العلماء ينجحون في عكس الشيخوخة في الخلايا البشرية في المختبر

13 آب/أغسطس 2018

تعتبر القدرة على عكس التقدم بالسن (أو الشيخوخة) حلماً يأمل كثير من الناس أن يشهدوه في حياتهم إلا أنه لا يزال بعيدًا عن الواقع، ولكن في إحدى التجارب الأخيرة، نجح العلماء بعكس شيخوخة الخلايا البشرية، مما سيكون منطلقاً لتصنيع أدوية مضادة للتنكس.

يمكن النظر إلى الشيخوخة على أنها الانخفاض التدريجي في الوظائف الجسدية وترتبط بمعظم الأمراض المزمنة الشائعة التي يعاني منها البشر، مثل السرطان والسكري والخرف.

هناك العديد من الأسباب التي تؤدي إلى توقف الخلايا والأنسجة عن العمل، لكن تركيز الدراسات الجديدة في بيولوجيا الشيخوخة بتمحور حول تراكم الخلايا "المسنة" في الأنسجة والأعضاء، والخلايا المسنة هي خلايا متدهورة قديمة لا تعمل كما ينبغي، وتؤثر أيضًا على وظيفة الخلايا المحيطة بها، وقد تبين أن إزالة هذه الخلايا القديمة المختلة تحسن العديد من خصوصيات التقدم بالسن عند الحيوانات مثل تأخر إصابة العين بالساد.

ما زلنا لا نفهم بشكل كامل لماذا تصبح الخلايا مسنة (هرمة) مع تقدمنا في العمر، ولكن هناك العديد من المقترحات على الساحة مثل الضرر الذي لحق بالحمض النووي، والتعرض للالتهاب، وإلحاق الضرر بالجزيئات الواقية في نهاية الصبغيات (الجزيئات الواقية تسمى التيلوميرات). وفي الآونة الأخيرة، اقترح الناس أن أحد محركات الشيخوخة قد يكون فقدان قدرتنا على تشغيل الجينات وإيقافها في الوقت المناسب وفي المكان المناسب.


جين واحد، وعدة رسائل


مع تقدمنا في العمر، نفقد قدرتنا على التحكم في كيفية تنظيم جيناتنا. تحتوي كل خلية في الجسم على جميع المعلومات اللازمة للحياة، ولكن لا يتم تشغيل جميع الجينات في جميع الأنسجة أو تحت جميع الظروف وهذه هي إحدى الطرق التي تختلف بها خلية القلب عن الخلية الكلوية، على الرغم من أنها تحتوي على نفس الجينات.

عندما يتنشط جين معين عن طريق إشارات من داخل أو خارج الخلية، فإنه يصنع رسالة جزيئية (تسمى RNA) تحتوي على جميع المعلومات اللازمة لصنع كل ما يصنعه هذا الجين، ونعلم الآن أن أكثر من 95% من جيناتنا يمكنها بالفعل إنشاء عدة أنواع مختلفة من الرسائل، وهذا يتوقف على احتياجات الخلية. إنها طريقة جيدة للتفكير في الأمر إذ يمكنك أن تعتبر كل جين كوصفة، ويمكنك صنع إما إسفنجة من الفانيليا، أو كعكة شوكولا، اعتمادًا على ما إذا كنت تريد إضافة الشوكولا. نعم يمكن أن تعمل جيناتنا على هذا النحو. حيث يتم اتخاذ القرار بشأن نوع الرسالة التي يتم إنتاجها في أي وقت من قبل مجموعة من حوالي 300 بروتيناً تسمى "عوامل الربط" splicing factors.

مع تقدمنا في العمر، يتناقص عدد عوامل الربط التي يمكن لجسمنا أن يصنعها مما يعني أن الخلايا المسنة تكون أقل قدرة على تنشيط الجينات وتثبيطها من الاستجابة للتغيرات في بيئتها، وقد أظهر البحث الجديد وأبحاث أخرى أن مستويات هذه البروتينات المنظمة المهمة تنخفض في عينات الدم عند كبار السن، وأيضاً في خلايا بشرية مسنة معزولة من أنواع مختلفة من الأنسجة.


تجديد الخلايا القديمة


يستطرد العلماء بالشرح، لقد بحثنا عن طرق لإعادة تشغيل عوامل الربط. في عملنا الجديد، أظهرنا أنه من خلال معالجة الخلايا القديمة مع مادة كيميائية تطلق كميات صغيرة من كبريتيد الهيدروجين، تمكنا من زيادة مستويات بعض عوامل الربط، وتجديد خلايا الإنسان القديمة.

كبريتيد الهيدروجين هو جزيء يوجد بشكل طبيعي في أجسادنا وقد تبين أنه يحسن العديد من سمات الأمراض المرتبطة بالعمر في الحيوانات، ولكنه قد يكون ساماً بكميات كبيرة، لذلك نحن بحاجة إلى إيجاد طريقة لتسليمه مباشرة إلى جزء الخلية الذي يحتاجه.

من خلال استخدام "الرنا المرسال"، تمكنا من توصيل الجزيء مباشرة إلى الميتوكوندريا، وهي الهياكل التي تنتج الطاقة في الخلايا، وهو مكان التأثير المقصود كما نعتقد، مما يسمح لنا باستخدام جرعات ضئيلة، والتي تكون أقل تسبباً بآثار جانبية.

نأمل في استخدام الأدوات الجزيئية مثل هذا، أن نتمكن في نهاية المطاف من إزالة الخلايا المسنة في الأشخاص الأحياء، مما قد يسمح لنا باستهداف العديد من الأمراض المرتبطة بالعمر في وقت واحد.

لورنا هاريس، أستاذة مشاركة في علم الوراثة الجزيئية، جامعة إكسيتر ومات وايتمان، أستاذ علم التداوي التجريبي، جامعة إكسيتر.

إمسح وإقرأ

المصادر

شارك

المساهمون


اترك تعليقاً () تعليقات