا بواسطة الضوء من حولها.

كما أنَّ هذه الرقة تزوّد الألواح بمرونة عظيمة ومقاومة انحناء، الأمر الذي يسهّل وجودها في متناول الأيدي ضمن التطبيقات التي تحتاج إلى تكيف شديد أو حيث يمكن ارتداؤها مثل الأقمشة والملابس. 

وقد طوّر الفريق هذه المادة باستخدام المادة شبه الموصلة "أرسنيد الغاليوم"Gallium Arsenide"، وختم الخلايا مباشرة على ركيزة مرنة ولَحْمِها على البارد إلى القطب الكهربائي على الركيزة، وهناك طبقة معدنية تحت الخلايا الكهروضوئية تعمل كعاكس لترد أي فوتونات شاردة إلى الخلايا.

وأظهرت اختبارات الانحناء التي أجراها الباحثون ورفعوا التقارير عنها في دورية رسائل الفيزياء التطبيقية Applied Physics Letters أنه من الممكن لف الخلايا الرقيقة جدًا حول جسم أسطواني بنصف قطر صغير جدًا قياسه 1.4 ملم، بينما تتعرض لربع مقدار الإجهاد فقط مقارنة بأنواع أخرى من الخلايا الشمسية الرقيقة والتي تبلغ سماكتها (3.5 ميكرومتر)

قال ليي: "إنَّ الخلايا الأرق أقل هشاشة تحت الانحناء، ولكنَّ أداؤها مماثلًا أو أفضل قليلا."

رأينا نهجًا مماثلًا لخلايا شمسية رقيقة للغاية في مطلع هذا العام، عندما ابتكر باحثون من معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا MIT خلايا شبه كهروضوئية خفيفة جدًا من الممكن أن تحُط على فقاعات الصابون بدون نسفها، ولكن المشكلة الوحيدة لتلك الخلايا الشمسية هي أنها خفيفة جدًا لدرجة أنها لم تكن قابلة للاستعمال. 

قالت "جويل جين" Joel Jean إحدى أعضاء فريق معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في ذلك الوقت: "ستجعلها تطير اذا ما تنفست بشدة بالقرب منها. "ولكنَّ اهتمام العلماء لا يقتصر فقط على جعل الألواح الشمسية أصغر حجمًا وأخف وزنًا، بل ويعملون أيضًا على جعلها أكثر فعالية. 

وفي العام الماضي، ابتكر علماء من جامعة ستانفورد Stanford University خلايا شمسية تستطيع أمتصاص أشعة شمس بفعالية أكبر كثيراً من الألواح التقليدي،ة باستخدام "أسلاك نانو" الفعالة في جعل الاتصال المعدني العلوي في الخلية غير مرئي، تاركة الخلية تمتص مزيداً من طاقة الشمس بدون إعاقة.

وفي الشهر الماضي فقط، حطم باحثون من جامعة نيو ساوث ويلز (UNSW) في أستراليا رقما قياسيا عالميا جديدا في كفاءة استخدام الطاقة الشمسية، وذلك عبر بناء خلايا كهروضوئية تستطيع أكتساب أكثر من ثلث (34.5%) طاقة الشمس بدون مركزات. 

وتمتص هذه التقنية، التي تقدّمت على الرقم القياسي السابق (الذي بلغ 24%)، مزيدا من الطاقة عن طريق تقسيم أشعة الشمس الواردة إلى أربعة نطاقات منفصلة.

عندما أُعلن الرقم القياسي، قال الباحث "مارك كيفريس" Mark Keevers: "تُظهر هذه النتيجة المشجعة أنَّه لا تزال هناك تطورات مقبلة في بحوث الخلايا الكهروضوئية لجعل الخلايا الشمسية أكثر كفاءة، وإن استخلاص كمية طاقة أكبر من كل شعاع من أشعة الشمس هو أمر ضروري لخفض تكلفة الكهرباء التي تولدها الخلايا الشمسية، لأن ذلك يخفض الاستثمارات اللازمة ويعمل على استرداد رأس المال بشكل أسرع".

إنه لأمر رائع حقًا أن نرى كل هذه التطورات تحدث في مجال الطاقة الشمسية، ومع حساب العلماء أن الطاقة الشمسية السقفية وحدها قد تفي تقريبًا بنصف متطلبات الطاقة في الولايات المتحدة، فيبدو من الواضح أننا فقط في بداية مرحلة انتقالية ملحمية بعيدًا عن الاعتماد على الوقود الأحفوري.


 

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات